عرض مشاركة واحدة
قديم 12/08/2009   #2
شب و شيخ الشباب أوس المبارك
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ أوس المبارك
أوس المبارك is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
المطرح:
بين دمشق وحلب
مشاركات:
14

إرسال خطاب MSN إلى أوس المبارك
افتراضي


ونلاحظفي التفكيك أن ثمة عنصراً آخر هو " التمركز حول الكتابة " graphocentrism ، وهو مصطلح مهم بحاجة إلى التفسير قبل الدخول في صلب نظرية دريدا . ومنالممكن أن نبدأ القول بأن الكتابة writing كتابية graphic ، وأن الجرافيم grapheme هو حرف في الأبجدية أو أنه مجموع الحروف أو المجموعات الحرفيةالتي من الممكن أن تشير إلى الفونيم phoneme ( الذي يمكن تعريفه بأنه أصغروحدة كلام تميز ملفوظا ما أو كلمة ما من ملفوظ آخر أو كلمة أخرى في اللغة) . وإذا علمنا أن الكتابة كتابية لذا يمكن القول أن الجرافيم ، تبعاً إلىما يذكره المفهوم التقليدي ، دال صرف يقصد به أن وحدة الكتابة ليس لها أيةصلة عدا كونها تمثل الصورة الصوتية . ولهذا السبب يمكن القول أن المقصودبالتمركز حول الكتابة هو انتقال الأهمية من الكلام إلى الكتابة ، وهو يمثلقلباً للمفهوم التقليدي القائل بأولوية الكلام أو الكلمة المنطوقة علىالكتابة أو الكلمة المكتوبة .وهناكعدد من النقاد يعتقد أن التفكيك الذي جاء به دريدا يعد انتقالاً منالتمركز حول اللوغوس إلى التمركز حول الكتابة (13) ، وهذه ليست ملاحظةبريئة ولا بد من التعبير عن دلالتها قبل الاسترسال في التفسير ، وأنا أرىأن أفضل طريقة لتوضيح هذه المسألة هي محاولة تبسيط الأمر من خلال القياس .فإذا كان بالإمكان مقارنة الكتابة والكلام والمفهوم الذي يمثلونه بالجسدوالروح والواقع المتعالي فعندئذ يكون التركيز على الكلام هو التركيز علىالروح ( والتركيز على الكلام هو التركيز على التمركز حول الصوت والتمركزحول اللوغوس) . أما التركيز على الكتابة فهو التركيز على الجسد ( والتركيزعلى الكتابة هو التمركز حول الكتابة). فإذا كان التفكيك تمركزاً حولالكتابة ، وإذا كان التمركز حول الكتابة يعني التركيز على الكتابة فعندئذيمكن تعريف التفكيك بأنه رفض لأولوية الروح وسلطة الوسيط ، وإنه تحد لماهو أخلاقي ، إنه الانغمار في الحياة الدنيوية، إنه يعني اختفاء الرب … فهلمن المقنع أن نقول أن التفكيك عدمي nihilistic؟ يمكن القول أن هذهالتوكيدات كلها صحيحة ، والجواب عن الأسئلة أعلاه هو " نعم " عن كل مايقوله دريدا ، وكل ما يقصده التفكيك . سأعود لهذه المشكلة بعد دراسةمصطلحات دريدا التي تعمل بصفة أدوات تفكيكية .فبعدأن عرض دريدا الأساس الميتافيزيقي واللاهوتي لمفهومي الكلام والكتابة ،شرع في فحص مسألة الوصف اللساني للغة والمفاهيم التي يحاول الوصف بناءها .