عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #1
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي فى حب نجيب محفوظ.... دراسات


نجيب محفوظ:
السهل الممتنع
الدكتور يحيي الرخاوي استهلال واعتذار:
حين طُُلب مني أن أقوم بتحليل شخصية نجيب محفوظ إسهامًا في هذا العمل المهم، فزعت من حيث المبدأ، ورفضت من حيث المنهج. إن كل ما يستطيعه أي شخص يريد أن يضيف لمحة قصيرة التقطها من جانب من جوانب حضور محفوظ الشخصي أو الإبداعي هو أن يرصد بعض ما تردد في وعيه من أصداء شخصيته: مبدعًا وفردًا عاديا حاضرًا: يجلس علي المقهي ويمشي في الأسواق. وحتي هذه المهمة بدت لي من أصعب ما يمكن، لذلك قررت أن أكتفي بمحاولةٍ توضّح معني شائعا، لكنه ملتبس عند معظم الناس، وهو المعني الذي تمثله شخصية نجيب محفوظ خير تمثيل، أعني معني «السهل الممتنع».
كثير ممن يرددون تعبير «السهل الممتنع» لا يدركون أبعاد مضمونه تحديدًا. إنه تعبير يشير إلي كيف أن الأمر، أو الشخص، الذي قد يبدو سهلاً واضحًا مباشرًا، هو في نفس الوقت فريد نوعه بحيث لا يمكن أن يتكرر أو حتي يقلد. قد نستعمل هذا التعبير بسطحية عابرة، وقد يعني معني شديد العمق من حيث إشارته إلي نوع رائع من تمام دورة ارتقاء بشري، دار دورته حتي عاد إلي أبسط صور الوجود محتفظًا بعمق خاص يجعل من البسيط ما يرادف أروع العمق. إن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لما دار دورته الكاملة بما في ذلك الإسراء والمعراج، ظل يمضي بين الناس بشرًا يمشي في الأسواق، وجدًا طيبًا يداعب أحفاده، وإنسانًا لينا رقيقا يلين لهم بما رحمة من ربه. لم يكن ذلك علي حساب عمق وجوده، ولا عظمة رسالته، ولا مسئولية حمله لذلك القول الثقيل، الذي أضاء به الدنيا قبل أن نتراجع نحن عن حمل منارته.
لاحظت هذا الحضور لما هو «سهل ممتنع» مع اثنين حظاني ربي أن أقترب منهما، الأول وأنا بعد صبيا لم أبلغ السادسة عشرة من عمري، وهو يحيي حقي، والثاني وقد شارفت علي السبعين وهو نجيب محفوظ. إن الذي جعلني أتمثل أكثر ما هو «السهل الممتنع» في يحيي حقي، أنني عرفته في بيت وحضور المرحوم محمود محمد شاكر، كانا يمثلان عكس بعضهما البعض في ظاهر حضورهما، كما كانا في نفس الوقت أقرب من عرفت إلي بعضهما البعض. يمكن أن يوصف محمود شاكر بـ«الصعب الجميل»، في مقابل يحيي حقي «السهل الممتنع». كان صوت محمود شاكر، وحسمه، وغضبه، وحضوره الموسوعي، ودقته المنهجية ترعب ـ لأول وهلة ـ كل من يتعرف إليه لأول مرة، لكن ما إن تقترب منه أكثر حتي تجد بداخله طفلاً وديعًا رقيقًا محبًا كريمًا متسامحًا عطوفًا جميلاً، ليس أسهل منه ولا أقرب. أما يحيي حقي فبعد أن تأخذك سهولته ودماثة حضوره يستدرجك ـ دون أن تشعر ـ إلي أغوار لم يكن ظاهره ينبئ بها قط. فتعرف أنه «ممتنع» فعلاً. كتابة يحيي حقي تتصف بنفس الصفة «السهل الممتنع».

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03936 seconds with 11 queries