عرض مشاركة واحدة
قديم 11/01/2008   #53
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


يقول الأديب جمال الغيطاني لم أر إنسانا ارتبط بمكان نشأته الأولي مثل نجيب محفوظ، عاش في الجمالية اثني عشر عاما هي الأعوام الأولي من عمره ثم انتقل الي العباسية لكنه ظل مشدودا إلي الحواري والأزقة إلي الحسين إلي الجمالية إلي الناس الذين عرفهم وعرفوه ثم كان المكان محورا لاّهم وأعظم أعمال الأدبية (5)
هنا تبرق خصوصية المكان في أحداث أعمال نجيب محفوظ الروائية وأهمية توظيف هذا العنصر بشكل يخترق الواقع البيئي وما تنتجه الحارة أو الحي من أشخاص يتحاورون ويصنعون في نفس الوقت عالما يخصهم تتجسد فيه عاداتهم: أفراحهم وأحزانهم وأوجاعهم. التماسك الأسري الذي ترجمه محفوظ من خلال علاقته مع عائلته التي يشعر أنها كانت علاقة مثالية من بداية حميمية الأب مع الأم والتعاطف مع الأبناء والتراحم الموجود بين العائلات وبعضها البعض. الزيارات التي تؤكد المودة بشكل تفقده المدنية والأحياء الراقية، حيث نجد الفرد يعيش بمعزل عن الآخر.
فالمكان يمثل دلالة واعية لجغرافية الحي من مقهي، صالون الحلاقة، محل البقالة، مكان المكوجي، البيوت التي تعلوها المشربيات، المساجد، المآذن، الميادين والحارات، مراسم الأفراح، المناسبات الدينية عندما يهل شهر رمضان بنفحاته الإيمانية والروحانية ويقوم الصبية بتعليق الزينات في مداخل الحارات والأحياء البسيطة، إحياء هذه الليالي بقراءة القرآن الكريم، حفلات الفطور التي تقام في المساجد.. كل هذه المظاهر كانت تشكل لنجيب محفوظ جزءا كبيرا من خياله الجامح الفذ الذي استطاع ببراعة فائقة أن يجعل روايته من لحم ودم هؤلاء جميعا.
«إن ما يحركني حقيقة عالم الحارة هناك البعض يقع اختيارهم علي مكان واقعي أو خيالي أو فترة من التاريخ ولكن عالمي الأثير هو الحارة، أصبحت الحارة خلفية لمعظم أعمالي حتي أعيش في المنطقة التي أحبها» (6).
كانت هذه القراءة المتأنية في عنصر المكان لبعض أعمال الروائي العالمي نجيب محفوظ هي بمثابة إلقاء الضوء علي حياة هذا الراحل الكبير في عالم الأدب خاصة الرواية وما حقق من مكانة عالمية وما أضفي علي الأدب العربي من شهرة بين الآداب الأخري مثل الأدب الروسي والفرنسي والإنجليزي، مما أوجب علينا أن نُحيي رحيله من خلال أحاديثه الجميلة التي أرخت حياته الإبداعية من بداية الحارة مرورا بمراحل عمرية مختلفة حتي توج بجائزة نوبل عام 1988.
هذه القراءة ما هي إلا زهرة نادية نضعها بأيد حانية علي تاريخ هذا المبدع الذي اتسم بكل صفات الكاتب المتواضع فرفعه الله عز وجل أعلي مكانة في الأدب العالمي.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03828 seconds with 11 queries