والحق أن دريدا يأتي كرد فعل على نظرية سوسير التي تقول إن العلامة sign اللسانية هي وحدة الدال والمدلول . وتزعم اللسانيات الحديثة ، التي ترتكزعلى مفهوم الدال والمدلول ، والبنيوية ، التي تدين لذلك المفهوم ، أنهماجعلتا من دراسة اللغة وفعل النقد حقلين معرفيين علميين ، وقد بين دريدا أنهذا الزعم هو خداع حسب لأن مفهوم الدال والمدلول في اللغة الذي جاءنا مناللسانيات هو صورة أخرى لمفهوم الكلام والكتابة التقليدي . وقد لاحظ دريدافي أثناء عرضه للعلاقة المتبادلة بين الميتافيزيقا واللاهوت ، ما يأتي :دائماًما يوحي مفهوم العلامة داخل ذاته بالفرق بين الدال والمدلول … حتى إن تمتمييزهما بأنهما وجهان لعملة واحدة ، ولهذا السبب يبقى هذا المفهوم ضمنتراث مفهوم التمركز حول اللوغوس الذي هو في حقيقته تمركزاً حول الصوت :التقارب المطلق بين الصوت واللصوت والكينونة being ، وللصوت ومعنىالكينونة ومثالية المعنى . ( OG, p. 112 )

ولهذا
السبب فإن نسق اللغة الذي يقال أن اللسانيات جعلته علمياً وأن البنيويةاستعارته بحماس بوصفه نموذجاً للنقد ، هو في حقيقته النسق القديم نفسه ،أي نسق " التمركز حول اللوغوس – التمركز حول الصوت " الذي هو نتاجالميتافيزيقا .ومنالواضح أن دريدا حشر الميتافيزيقا واللسانيات في خانة واحدة وهذا يعني أنالميتافيزيقا فسحت المجال أمام اللساني ليتصور ظاهرة اللغة في ضوء القطبيةالثنائية ، بمعنى أن المفاهيم الميتافيزيقية ـ مفهوم الواقعي والمثالي ،مفهوم الجسد والروح ، مفهوم الخير والشر ـ قد فسحت المجال أمام اللسانيومكنته من تصور اللغة في ضوء قطبية ثنائية مشابهة . وتعد الحجة اللسانية ،التي تقول أن الصورة السمعية تستحضر المفهوم ( أي أن الدال يستحضرالمدلول) ، تركيزاً على أولوية الكلمة المنطوقة على الكلمة المكتوبة ،وبهذا الصدد فإن اللسانيات البنيوية هي صورة معدلة عن الإهمال التقليديللكتابة ، ذلك الإهمال الذي نتج عن النفور الفلسفي والميتافيزيقي منالطابع الخارجي والمرئي والمجسد للكلمة المكتوبة ، ويتضح من ذلك أن خلفمفهوم اللغة التقليدي ، وخلف مفهوم العلامة اللسانية عند سوسير كمنتميتافيزيقا على شكل قوة اشتراطية قوية .وقدأطلق دريدا تسمية " المفهوم المبتذل للكتابة " على مفهوم الكتابة الذيأهمله مفهوم اللغة التقليدي واللسانيات الحديثة ، وعدّه مفهوماً ثانوياً ،أي شيئاً ليس له وجود إلا لغرض تمثيل الصوت الذي تجسده الكتابة . ويضيفقائلاً أن الاعتقاد الذي ساد في التراث الغربي بصدد الكتابة هو أنها "الحرف " و " النقش المرئي " و " الجسد والمادة " الخارجية بالنسبة إلىاللوغوس . وهذا هو المفهوم المبتذل تحديداً . وقد نبذ دريدا هذا المفهومالمبتذل الذي كان يوجه فهمنا للغة ، على الرغم من أننا لم نكن واعين بهتماماً ، مثلما وجه أداءنا في ميدان النقد الأدبي من خلال دفعنا إلىالاعتقاد بأن كل شيء يستنبط المعنى ويعطيه فقط حينما يرتبط بفكرة ما ،والتي ينبغي أن ترتبط ، بالمقابل ، بفكرة أخرى وهكذا دواليك بحيث أن هذهالأفكار كلها ستتجمع في فكرتنا عن الكينونة المتعالية ، ولهذا السبب أصبحتفكرتنا عن الكينونة المتعالية تعمل بمثابة فكرة تتحكم في أفكارنا عن اللغة ، وأفكارنا في