الموضوع: فـلاسفـــة !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 02/10/2008   #20
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي


دو بوفوار والسياسة

كانت دو بوفوار تجسّد الفكر الوجودي في السياسة عبر فكرة «الالتزام». فكانت تدافع عن أفكارها السياسية بالقوة نفسها وتمثّل اليسار المثقّف الفرنسي. كانت مواقفها السياسية دوماً واضحة في تلك الحقبة التي عرفت الكثير من الأزمات، وقيل انها تحمل دوماً قضايا الشعب. وجالت الكاتبة على الزعماء اليساريين فقابلت غيفارا وكاسترو، وماو تسي تونغ في الصين. كذلك عبّرت عن آرائها في المواضيع الساخنة فجاهرت برفضها الحرب الأميركية على فييتنام، والاحتلال الفرنسي للجزائر. ونادت بالسلام في الشرق الأوسط معتبرة أنه يتحقق بقيام الدولة الاسرائيلية الى جانب تلك الفلسطينية، فزارت اسرائيل واجتمعت هي وسارتر بجمال عبد الناصر في مصر وتكلمت بالتفصيل عن هاتين الزيارتين في كتابها «Tout compte fait».


دو بوفوار والمرأة

رحلت دو بوفوار، تاركة وراءها فلسفة نسائية اتّسمت بالعالمية والوجودية. فكتابها «الجنس الثاني» الذي ترجم الى 27 لغة، أثّر بشكل كبير على المرأة الغربية بشكل عام، فغيّر في أفكارها و نمط عيشها الاّ أنه بقي بعيدا كلّ البعد عن المرأة العربية. وبعد نحو ربع قرن على رحيلها، لا يمكن لأحد أن ينكر البصمة التي طبعتها بامتياز في المجتمع الفرنسي، فكانت ركيزة من الركائز التي بنيت عليها الدولة الحديثة واتكأت عليها الحركات النسوية في نضالاتها اللاحقة.



في هذا الكتاب ناقشت أوضاع المرأة التاريخية والاجتماعية والنفسية والثقافية في العصر الحديث، رابطة بين وضعية المرأة الفرنسية في القرن العشرين بالنماذج التحقيرية التي حاك خيوطها مذهب القديس (توما الاكويني)، وفيه اعتبرت دي بوفوار أن المرأة الفرنسية تعاني من اضطهاد نظري تمارسه سطوة الرجل العاطفية عليها، فيتحول من انسان واقعي إلى رمز شبيه بالآلهة، وإذ ترفض دي بوفوار ظواهر تأليه الرجل والخضوع للحب واعتبار المرأة مجرد «آخر»، وبحسب دي بوفور «لايولد الانسان امرأة بل يصبح كذلك» إذ ليس ثمة قدر بيولوجي او نفسي او اقتصادي يقضي بتحديد شخصية المرء كأنثى في المجتمع، فالأنثى تحوّل إلى امرأة ضمن واقع ذكوري متسلّط تشكّلت شخصيته انطلاقا من مفهوم السلطة التي وضعت ملامحها وحدودها السلطة الاقتصادية عبر العصور. والحضارة في أبجديتها هي التي تصنع هذا المخلوق الذي يقف في موقع متوسط بين الذكر ويوصف بانه مؤنث، وان الآخر الرجل أساس جوهري في صياغة الذات الانثوية والانسانية بكاملها.



منذ كتابها "الجنس الثاني" الذي نشر بالفرنسية للمرة الأولى عام 1949 والذي حاول دمج المبادئ الوجودية مع مبادئ التحرر الأنثوي (feminism) مبهرة بقليل من الفرويدية في فهم دور حافز الجنس في السلوك الانساني.
ذلك الكتاب أثار الكثير من الجدل ما بين مؤيد ورافض ومشكك، وعن العدوانية التي لاقتها جراء كتابة الجنس الثاني


اتضح أن دو بوفوار وقعت في المأزق الذي وجد له أكثر الأشكال تطرفا في وقت لاحق حين قامت نشيطات من الحركة النسوية بتظاهرة لحرق حمالات الصدور تعبيرا عن رفضهن لحصر قيمة المرأة في دورها الجنسي.
هنا سيحتج الكثيرون من المعجبين بشخصية دو بوفوار على ربط ما يعتبرونه "فلسفتها العميقة والثرية" بهذه "التظاهرة السطحية للتعبير عن تمرد المرأة على وضعها"، ولكن الحقيقة أن المنبع واحد، والمأزق واحد: وهو الخلط الخطير بين تحرير الجسد من قيود الاستغلال والتملك الجنسي الذي تكرسه القوانين الاجتماعية السائدة، ونفي الجسد الأنثوي كليا من خلال تجريده من دوره الايجابي الخلاق في علاقة ليس من الضروري أن تكون قائمة على التسلط والغبن.
فالسؤال الذي طرحته دو بوفوار في فلسفتها دون أن تتمكن من الاجابة عليه هو: اليست هناك امكانية لتحرير علاقة الرجل بالمرأة بطرفيها من شوائب ثقافة التسلط دون الاضطرار الى الاستقطاب الجنسي الذي يشوه العلاقة ويقتلها ؟

// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.10981 seconds with 11 queries