الموضوع: ديمة ونوس
عرض مشاركة واحدة
قديم 16/08/2009   #4
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


يمين... يسار! - ديمة ونوس

بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ساهمت الكآبة السوداء ورائحة الموت التي عششت بإصرار في لبنان بتعميق المسافة بين النظام والنخبة في كل من دمشق وبيروت. تلك المسافة التي تلونها الأزمات والمصائب في المنطقة. النظام في تلك المرحلة كان يأمل من هذه النخبة غير المعترف بها أصلاً والتي لا تُستخدم إلا في الأزمات،
أن تتجاهل كل مشاكلها الداخلية لتقف إلى جانبه في وجه الضغوط والاتهامات الباطلة. كان ينادي بالوحدة الوطنية في دمشق وتوحيد الشرائح كلها لمواجهة التحديات. هذه الشرائح التي لا يُطلب منها التوحد إلا في أوقات الوهن والهشاشة. في هذه المرحلة الجنائزية، ازدادت كثافة الفجوة بين النظام والنخبة. خاصة بعد ظهور أعداء النظام الجدد الذين كانوا جزءاً منه ودعامة ارتكز عليها لسنوات. لم تكن النخبة هذه تحتاج خروج عبد الحليم خدام من النظام وانشقاقه عن دمشق حتى تعترف بكرهها له وحقدها على سنوات كان هو من المخربين الرئيسيين فيها. سنة بعد حادثة الاغتيال والحوادث التي لحقت بها، والشرخ يزداد اتساعاً. النخبة كانت في تلك المرحلة تأمل من هذا النظام أن يتعامل مع الأزمة بصبر وحب. لا حب في السياسة ولا عواطف تجيش في الأمور المصيرية، كلنا نعرف ذلك. لكن الحب كان الأقدر في تلك المرحلة على تجاوز سنوات الألم وخلق مساحة جديدة من التأمل والصفاء. سنة مرت، إثنا عشر شهراً من الكآبة، أيام من عدم الاستقرار والخوف من هذه المرحلة الانتقالية التي لم تعلمنا التجارب السابقة كيف نتعامل معها، كيف نمر من أمامها دون أن تمسنا أو تمس مشاعر الحب التي نكنها للبنانيين، جيراننا.
سنة ونصف بعد حادثة الاغتيال والاغتيالات الأخرى، دخل لبنان حرباً جديدة مع إسرائيل. حتى هذه اللحظة كان الاختلاف يطعن كل الصلات بين النظام والنخبة. هذه النخبة التي آلمها قرار الحرب وأحزنها تغييب الشعب اللبناني عن هذا القرار المصيري الذي ربما يجرجر المنطقة كلها إلى المجهول. لم تعتقد هذه النخبة ولو لثانية واحدة فقط أن المقاومة المتمثلة بحزب الله اللبناني ستفوز بمعركتها. على العكس تماماً، كان الخوف وعبق الصواريخ القاتل يخيمان فوق سماء دمشق جارة لبنان. المشاهد الصباحية التي كان أطفال الجنوب هم أبطالها، أطفال سقطت الصواريخ الإسرائيلية على بيوتهم فتطايرت أجسادهم الهزيلة أشلاء، هذه المشاهد المؤلمة عززت كره تلك النخبة لقرار الحرب الفردي. الحرب التي لم تشن حينها إلا لترتيب الأولويات في الداخل اللبناني، إلا لإثبات حاجة لبنان لقوة عسكرية غير نظامية تمتلك قدرة جبارة لمقاومة عدو لبنان الأوحد إسرائيل.
