عرض مشاركة واحدة
قديم 27/05/2007   #1
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي لماذا هناك ذكر وأنثى؟؟


كارل ساغان

حسب أسطورة رواها أفلاطون كان البشر كرات تدور و تتحرك حتى أزعجت بحركتها الآلهة فقررت الآلهة أن تقسم الكرات نصفين ومن حينها يبحث كل نصف عن نصفه الآخر. وبحسب اعتقاد آخر شعر آدم بالملل فخلق الله له شريكا يؤنس وحدته ويخفف ملله.

لكن العلم يطرح السؤال بواقعية ويسأل لماذا هناك جنس وتكاثر جنسي لماذا هناك ذكر وأنثى ولنحاول أن نرى مقاربة العلم لهذا الموضوع بشكل مختصر.

العديد من الكائنات الحية مثل البكتيريا والبروتوزا تستطيع بكل بساطة ان تقسم نفسها إلى انثنين بدون الحاجة إلى شريك ، الحيوانات اللاجنسية نادرة ولكنها موجودة فبعض أنواع السحالي في غرب الولايات المتحدة ليس فيها ذكر فالأنثى تعتلي أنثى أخرى وتدور حولها وكأنها تقلد الذكر، يعتقد العلماء أن هذا يجعل الأنثى الأخرى تبيض كما أنها لاتحتاج الى النطاف لتلقيح البيوض فالبيضة تبدأ بالانقسام والنمو وعندما تلد الأنثى فهي تلد اناثا تتشابه مع الأم .

الجنس من وجهة نظر أولية هو كارثة تطورية فهو طريقة غير فعالة في التكاثر ففي عالم السحالي اللاجنسية كل سحلية تستطيع ان تحمل طفلها الخاص ، أما في عالم الكائنات الجنسية نصف المجتمع فقط يستطيع ذلك ، فلو كان هناك مجتمع من الكائنات اللاجنسية والكائنات الجنسية يعيشان معا لفاق عدد الأولى الثانية بسرعة توالدها التصاعدية. اضافة إلى أن الجنس يحمل نفقات اضافية عندما تتصارع الذكور بالقرون أو بالغناء فهي تصرف طاقة كبيرة ، لابل أنها تعرض نفسها في كثير من الاحيان للافتراس.

ولكن مع ذلك هناك جنس ، فذكور الطاووس لايبدون اي نزعة للتخلص من ذيلوهم الثقيلة ، الاجيال الجديدة من ذكورالعناكب حمراء الظهر لاتتوقف عن رمي نفسها في أفواه الاناث كما فعل أباؤوها ، و نسبة ضئيلة فقط من الفقاريات تعتمد التكاثر اللاجنسي. فما السر ، لماذا ينجح الجنس رغم كل المساوىء

طور العلماء فرضية غريبة تقول أن الجنس يقاوم الطفيليات ، فالطفيليات تستهلك أجسام عوائلها وأي ميزة تطورية تخلص العوائل من الطفيليات تصبح ناجحة جدا ومرغوبة.

في عام 1970 بنى مجموعة من علماء البيولوجيا نموذجا رياضيا عن التطور المتشارك Coevolution بين الطفيليات Parasites وعوائلها Hosts ووجدوا أن النموذج يدخل في حلقة تكرارية ، لنتخيل مجموعة من الأسماك تتكاثر بالاستنساخ كل سمكة هي نسخة من أمها ، ولكن الأسماك ليست كلها نسخ طبق الاصل عن بعضها فالطفرات تظهر في بعضها وتورث إلى الذرية وتشكل بذلك سلالة يمكن تميزها عن باقي السلالات.

والآن لنفترض أن طفيليا مميتا غزى البحيرة ، الطفيلي يتطفر أثناء انتشاره ، مشكلا سلالات خاصة به ، بعض السلالات ستكون أفضل في مهاجمة سلالة معينة من الأسماك وحالا ستصبح هي السلالة الشائعة في مجتمع الطفيليات ، السلالات الأخرى ستنحصر في عدد محدود من العوائل وتتضاءل إلى مستويات صغيرة.

ولكن الطفيليات بذلك تهدم نجاحها الخاص فهي تزدهر وتنمو بكثافة في سلالات الاسماك التي تهاجمها (ولنسمها الاسماك سلالة أ) وتقضي عليها بأسرع مما تستطيع أن تتكاثر ، وعدد أفراد الأسماك من النوع أ سيتضاءل وتختفي ، والأن ستجد طفيلياتها وقتا صعبا في البحث عن عائل جديد لتصيبه وبذلك تتناقص أعدداها كذلك.

هذا الهجوم على الاسماك من السلالة أ يعطي السلالات النادرة الاخرى فرصة ، وفي النهاية ستسود سلالة أخرى من الاسماك ولنسمها السلالة ب وبنموها الناجح تصبح ارضا خصبة للأنواع النادرة من الطفيليات التي تتكيف معها وتتضاعف مستفيدة من النمو الانفجاري لعوائلها ، وعندها فإن نوع الاسماك ب سيتدهور ليحل مكانه سلالة أخرى ج مثلا وهكذا.

يطلق علماء الاحياء على هذا النموذج من التطور فرضية الملكة الحمراء وهو اسم اقتبس من قصة أليس في بلاد العجائب حيث أن ملكة القلوب تأخذ أليس في مسير طويل وفي النهاية لايذهبوا لمكان أي انهم يسيرون ويسيرون ليبقوا في نفس المكان ، فالطفيليات وعوائلها تتعرض لكمية كبيرة من التطور ، ولكنها لاتنتج أي تغير طويل الأمد أي أنهم يراوحون مكانهم تطوريا.
طرح العالم وليام هاملتون في بداية الثمانينات امكانية أن يكون الجنس ميزة للحيوانات التي تناضل خلال سباق الملكة الحمراء هذا لأنه يجعل من الصعب على الطفيليات أن تتكيف معها ، الحيوان الجنسي هو ليس نسخة من أمه فهو يحمل تركيب من جينات أمه وأبيه وهذا التركيب ليس دمجا بسيطا لجينات أبويه.

عندما تنقسم الخلايا إلى نطاف وبيوضات كل زوج من الكروموسومات يلتف حول الزوج الأخر ويتبدالا الجينات وبفضل التزاوج الجنسي تختلط جينات الذكر والأنثى في بلايين من التراكيب الممكنة في ذرياتهم.

وكنتيجة لذلك لاتتطور السمكة الجنسية الى سلالة محددة فجيناتها تتبعثر في مجتمع البحيرة ممتزجة مع جينات غيرها من الاسماك ، جينات السمكة التي فقدت قدرتها على الحماية من الطفيليات يمكن ان تحفظ بعيدا في DNA سمكة تحمل أيضا جينا أفضل. هذه الجينات المنسقة الغير مستفاد منها يمكن فيما بعد ان تؤمن حماية أفضل ضد السلالات الجديدة من الطفيليات ، طبعا الطفيليات لاتزال قادرة على اصابة الأسماك التي تتكاثر بطريقة جنسية ولكنها لاتجبرها على دورات دراماتيكية من الازدهار والإنكماش كما تعاني أقرانها المستنسخة (اللاجنسية).

الافكار المعروضة سابقا مترجمة مني بتصرف عن كتاب التطور انتصار فكرة : من دارون إلى الدنا للمؤلف المبدع كارل زيمر Evolution The Triumph of an idea: from DARWIN to DNA
Carl Zimmer طبعة 2003



13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05139 seconds with 11 queries