عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #18
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


هذه الجوانب كلها معبرة عن خصائص فلسفية كثيرة، إن من خصائص الفكر الفلسفي الشك، وهنا الجانب الشكي نجده في العديد من الروايات عند نجيب محفوظ ومن بينها " أولاد حارتنا، الطريق، الشحاذ، ثرثرة علي النيل، زعبلاوي، (مجموعة دنيا الله) وكم وجدنا عند العديد من الفلاسفة، إن لم يكن عند كل الفلاسفة روحًا شكية تعبر عن خصائص الإنسان بما ينبغي أن يكون عليه الإنسان تعبر عن التمييز بين المقلد والمجدد بين العامي والمثقف ثقافة حقيقية واعية، نجد ذلك عند السوفسطائيين وسقراط وابن طفيل وابن رشد وفرنسيس بيكون وديكارت، وأكاد أقول بأنه بالإمكان الربط بين بعض أفكار نجيب محفوظ في الروايات التي أشرنا إليها بل في روايات أخري وبين ما نجده من أفكار شكية نقدية عند كثير من فلاسفة العالم شرقًا وغربًا. لقد قمت من جانبي وكما سبق أن أشرت بقراءة كل ما كتبه نجيب محفوظ منذ رواياته الأولي وحتي رواياته التي صدرت مؤخرًا وحاولت أن أتجنب كل الأحكام التي صدرت علي أدب نجيب محفوظ وخاصة تلك الأحكام الهوجاء والمتسرعة التي يطلقها أشباه الأدباء في عالمنا العربي وأنصاف المثقفين، وقد وجدت أنه آن الأوان لكي ندرس أدب نجيب محفوظ دراسة موضوعية لا تقوم علي الرفض لمجرد الرفض أو تقوم علي المبالغة دون وجود أحكام نقدية دقيقة، أو تقوم علي تأويلات فاسدة قلبًا وقالبًا لقد حاول البعض منا تصنيف أعمال نجيب محفوظ تصنيفًا مذهبيا، وأعتقد من جانبي أن هذا يعد خطئًا من أساسه جملة وتفصيلاً، إذ لا يمكن الفصل بين مرحلة ومرحلة فصلاً حاسمًا.
بل حاول نفر من الدارسين أن يؤكد وجود تحولات جذرية في أدبه وأخذ يتحدث عن مراحل فكرية في مشواره الأدبي، وهذا غير صحيح تمامًا وحاول فريق آخر بدافع المبالغة والأحكام المتسرعة الهوجاء أن يصدر العديد من الأحكام علي أدب نجيب محفوظ وكأن أدباء العالم كله شرقًا وغربًا لم يفعلوا شيئًا مثل ما فعل. كلا ثم كلا إن نجيب محفوظ بعد الجائزة تحدث عن طه حسين وتوفيق الحكيم حديثًا معبرًا عن احترام لهما وتقدير كامل لأعمالهم الأدبية والفكرية.
وكما نجد جانب الشك والنقد في بعض روايات نجيب محفوظ وما فيها من دلالات فلسفية فإننا نجد أبعاد الشخصيات الموجودة في قصصه ورواياته تدلنا علي ذلك تمامًا وخاصة أننا نجد قدرًا كبيرًا من تنوع الشخصيات عنده ومحاولة للكشف عن أعمق أعماق المجتمع المصري ( زقاق المدق والثلاثية) وأيضًا نجد ذلك في أولاد حارتنا والحرافيش، يقول نجيب محفوظ : " إن الثلاثية وأولاد حارتنا والحرافيش أحب أعمالي إلي نفسي "، فهل هذا القول من جانب نجيب محفوظ يدل علي اعتزازه بالدور الاجتماعي للأدب وأيضًا بمحاولة الأديب الكشف عن أبعاد نفسية لا تخلو من دلالات دينية ؟ إن ذلك قد يكون صحيحًا إلي حد كبير، وإذا كان نجيب محفوظ قد ذكر أولاد حارتنا والحرافيش ضمن ما يعتز به وبصورة تؤدي إلي الربط بينهما فإن ذلك يعد صحيحًا إلي حد كبير، وبرؤية فلسفية نقول من جانبنا إن نجيب محفوظ في هاتين الروايتين يلجأ إلي أساليب رمزية نجدها عند كثير من الأدباء والفلاسفة وذلك علي النحو الذي سبق أن أشرنا إليه في بداية دراستنا لأدب نجيب محفوظ ومن المؤسف له صدور العديد من الأحكام من جانب أشباه الدارسين علي قصة أولاد حارتنا وكم في تلك الأحكام من أخطاء لا حصر لها فقد تكون تلك القصة معبرة عن نوع من الإيمان بالدين الطبيعي علي النحو الذي نجده عند بعض الفلاسفة في إنجلترا وفرنسا. وقد تكون معبرة عن نوع من القلق والبحث بالتالي عن نوع من اليقين، الذي يعتمد علي رؤية إنسانية أساسًا، إنها قصة تحاول التغلغل إلي محور الوجود، محور الإنسانية، ومن الأخطاء فصلها عن قصص أخري عديدة للكاتب وبحيث تكون معزولة عن روايات أخري كثيرة ( الطريق، ثرثرة فوق النيل، حكاية بلا بداية ولا نهاية).
