عرض مشاركة واحدة
قديم 23/02/2008   #15
شب و شيخ الشباب خوليو
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ خوليو
خوليو is offline
 
نورنا ب:
Apr 2007
مشاركات:
21

افتراضي


حينما افتتحوا "نهر قويق" .. هممت إلى الحديقة العامّة لأتفحّص الأمر .. أنا الذي قطعت صلتي مع "الطبيعة" ومع "مشاوير التمشاية في الحدائق" .. منذ زمن بعيد .. وما ذلك إلا لأسباب تتعلّق بالكسل ..
هناك مقولة يرددها أبي دوماً : السيّارة "وما تزرعه فيك من كسل" تحطّم علاقتك مع تفاصيل الأشياء .. مع رائحة الوطن .. مع أغلب مشاكل الناس اليوميّة ..

يومها تذكّرت هذا الشعور .. حينما دخلت الحديقة وجلست على كرسيّ خشبي أمام النهر .. وابتعت "كأس قهوة" من بائع جوّال رثّ الثياب .. ثمّ أشعلت سيجارتي وبدأت أتأمّل الناس ..

تأمّلتهم كيف يتجمّعون حول النهر ويصيحون "شلّال .. شلّال" .. وما ذاك الشلّال إلا صفّ صخر .. يعلو الآخر بمتر أو اثنين ..
وتأمّلت كهلاً .. بدت عليه معالم الفقر كثيراً .. وارتسمت على خدوده خوازيق السنين .. يفتح جريدة "تشرين أو الثورة أو البعث" .. يقلّب صفحاتها باهتمام دعاني للشك برداءة هذه الجرائد ..

وتأمّلت أباً .. يركل ابنه لأنّه تهوّر واقترب كثيراً من حافّة "الكورنيش" .. وآخر يتأبّط زوجته "التي لم يظهر منها شيئ" ... يمشي بخيلاء .. وكأنّه يمنّي امرأته بهذه الجولة .. وبأنّه أخرجها اليوم من المنزل للاستجمام ..

رأيت ولدين يتصارعان من أجل خمس ليرات ..

وأكثر ما أثّر بنفسي .. حينما رأيت "بائع القهوة" .. يتّجه نحو طفلين .. أظنّهما لم يتجاوزا المرحلة الابتدائيّة .. يجادلهما بسعر "فنجان القهوة" .. فاشترطا عليه أن يعطيهما مع "الفنجان" .. "سيكارتين" حمراء طويلة ..
وهزّ البائع "رثّ الثياب" رأسه بالموافقة أخيراً .. ثمّ أخرج "قدّاحة" وأشعل لهما سيجارتيهما ..


أخذا ينفثانها .. حتّى خجلت من نفسي أمامهما وأطفأت سيجارتي .. وأحسست بصدمة مشهد لم آلفه منذ سنين طويلة جداً .. واختفت من عيني ملامح طفولتيهما .. وصرت أجد في طريقة اتكائهما على "الكورنيش" .. والتحليق الوقح في وجوه الناس .. رجولة و"عنتريّة" قرّفتني المشهد .. وقرّفتني نهر "قويق" ..



خوليو
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03380 seconds with 11 queries