عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #17
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


قصة »يهودية«



احتج لورنس سامرز على الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل في الجامعات الأميركية. قال إنه يهودي غير ممارس ولكنه بات يشعر برذاذ العداء للسامية يطاله. رد عليه ادوارد سعيد بأن من يكون رئيساً لمعهد هارفرد لا يمكنه ادعاء وجود تمييز ضده. وجاءت دراسة نشرت أمس عن أحوال يهود أميركا تؤكد رأي سعيد. فيهود الولايات المتحدة هم أكثر حضوراً في الفئات المحظوظة والنافذة من المجتمع من نسبتهم إلى عدد السكان. لم يتوقف سعيد كثيراً عند شكوى سامرز من انحياز اليسار الأميركي، والراديكالي منه تحديداً، إلى جانب الفلسطينيين.
* * *
يصعب اعتبار آل غور يسارياً. فهو، مع بيل كلينتون، قادا الحزب الديموقراطي إلى الوسط. ويستحيل الزعم أن نائب الرئيس السابق ليس شديد التعاطف مع إسرائيل. غير أن ذلك لم يمنعه من إعلان تمايزه الحاد عن السياسة الأميركية في ما يخص العراق. خلاف آل غور مع جورج بوش ليس حدثاً. ولكن الافتراق بينه وبين جوزف ليبرمان حدث كبير بالمقاييس كلها. فالثاني كان شريكه في معركة الرئاسة الماضية. ولكنه يتزعم حالياً تياراً في حزبه يحض الإدارة على المواجهة العسكرية وتغيير النظام في بغداد. ولقد كان حاضراً في البيت الأبيض لحظة الإعلان عن تباشير التوافق بين بوش والكونغرس حول صلاحية شن الحرب.
وفي وقت يلعب هذا العنوان دوراً محورياً في الحملة الانتخابية النصفية، وفي وقت يضعف الخلاف بين آل غور وليبرمان من حظوظ الحزب الديموقراطي، فإن التباين له أبعاد أخرى.
يقف ديموقراطيون إلى جانب آل غور بينهم ممثلون عن الأقليات (السود تحديداً) وعدد من النواب والشيوخ اليهود. ولكن الكتلة الرئيسية من يهود الحزب الديموقراطي تصطف وراء ليبرمان ومعها مرشحون يخشون فقدان معركتهم.
الجديد في هذه الحالة هو أنه، لأول مرة تقريباً، يحصل شقاق واضح بين اليهود الديموقراطيين وبين ممثل جدي لمزاج هذا الحزب يؤيده من هم في يساره (كنيدي مثلاً).
يؤكد هذا الشقاق (عدا شكوى سامرز) ظاهرة انحياز نخب يهودية أميركية إلى اليمين. ويطرح، في السياق نفسه، سؤالاً كبيراً على الحزب الديموقراطي ومصيره. وبهذا المعنى تصبح المتابعة واجبة لهذا الجانب في الانتخابات بعد أسابيع. فإذا تأكد أن الحزب الجمهوري زاد نفوذه في هذه البيئة فسيؤكد ذلك اتجاهاً عالمياً يقول إن »الدياسبورا« باتت تعاني من مشاكل جدية في علاقتها مع »الجناح المتنور من الإنسانية« وإن تحالفاتها تنحصر، أكثر فأكثر، باليمين واليمين الأقصى.
* * *
»لندن ريفيو أوف بوكس«، »نيويورك ريفيو أوف بوكس«، »لوموند«، ثلاث مؤسسات إعلامية شديدة النفوذ في بريطانيا والولايات المتحدة، وفرنسا على التوالي. من الأولى مقال عنوانه »الدفع باتجاه الحرب« لأناتول ليفين. من الثانية مقال عنوانه »جورج بوش والعالم« لفرانسيس فيتزجرالد. من الثالثة تحقيق عنوانه »كيف يؤثر المحافظون الجدد على السياسة الأميركية« لباتريك جارو. نقتطف من الثالث مقطعاً طويلاً بعض الشيء: »لأن بينهم من يسمى كوهين، أو كاغان، أو كراوتهامر، وعدداً من هورويتز، ولأنهم يدافعون عن إسرائيل بلا شروط، فإن خصومهم صنّفوهم في خانة مجموعات الضغط اليهودية. وهذا التصنيف معبأ بالأفكار المسبقة... ولكن الحقيقة هي أن مغامرة المحافظين الجدد هي، جزئياً، وفي البداية، قصة يهودية«. يعبّر هذا المقطع عن روحية المقالات المشار إليها.
ليس أسهل من ابتذال تهمة اللاسامية وإلصاقها بهذه المؤسسات الإعلامية. فهي، بحديثها عمّن يحيط ببوش من المتطرفين، وعمّن يدفع باتجاه الحرب على العراق، وعمن يمارس تأثيراً متزايداً في رسم توجهات السياسة الخارجية الأميركية، إنها، بهذا الحديث، لاحظت حضوراً قوياً ل»المحافظين الجدد« وهم، في معظمهم، يساريون متطرفون سابقون ويهود تحولوا في الثمانينيات وبعدها الى اليمين المتطرف. ويتضمن هذا التعريف الجديد ليس الموقف من »الآخر« فحسب وإنما، أيضاً، المواقف من مجموعة القضايا الداخلية في أميركا، وهي اقتصادية واجتماعية، التي تدور حولها الانقسامات الفكرية.
كل ما فعلته هذه المدرسة هو أنها جعلت »رسوليتها« الأممية السابقة في خدمة نزعة شديدة المحافظة وشديدة الاعتداد ب»القيم الأميركية«، ودعت، بناء على ذلك، الى ممارسة دور امبريالي متحرر من كل شعور بالذنب. ولقد التقت، في ذلك، مع تحول كان يعيشه المجتمع الإسرائيلي نفسه بحيث بات في الإمكان ليس الدفاع عن إسرائيل في أميركا بل الدفاع عن إسرائيل الليكودية.
ترمي هذه المدرسة بثقلها كله وراء الحرب على العراق. ولقد نجح تحالفها مع أصوليات مسيحية (ذات ماض لا سامٍ) ومع أصحاب مصالح نفطية وعسكرية في السيطرة على مراكز القرار. ولم يكن ذلك ليحصل لولا أن ال»واسب« الحاكمين يعيشون تماهياً بين رؤيتهم لمصالح أميركا ورؤية اليمين القومي الإسرائيلي لمصالحه. ويمكن، بناء على ذلك، فهم أن الحرب على العراق هي موضع نقاش حتى في الولايات المتحدة وبريطانيا وإنما ليس في إسرائيل!
* * *
عودة الى لورنس سامرز الذي كان مسؤولاً في إدارة كلينتون. دعا، ذات مرة، الى نقل الصناعات التلويثية الى العالم الثالث لأن الإنسان الذي قد تقتله هناك أقل كلفة من ذلك الذي قد تقتله في العالم المتقدم. كان ذلك قبل سنوات. ليس من حقه، اليوم، أن يشكو من ان قضايا عربية عادلة، من فلسطين إلى رفض الحرب على العراق، تخاطب المزاج الأكثر تقدمية في العالم. لا يستطيع المرء أن يحصل، في الوقت نفسه، على بوش وشارون و... راحة الضمير!

10/10/2001

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04539 seconds with 11 queries