أزمنة الجنس الخلفي
نقصد بالجنس الخلفي سيطرة الوضعية التي يكون فيها الرجل وراء الأنثى في العملية الجنسية ويصفها ليوناردو دا فينشي بأن يصبح الشريكان كائنا ذو ظهرين وهي مجموعة من الوضعيات المعروفة في كتب الكاماسوترا القديمة أو الحديثة أشهرها وضعية البقرة أو وضعية الملعقة والتي صارت اليوم نوعا من الترفيه الجنسي سواء في إطار الزوجية أو خارجه وما ذلك سوى حنين لممارسات مترسبة في اللاوعي الجمعي.
تظهر أزمنة الجنس الخلفي هذه كلما زادت السلطة الذكورية حيث تصبح المتعة شأنا ذكوريا خالصا. ان الجنس الخلفي هو مقياس صادق وشفاف على انحطاط جماعة ما.
عادة ما ترتبط أزمنة الجنس الخلفي بالرق حيث تكون الأنثى وسيلة إشباع جسدي عشوائية فالرجل في مجتمع خاضع لتقسيم طبقي حاد هو إما صاحب ملكية مطلقة فلسفته في الحياة السيطرة والإخضاع يرى كل ما حوله في حكم العبيد وينعكس هذا في ممارسته للجنس ولو مع امرأة حرة مثل زوجته . إن الحياة اليومية تلقي بظلالها على أخلاقيات الفراش.
أو أن الرجل معدوم السلطة -غالبا هو فلاح أو جندي- فهو لا يملك حساسيات مرهفة للتمتع بالجسد الأنثوي بالمعنى الجمالي وليس لديه إلا جسد زوجته ليقيم فيه سلطة فيتسم الجنس بالعنف والتوتر.
السبب الثاني هو سلبية المرأة في مجتمعها أي أنها لا تقنع الرجل بإنسانيتها وهذا للأسف ليس نادرا في العديد من الجماعات الإنسانية فلا يمكن تجاهل هذه الحالة بحجة أن الشاذ لا يمكن أن يقاس عليه. إن الرجل يملك معرفة خطيرة هي اللذة التي يوفرها الجنس ولأنه يحتقر المرأة فهو لا يريد أن يرفعها إلى مكانته. . يستغل الرجل دائما محدودية الوعي الأنثوي بالجنس قبل الزواج وهذا مرتبط بشرط العذرية التي يجب أن يتوفر في المرأة وليس في الرجل الذي يعيش قبل الزواج إذا أراد انفتاحا على الجنس الآخر. يستغل الذكر إذن هذا التفوق المعرفي ليقصي الأنثى من مضمار اللذة المتوفرة في الجنس هذا هو وهم الذكر الأبدي بيد أن هذه الوضعية نفسها ستقوده إلى اكتشاف متعته في إرضاء الشريك والبحث عن إشباع أوسع يشمل الجانب الروحاني أكثر من الجسدي ولكن هذا الاكتشاف يخرجنا عن إطار أزمنة الجنس الخلفي.
السبب الثالث للممارسات الجنسية الخلفية هو عدم الاستقرار النفسي للمجتمعات التي تعيش تحت طائلة الكوارث إما الطبيعية أو الإنسانية – الحرب – فالمتعة الجنسية ترف لا حق لهم فيه
و ان لرجل – المحارب خاصة – يرى أن قواه تنحل إذا خضع لجسد المرأة فهو يستنزف طاقته في الصمود أمام المكاره التي تقتضيها الحرب. لذلك فهو حريص على الاشباع وازالة توتره الجسدي دون البحث عن المتعة.
لازمت هذه المرحلة أوروبا مع العصور الوسطى التي تدعى بالعصور المظلمة وهي مظلمة جنسيا كما ظهرت في الصين حسب ما تدل العديد من الرسومات في عهود مختلفة من تاريخها كما أن الكثير من القبائل البدائية تعتبر أن هذا هو الشكل الطبيعي للجنس وقد يكون مرد ذلك هو تقليد الطرق الحيوانية في الجنس.
وعلي أن ألاحظ اخير ان الجنسي الخلفي لا يدخل فيه الجنس الشرجي أو السدومية ولا الجنس المثلي وهي أنماط من الجنس تستغل الأوضاع الخلفية ولكنها تأتي في أطر مستقلة سوف نخصص لها مجالا لأنها تتوفر على عناصر تجعل منها أزمنة مستقلة بذاتها.
|