النقد … وهكذا أصبح نقد قصيدة ما اكتشافاً لمعناها… ذلكالمعنى الذي يعد فكرة أو مفهوماً يمكن ربطه بفكرة أخرى ، وستتجمع عمليةربط الأفكار بعضها بالآخر في فهمنا للكينونة المتعالية. ومن الجديربالإشارة أن جميع شذرات الأفكار التي يمكن نسجها فينسق واحد ، يجمعهامركز واحد تمثله فكرتنا عن الكينونة المتعالية وإن احتمالية النسق توحيبوجود المجموع . ويمكن تعريف المبدأ الجمعي بأنه فكرة الكينونة التي هيإبداع الميتافيزيقيا . وقد تمثلت محاولة دريدا بتحرير فهمنا للغة وفعلالنقد من هذا التأثير الجمعي الذي مارسته الميتافيزيقا ، وتوصل إلى عمليةالتحرير هذه من خلال صياغته لمصطلحين جديدين من الممكن أن يبطلا مفهوماللغة القديم وطريقة النقد القديمة . إلا أن أذهاننا خضعت لاشتراطات الفهمالتقليدي للغة سواء كنا واعين بذلك الفهم أم لا . فنحن حينما نزعم إنناصغنا أفكاراً جديدة فإننا لم نفعل في حقيقة الأمر سوى تحويل الأفكارالقديمة . فعلى سبيل المثال إن المصطلحات اللسانية التي جاء بها سوسير ـالتي يقال أنها أحدثت ثورة في فهمنا للغة ـ هي نتاج آخر للميتافيزيقا ؛فنحن نكرر أنفسنا حينما نقول إن نسق اللغة الجديد علمي . والحق أنبالإمكان أن تتولد أفكار جديدة حينما تكون أذهاننا محايدة . وإن القصد منوراء عرض دريدا للأساس الميتافيزيقي للغة والنقد هو دفع أذهاننا إلىالحيادية لأننا ندرك تماماً أن ظاهرة طبيعية تماماً مثال اللغة تخفي فيداخلها بذور الميتافيزيقا ، بل حتى التفسير العلمي للغة الذي قدمه سوسيرهو في الحقيقة ضحية الميتافيزيقا . وقد شرع دريدا ، بعد عرض الأساسالميتافيزيقي الذي تقف عليه اللغة ، في صياغة مصطلحاته الخاصة التيبإمكانها توليد فهم جديد للغة .. وتشكل هاتان الخطوتان بنية التفكيك .وسأبدأ الآن بوصف المصطلحات التفكيكية وتقويمها .لقد استند مفهوم الكتابة الجديد الذي صاغه دريدا إلى ثلاث كلمات معقدةجداً ، هي : الاختلاف difference والأثر trace والكتابة الأصلية [الأولى] (14) arche - writing. وسأعمل على تفسير كل مصطلح من هذه المصطلحات الثلاثبأوسع قدر ممكن تسمح به محددات هذا المشروع ، وسأبين الكيفية التي تؤديبها هذه المصطلحات إلى فعل التفكيك. فالاختلاف يشير إلى فعلينactions : 1 ـ أن يختلف ، أن لا يكون متشابهاً " differ " 2ـ أن يرجئ ويؤجل (15) (11) " defer" . وينبغي الانتباه إلى إن الأول مكاني spatial والثاني زماني temporal . ويرى دريدا أن كل علامة تؤدي هذه الوظيفة المزدوجة : أيالاختلاف والتأجيل ، ولهذا السبب تكون بنية العلامة مشترطة من قبلالاختلاف والتأجيل ، وليس من خلال الدال والمدلول ، بمعنى إن بنية العلامةهي الاختلاف الذي يعني أن العلامة شيء لا يشبه علامة أخرى ، وشيء غيرموجود في العلامة على الإطلاق . ويمكن توضيح ما ذكرناه بالمثال الآتي :فنحن نميز بين كلمتيthree [وتعني ثلاثة] و tree [تعني شجرة](16) في الكلاموالكتابة ، فهما مختلفتان تماماً وتكشفان عن هويتهما . ويعد هذا الاختلافإحدى