الموضوع: حوارات أدونيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/11/2007   #4
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


مدن مختلفة
عباس : إذا، نحن لسنا أمـام كـتاب شـعر بالمعنى البسيط للكلمة؟
أدونيس : لا، طبعا. هو كمثل اسمه "كتاب"، كتاب جامع.
عباس : أسـأل نفسي سؤالا لدى قـراءتي الكتاب (المجلد الأول والثاني) ولا سيـمـا الثـاني، هذا الكتـاب أولا بتـسلسله التاريخي، وثانيـا بتركـيزه على خيط مـضيء ومـتـسلسل ويعـبـر عنه بالشخـصيات، وهي شخصيات تكاد لا يجمعها شيء محدد، فهي بين ناسك وفاجر، زنديق ومؤمن الخ.. يجمعها إلى حـد كـبير- مشاركـتها بنهضة ما، بحضـارة، بموقف غير تقليدي. هل هذا في موازاة الشعري، هل الكتاب في موازاة الثـابت والمتحول، بحـيث يبـدو أن خطة الثابت والمتحول موجودة هنا فكريا إلى حد كبير؟
أدونيس : بشكل ما، إذا أردنا التبسيط.
عباس : إذا رجعنا للكتاب نفسه، هذا الحجم (600 صفحـة تقريبا) الذي يشكل تبعا لخطة تتكرر تقريبا، هناك شعر للمتنبي، بيت للمتنبي، هناك- إلى حد كبير- وقائع وشخصيات، وهناك ما يمكن أن نسميه الرواية، وهناك المدن التي جـعلتها أبجـد، في هذا الكتاب، هل انبنى نص متصـاعد، كل خطوة فيه مفترقة عن الأخرى، أم أن طابع السيولة الشعرية جعل الأشياء إلى حد أكثر اختلاطا، أو تمايزا؟
أدونيس : بناء، "الكتاب" كما خططت له أساسا، ليس تصاعديا، بالمعنى الذي تشير إليه. بناؤه دائري، شبكي. التصاعد إن كان لا بد من الكلام عليه، هو في وتيرة الانفجار، في التوتر والتأزم، في حياة المتنبي وتقلبات العلاقات. فقارئ "الكتاب" لا يصعد سلما، بل يهبط في الأنفاق والمخابئ. لا يسير من " قدم" الحكاية إلى "رأسها" أو العكس، إنما يجيء ويذهب في جسد التاريخ العربي، في شرايينه وأغواره، وفي جميع ا لاتجاهات.
عباس : أريد أن أسأل عن أبجد المدن. هل هذه المدن مدينة واحدة؟ أهي مـدن مـتمايزة؟ ألها ما يقابلها في المدن العربية؟
أدونيس : هي نماذج أو رموز للمدينة العربية، أو للمدن العربية.
عباس : أهي مدن محددة؟ ما لم أفهمه هو الجانب المكاني في هذه المدن. تحس أنها مدن أفكار. مدن تعبر عن المفهومات أكثر مما تعبر عن الأمكنة.
أدونيس : وهذا ما قصدته، الارتفاع بواقع المدن العربية إلى مستوى الرمز، لكي تجيء الإضاءة أكثر شمولا. والمدينة، إبداعيا أو حضاريا، زمن أكـثر مما هي مكان. ليس مكان المدينة هو ما يعطيها هويتها- وانما يعطيها هويتها زمن هذا المكان: كيف يتحرك، بماذا "يمتلئ" وكيف؟ فالكتاب لا يقدم توثيقا جغرافيا أو تاريخيا. لا يقدم دراسة طوبوغرافية لهذه المدن. ولهذا فهي، بالضرورة، رموز، ومفهومات وعلاقات، وصور، و مجازات.
عباس : لكن هل تكرارية المجتمع العربي تقتضي أن تقابلها تكرارية شعرية؟
أدونيس : ماذا تعني بالتكرارية الشعرية؟ هل هي مثلا في أن يكتب الشاعـر عن الموت وحـده، ولا شيء غيره؟ أو عن الحب ولا شيء غيره؟ التكرار لا يكون في المادة أو الموضوع، وإلا لكانت المادة الشـعـرية مكررة منذ بدايات القول الشعري، ولكانت نفدت وانتهت، ولكان الشعر انتهى. التكرار يكون في طريقة القول وزاوية الرؤية، وطرق القول لا تنتهي. أهناك تكرار في "الكتـاب" على مستوى طريقة القول، لا أظن. لكن هناك إلحاح (ولا أقول تكرار) على التعبير عن مادة العنف والقتل؟ وهو تعبير- تنويع متعدد للإحاطة بجميع الدقائق والتفاصيل الخاصة بهذه المادة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03555 seconds with 11 queries