عرض مشاركة واحدة
قديم 01/02/2008   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


عبَّرت بعض النساء من العيِّنة[5]: "قالت لي أمي: سترين يومًا دمًا... لا تخافي، إنه وسخ." (رولا، 25 سنة) "خفت، ما كنت بعرف شي. قالت لي أمي: لا تخبري حدا إنها إجتك، وبس..." (حنان، 23 سنة) "هذا دم! لأنك بتعذبيني الله جازاك: إنه دم وسخ يخرج منك." (بلندا، 27 سنة)إن دم المرأة هو دلالة على التابو، لأن المحرَّم الذي نزل على المرأة في فترة الحيض هو أول تابو رآه الإنسان من حيث النموذج وأساس المحرَّمات كلِّها: "ويسألونك عن المحيض قُلْ هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهنَّ حتى يطهرن..." (سورة البقرة 222).
هكذا تعيش الفتاة (مسلمة كانت أو مسيحية) فترة المراهقة بجسد غير مقيَّم، محرَّم، مليء بالذنب، ترفضه لأنه يصبح عليها عبئًا. لا تفهم ماذا يجري لها. فإما أن تبدأ بأخذ الوزن لأنها تلجأ إلى الأكل بشراهة، أو بالعكس ترفضه حتى تصير قَمِهة anorexique. وهذه حالة المراهقات حاليًّا، يرفضن أجسادهن الأنثوية. هل يمكننا تفسير هذه الظاهرة إلا من خلال رفض التغيير الفسيولوجي في البلوغ وبروز علامات الأنوثة. لقد تعودت منذ صغرها ألا يُعترَف بها كجسد أنثوي؛ تود أن تبقى البنت الصغيرة، ترفض مفاهيم الجمال والأنوثة كلَّها، وتعيش بحسب مفاهيم تساعدها على الهروب من أن تُرغَب. لذا نرى أن هذه المراهقات يَمِلْنَ غالبًا إلى الانتحار، ويعتبرن أن الجسد هو مكان للاستلاب من خلال نظر الآخر.[6]
كيف يتم التحضير للزواج؟ يبدأ بالرضوخ للممنوعات والمعايير الاجتماعية والدينية في مجتمعنا ، التي تفرض عليها العذرية، أولاً، وعدم إقامة علاقات جنسية أخيرًا. هكذا عبَّرتْ بعض نساء العينة:
"من وقت ما كان عمري 3 سنوات وأنا عم أسمع: لازم البنت تحافظ على حالها قبل الزواج... أنا ضد، لكن... العذرية مرتبطة بشروط اجتماعية. في بنات تقطب حالها... أنا بعرفهم." (رولا، 25 سنة) "يفتش الشاب الخبيث على بنت عذراء، لذا أخاف أن أعطيه نفسي قبل الزواج." (بلندا، 27 سنة) "إذا خسرتها قبل الزواج أُعتبَر وسخة؛ العذرية مهمة جدًّا." (سامية، 22 سنة) لقد عبَّرتْ غالبية الشابات بأن الجنس وسخ، مقرف، مخيف، عيب، مزعج، ضد الطهارة. ماذا يبقى إذًا من الجسد الجنسي/الأنثوي؟
"الجنس شيء مقرف ووسخ، لا يخيفني..." (جين، 23 سنة) "أعرف الشاب: يرفض البنت الفاقدة بكارتها؛ لهيك بخاف." (ناهدة، 22 سنة) "أول بوسة قرفتني وزعجتني..." (ج.، 28 سنة) "لقد تألمت أول مرة، خفت من الدم." (ناديا، 24 سنة). "تزوجت وعمري 22 سنة، وكنت أقرف من الجنس." (هبة، 27 سنة)
هناك رفض للجسد الأنثوي من كثرة الضغوط التي تمارَس على الفتاة. فهو يجب أن يكون صالحًا للإثارة، إنما ليس الآن؛ هو يحضَّر للإنجاب فقط. جسدها الأنثوي ليس لها، هو ملك والدها، المسؤول عن شرف الأسرة؛ ومن بعده ملك الزوج الذي تحمل اسمه.