وإذا كان الفيلسوف يهتم كثيرًا بالأبعاد السياسية من حيث علاقتها بالمجالات والميادين الاجتماعية، فإنه يمكن القول بأننا نجد العديد من الأبعاد السياسية في روايات نجيب محفوظ أنه يميل إلي حزب الوفد إلي حد كبير وإن كان ذلك يبدو واضحًا في المراحل الأولي أساسًا، لا نجد لديه تعاطفًا مع أحزاب أو فئات تحاول صبغ الدين بالسياسة وحسنًا فعل ذلك نجيب محفوظ. إن الأبعاد السياسية يمكن التعرف عليها من خلال عديد من الروايات كتبها نجيب محفوظ في مراحل كثيرة، ولا تخلو هذه الأبعاد من تعبير عن خصائص الفكر الفلسفي، وهل يمكن التقليل من الأعمال السياسية عند فلاسفة كبار من أمثال أفلاطون وأرسطو والفارابي وأخوان الصفا وتوماس هوبز وجون لوك وكانط وبرتراند رسل. الإحساس السياسي موجود في كثير من روايات وقصص نجيب محفوظ. نجد ذلك واضحًا غاية الوضوح في "القاهرة الجديدة، الثلاثية، ميراما، الكرنك، أهل القمة، الحب فوق هضبة الأهرام، يوم قتل الزعيم، السمان والخريف، ميرامار، تحت المظلة "، إننا نجد في هذه القصص وغيرها إثارة للعديد من القضايا السياسية ومن بينها الاشتراكية والرأسمالية والديمقراطية والدكتاتورية والإسلام والليبرالية. نجد حديثًا عن المثقف اليساري وعن القمع (الكرنك) نجد تحليلات سياسية في الثلاثية والسمان والخريف وإن كنا كما نختلف مع نجيب محفوظ في الكثير من النتائج التي وصل إليها والتحليلات التي قام بها. وهذا لا يقلل من مكانة نجيب محفوظ لأننا يجب أن ننظر إليه علي أساس أنه يشر وليس قديسًا، وهل يمكن رغم حصوله علي جائزة نوبل أن نضعه في مصاف تولستوي وفولتير وطاغور ؟ كلا إننا لا يمكن أن ننسي وجود بعض أعمال له تقف عند الطابع المحلي ولا تتجاوزه كثيرًا. لا يمكن أن ننسي أنه في بعض أعماله يغوص في الواقع الاجتماعي وبحيث لا يخرج منه إلي الرؤية الإنسانية الكاملة والشاملة ولكن يشفع له اجتهاده الواضح يشفع له أن أدبه من نوع الأدب الراقي المستنير لا نجد رواية من رواياته تدعو إلي التعصب أو الأنانية، وكل منها يكشف عن قيم فلسفية عميقة ومشاعر إنسانية سامية.
إن أدب نجيب محفوظ لتأثره بالعديد من الأفكار الفلسفية كان أدبًا معبرًا عن الوعي بالواقع، وهل يمكن أن ننسي العديد من الشخصيات الموجودة في قصصه وقدرته الفائقة علي إدارة الحوار بينها ( كمال عبد الجواد وخديجة وعائشة وأمينة في الثلاثية، وحميدة في زقاق المدق، وزهرة في ميرامار، وزينب في الكرنك، ورنده في يوم قتل الزعيم ).. إلي آخر الشخصيات التي لا يمكن التغافل عنها من حيث عمق تصويرها وتباين ملامحها وثراء حوارها، إن هذه قدرة من جانب نجيب محفوظ من النادر أن نجدها عند أديب عربي معاصر في المشرق والمغرب

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03305 seconds with 11 queries