بعد وقف إطلاق النار، وانسحاب الكبرياء الإسرائيلي مهزوماً، بدأت ملامح الإجماع تتشكل وتبدو أكثر وضوحاً. لأول مرة تبدو النخبة في دمشق مجمعة على ما يجمع عليه النظام. لأول مرة تعشق النخبة حالة عشقها النظام ودافع عنها. فوز المقاومة وخسارة إسرائيل التاريخية عوضت للمرة الأولى مشاعر الهزيمة لدى تلك النخبة. الهزيمة التي كانت قدر البلدان العربية في مواجهة أعدائها، وقدر الشعوب العربية في مواجهة أنظمتها القمعية. للمرة الأولى ربما، لا تحس تلك النخبة بالندم والقهر. فالتجارب علمتها أن الندم هو مصير أي مبادرة يتخذها حكام المنطقة في أي شأن من الشؤون. علمتها أن التراجع هو اللغة السائدة، والخسارة هي خبز الحياة وملحها.
خطابات السيد حسن نصرالله المحكمة التي تعج بالذكاء والدهاء السياسي الشعبي، أوقدت الحب لدى هذه النخبة. جعلتها تنتظر في البيت للتواصل مع عينيه الخجولتين من خلال الشاشة الصغيرة. استطاع السيد بوعوده «الصادقة» أن يجمع حشداً من العلمانيين المثقفين والمعارضين أمام شاشات التلفزيون. يستمعون إليه بدهشة وسعادة. تتجمع الدموع في أعينهم التي لم تشهد حتى الآن أي انتصار حقيقي ولا حتى انتصار الفريق الوطني لكرة القدم. حضور السيد حسن نصر الله خلق انشقاقاً غريباً بين النخبة أيضاً. فمنهم من يدافع عنه وعن انتصاره التاريخي ومنهم من يتهمه بالمغامرة بمنطقة بأكملها. البعض يرى أن هزيمة إسرائيل هي الأولوية العظمى وأن الإهانة التي يشعر بها العربي تستحق الوقوف مع السيد ومع المقاومة الباسلة. والبعض الآخر يرى أن هذا الانتصار ليس سوى انتصار لفكر حزب الله ولطموحاته بالسيطرة على لبنان والمنطقة، وأن مغازلة السيد تنم عن مغازلة النظام. النخبة ذاتها لم تفلح سابقاً بفصل مشاعرها في ما يتعلق بالعراق، فهي ضد صدام حسين وضد الأميركيين كما هي اليوم ضد حسن نصرالله وضد جماعة الرابع عشر من آذار.
في كل مرة يخطــب فيها الســيد حسـن نصرالله، تشاهده هذه النخبة بعين لا تخلو من الحزن متمنية لو أن المسـؤولين في بلدها يمتلكون ربع قدرة السيد على الكــلام بشكــل متــزن. السيد الذي يبدأ خطابه بالبسملـة لا يكمله إلا بأسلوب راق وشعبي في الوقــت ذاته. خــطاب يخلو من الحماسـة الدينيــة والتجيــيش الجهادي. خطاب عميق، ودود، ذكي. على الأقل، السيد يفعل ما يقول ولا يقول إلا ما هو متأكد من حتمية القيام به. على الأقل، السيد يعرف ماذا يريد بغض النظر عن طموحاته، فلا يقول ما سيتراجع عنه بعد أيام أو يصحح معناه. في كل مرة يخطب فيها سماحة السيد حسن نصرالله، تتمنى هذه النخبة لو أن المسؤولين في حكومتها يتعظون قليلاً ويتعلمون كيفية تركيب جمل مفيدة يواجهون بها الجمهور المسكين.
حتى في لبنان، يبدو الانقسام جلياً بين زعماء النخبة. منهم من كان معارضة منذ سنتين لكنه الآن من الموالين، ومنهم من كان ولا يزال من المعارضة مع اختلاف فئاتها بين اليوم والبارحة. حتى في لبنان، يبدو الانقسام جلياً في افتتاحيات الصحف المستقلة التي تتراوح بين اليمين واليسار. المشكلة أن النخبة الثقافية أو السياسية في كل من بيروت ودمشق لا يمكن لها إلا أن تتأرجح بين ذلك اليمين وذلك اليسار. فالانتصار التاريخي على إسرائيل يثير إعجاب كل النخب، الحاكمة منها والمعارضة، كما تثير الطموحات الإسلامية خوف معظم الشرائح ومعظم الأنظمة العلمانية التي جعلت من الإسلام المتشدد بديلها الوحيد.

السفير



انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05076 seconds with 11 queries