**
"المرأة بكاملها تابو."
فرويد
يبدو أن مجابهة موضوع الجسد الأنثوي والكلام عليه أمر خطير، لأنه يطاول المحرَّم والمكبوت. والكلام على الجسد الأنثوي مُنكَر، كما هي حال جسدها داخل النظام الذكوري. إنه غائب، لكنه جامد وأسير للذكوري، مع أنه يتنقَّل بين الأنوثة والذكورة.
هل الأنثوي هو اللاموعي واللامُقال؟ نعم، مادام الجنسي مكبوتًا، لكونه ممنوعًا ويطاول الجسد الأنثوي الذي هو المنفي، الناقص، وإذًا، اللاذكوري. يقول فرويد إنها ليست رجلاً لأنها لا تملك القضيب؛ إذًا هي ناقصة، مخصية، وهي "القارة السوداء" Continent noir. تحدَّد الأنوثة بهذا النقص. ويزيد لاكان Lacan ويؤكد: "المرأة غير موجودة." هكذا يمكننا أن نرى كيف أن الأنثوي مُنكَر، منفي من اللغة التحليلية مثلاً: الأنا الأعلى، اللذة، التصعيد، الليبيدو، إلخ –
جميعها مفاهيم ذكورية.
لقد حان الوقت لأن نقول عن ذاتنا، عن أنوثتنا، عن أجسادنا. سكتنا طويلاً، ودفعنا الثمن غاليًا كي نترك للآخر أن يحدِّدنا من خلال هُواماته الذكورية. تبين حتى الآن بأن للذكوري هدفًا هو: سَجْن الأنثوي وخنقه. جاء دورنا كي نحدِّد ذاتنا وحدنا دون مساعدتهم – خصوصًا نحن النفسانيات والمحلِّلات؛ هذا هو دورنا: كتابة أخرى وتأويل آخر مغاير. لماذا مسموح للرجال فقط أن يصنعوا ما يريدونه بالجسد الأنثوي: يتبادلونه في الإعلام والإعلان ويوم الزواج، وكأنه بضاعة تُباع وتُشترى، بضاعة للاستهلاك الجنسي والاقتصادي، يعرِّيه ويغطيه، بحسب رغباته، من خلال الموضة. أين هو الجسد الأنثوي؟ كيف تبدو صورته في الإعلام؟ إنه الجسد–اللعبة الذي يبقى أسيرًا لهُوامات fantasmes الرجل. إنه ينكر الجسد الواقعي، ويستبدل به جسدًا هُواميًّا ناتجًا عن تمثلاته اللاواعية التي غزتْها وسائل الإعلام ونزواتُه الليبيدية. هكذا ينفي وجود الجسد الأنثوي وينفي رغبته. كيف ستقبل المرأة جسدها عندما تعيش برغبة متواصلة، وهي أن تشبه هذه اللعبة–الصنم التي تكون قد خلقت عندها شعورًا بالدونية؟
إن الجسد الإعلاني هو للنظر، وليس للمسِّ والحب؛ إنه خالٍ من المشاعر. لكن المرأة، بخضوعها لهذا المقياس، تدمِّر ذاتها، وترفض جسدها، أو تصبح مهووسة بجسدها. هكذا يسهل السيطرة عليها لأنها معقدة.
ماذا يجري للسير الرمزي الذي ينصُّ عليه المجتمع إذا لم يُستغَل الجسد المادي لدى النساء؟ هل سيتحول مع المجتمع أيضًا إذا تحولت النساء من بضاعة استهلاك أو تبادل إلى أفراد تتكلم؟ ستتغيَّر المفاهيم الاجتماعية وعلاقتها بالجسد الأنثوي، باللغة، بالرغبة، لأن النموذج "الفالوكراتي" (سيادة الرجال الرمزية ممثلَّةً بالقضيب phallus) الذي يضع القوانين ويسنُّها سيهتز.
إن كلَّ المنظرين عن الجنس والجسد هم من الذكور، وطبعًا أطباء، إذًا رجال علم. يمارسون رعبًا حقيقيًّا وعنيفًا على الأجساد الأنثوية. إن الجنسوية sexualité التي يعترف بها علماء الجنس هي جنسوية ذكورية. إن خطابهم متحيِّز ضد النساء misogyne. يؤكدون على أن المرأة لا توجد عندها جنسوية؛ أي أنها مُنكَرة، لأنها لا تتمتع برغبة إلا تلك التي تستجيب لرغبة الرجل. وفي حال عبَّرت عنها تصبح رجلاً. فلنسمعهم: كرافت إبنغ Kraft-Ebbing: "إن النساء المجنونات هنَّ وحدهن اللواتي يعرفن اللذة." (إنه يقصد هنا المنحرفات والمريضات.) ويقول أيضًا: "إن هذا الرضوخ للرجل طبيعي؛ منحتْها [أي المرأة] الطبيعة هذا الدور السلبي والمتلقِّي."
إن لغة علماء الجنس تكون غالبًا مبهمة، متحيِّزة، غير واضحة وذاتية. انهم ينكرون كليًّا الفروق الجنسية، كما ينكرون أيضًا خصوصية النساء في أجسادهن الجنسية sexué. الدكتور هيرشفيلد Dr. Hirshfield: "إن الرغبة في الاغتصاب كامنة في ما قبل الوعي عند الكثيرات، وخاصة الهستيريات." لقد جعلها العلم مريضة إذا رغبت في اللذة أو شعرت بها. هكذا توصف النساء بأنهن مريضات وشريرات، متلقِّيات، دونيات، خبيثات ومجنونات. الدكتور زوانغ Dr. Zwang: "النساء مريضات، عضوهن الأنثوي مريض؛ لذا يجب أن يكنَّ جميلات وموضوع جنس مثالي."
لماذا يُسمَح للرجل بأن يتكلم عن قدرات هذا الجسد في الحياة الجنسية علميًّا، وأن يُنظِّر ويُعمِّم، كأنه هو وحده يملك مشاعر المرأة وأحاسيسها ولذتها. هو رجل علم؛ أما هي فممنوع عليها أن تتكلم، أن تبحث عن ذاتها الأنثوية، التي تظل مشوَّهة، كما صورة جسدها وحياتها الجنسية، مادامت لم تشارك هي في تحديدها ودراستها. هو وحده يشرِّع ويحدد كيف ومتى وإلى أيِّ حد؟ "ثمة أسئلة حميمة لا تُسأَل" – هذا ما قيل لي وما تعرضتُ له، كوني امرأة تريد أن تدرس الحياة الجنسية الأنثوية. ممنوع، لأنه شيء معيب، لا بالأحرى مخيف! وردَّدتْ النساء المكبَّلات داخل النظام الأبوي الفالوكراتي السائد: نعم، وشاطَرْنَه الرأي.
لا وجود للأنثوي إلا داخل نماذج نَصَبَها الذكر/الأب. نراها أحيانًا مجردة فعلاً من أنوثتها، بعيدة عن ذاتها، وحتى عن النساء الأخريات، من كثرة لجوئها إلى النُّظُم الذكورية.[7]
**
"توجد لذة لها... لهذه الغير موجودة التي لا تعني شيئًا."
لاكان
لقد مارس حقَّ التملك لهذا الجسد خلال قرون، حتى لم تعد توجد رؤية حرة للمرأة عن ذاتها، كونها أدخلت في لاوعيها النماذج والمفاهيم الذكورية، وصارت، بدورها، بعيدة عن أنوثتها، غريبة عن ذاتها، تعيشها فقط ضمن الصورة التي رَسَمَها الفكرُ المسيطر والسائد. هكذا نفهم كيف توصلتْ لأن تنكر ذاتها دون أن تعي. يمكننا أن نكتشف من خلال الواقع الثقافي (الروايات، القوانين، القول...) أن الأنثى موجودة في المخيِّلة الذكورية الجنسية فقط كداعم للهُوام عند الرجل.
إن جسدها يرضخ لرغبة لا تملكها؛ وهذا ما يجعلها تابعة للرجل، لا تعرف ماذا تريد، حاضرة لتلبية أيِّ طلب من طلباته، شرط أن يأخذها كموضوع للذَّته (شيء). هي لا تقول ماذا ترغب. إنها تجهل أو أكثر من هذا. إن رغبة الأنثى ممنوعة؛ لذا فهي مختلفة عن رغبة الرجل ولغته، لأنها مغطاة بمنطق واحد يسيطر على العالم الحالي منذ الإغريق.
تقول فاتنة عيط صباح: "إن الحديث الإيروسي هو تصوُّر ذكوري محض يعبِّر عن الرغبة الأنثوية. تستمد الأنثى رؤية العالم من الذكر لأن الذكور يُسقِطون كلَّ ملذاتهم ورغباتهم على العالم الأنثوي."[8] لا يوجد جسد داخل هذا المنطق الواحد إلا لكي يُنظَر إليه بعيدًا عن الإيروسية الأنثوية (الرقص الشرقي). إن لذة المرأة لا ترتبط بالنظر، إنما باللمس؛ وهذا ما يجعلها مازوخية. تؤكد هيلن دويتش H. Deutsch: "المازوخية هي من أهم مفاتن المرأة وضرورية للذَّاتها؛ فالمازوخية منقوشة في ماهية الأنوثة."
يمكننا من خلال المعيش الجنسي عند النساء، ومن خلال التجربة العيادية، أن نبرهن بسهولة على أن الألم الفسيولوجي التي تعبِّر عنه في أثناء "فض البكارة" ليس هو منبع للذة: "أول مرة، عندما دخل فيَّ، شعرت بألم... منذ ذلك الوقت وأنا لم أصل إلى الرعشة... أخاف من اللذة." (سامية، 29 سنة، متزوجة) "شعرت بألم أول فترة مع زوجي... وهذا ما أثَّر عليَّ في العلاقات بعدين... بتعرفي كيف..." (ناديا، 21 سنة، متزوجة) "لقد عشت فضَّ البكارة وكأنها مأساة... تألمت جدًّا... كان عمري 30 سنة... بعدين مشي الحال." (وردة، 35 سنة)
لنسمع هذه المرأة تعبِّر عن برودتها وأسبابها (س.ع.، متزوجة، أم ولدين): "يهينني ويضربني وينتقدني بشكل جارح ويُشعِرني أنني ناقصة. أنا بالفعل ناقصة... هذا ما أحسُّه... عندما أفكر بالموضوع بحس إني ناقصة ومش متل العالم... فيِّ نقص لأنني لا أتجاوب معه جنسيًّا... أشعر بقرف... كان يضربني ويغصبني على أن أعمل معه هذا الشيء، ويقول: أنتِ معي... لازم آخذ حقي." لقد أوصلها شعورها بالنقص إلى رفض الجسد الأنثوي، أي الجنس.
"إن التأكيد على أن المرأة كائن ناقص أو أقل وغير قادر وراضخ للعذاب، وفي الوقت نفسه للجنسوية الذكورية، يبدو أنه مفهوم مرتبط بالميل العالمي للإنكار."[9] إذًا فقد تربَّتْ المرأة على كبت رغباتها وإنكار جسدها. وبعدما اعتادت على تعذيبه مازوخيًّا من خلال القمع الجنسي، كيف ستتمكن من الزواج، ومن أن تعبِّر من خلاله عن الرغبة، وأن تعيش حياتها الجنسية الطبيعية؟ إنه من الصعب إن تشعر بالإرضاء والإشباع – وهذا ما لمستُه عند غالبية النساء اللبنانيات من خلال العيادة، حيث إن صورة جسدهن الأنثوي غير واضحة، مبهمة، غير موجودة، أو أنها مشوهة، توثِّر عليها التمثُّلات الهُوامية لكي تُبعِد عنها اللذة والحب والرغبة، ولكي تتحول وتنحصر في الحمل والإنجاب.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07608 seconds with 11 queries