القوتين الموجودتين في كل علامة . أما القوة الأخرى في العلامة فهيقدرتها على الإرجاء ، أي قابليتها على التأجيل . فعلى سبيل المثال إن كلمة " وردة " في قصيدة ما لا تبدأ بكشف المعنى إلا حينما ندرك أنها ليست تلكالوردة التي نراها في الواقع ، بل أن لها شيئاً آخر ، ذلك الشيء الذيينبغي اكتشافه . ولهذا السبب فإن العلامة نصفها واف والنصف الآخر غير وافٍ ، وهذه الحقيقة ضرورية لبداية فهمنا إلا إنها غير كافية بسبب نقصها .ومثلما أكد سوسير فإن العلامة هي ليست " الدال + المدلول " بل العلامة هي " الاختلاف + الإرجاء " . ويرى سوسير أن العلامة اتحاد في حين يراها دريدااختلاف .وبماإن العلامة غير وافية وناقصة لذلك ينبغي أن تفهم على إنها " تحت الشطب [المحو] " under erasure وهو مصطلح صاغه دريدا ليشير إلى عدم كفايةالعلامات ونقصها . فهي مكتوبة لكنها مع ذلك مشطوبة ، فنحن نشطبها لنشيرإلى نقصها . ولهذا السبب تحمل كل علامة هذه الإشارة عليها . فعلى سبيلالمثال إن كلمة " مرئي " التي استعملها آنفاً لم تحمل أية إشارة واضحةعليها ، لكنها علامة على الرغم من ذلك . لكن إذا نظرنا اليها من زاويةتفكيكية فإنها ستظهر عندئذ علامة مشطوبة ، على النحو الآتي : " مرئي " .وينبغي ألا نأخذ فكرة تشطيب العلامة على نحو حرفي ، بل على نحو إيحائي فقط . فهذه الشطبة توحي بنقص العلامات وعدم كفايتها ، بل عدم قطعيتها . إذ لاتوجد علامة يمكن أن نقول عنها انها دال لشيء أزلي ، فهي لا تتمتع بأيةقيمة مطلقة ، كما إنها لا تحيل أي شيء متعالٍ .. فالعلامة سياقية contextual ، وهي تخلق سراب المدلول ، وإن جل ما تستطيع القيام به أنهاترسلنا بحثاً عما تحتاج هي إليه وتذكرنا بما هو غير كائن فيها . ولهذاالسبب إن العلامة " أثر " ، فهي ليست التمثيل المرئي أو الكتابي المحسوسللصورة الصوتية بل إنها الأثر الذي يصفه دريدا بأنه ليس طبيعياً ، ( أيإنه ليس الإشارة أو العلامة الطبيعية أو المؤشر index بالمعنى الهوسرلي ) ، أكثر من كونه ثقافياً ، وإنه ليس مادياً أكثر من كونه نفسياً ، وإنه ليسبايولوجياً أكثر منه روحياً .إنما هو كائن في العلامة يحرك الذهن باتجاه ما هو غير كائن فيها ، ولهذاالسبب فإن ما هو موجود في العلامة يحمل أثر ما هو غير موجود فيها ،وتستطيع العلامة أسر الذهن لأن بمقدورها أن تذكرنا بما هو غير موجود فيها ، وتستطيع عبر هذا التذكير تحفيز الذهن ودفعه إلى الحركة . وهكذا نقول أنالعلامة أثر ، وتحمل في أثرها قوتين هما الاختلاف والإرجاء . لذا صار منالضروري أن يتغير مفهوم الكتابة مع ظهور مصطلحي " الاختلاف " و " الأثر"إذ ما عاد بالإمكان الإبقاء على تعريفها بأنها " الحرف " و " النقشالمحسوس " و " الجسد والمادة " الخارجية بالنسبة إلى العقل . وعند محاولةدريدا تعريف الكتابة وضح ذلك قائلاً : "... إنها النقش inscription عموماً ، سواء كان ذلك حرفياً أم غير حرفي حتى وإن كان ما تم توزيعه في الفراغغريباً عن نظام الصوت..."(OG, p. 9) (17) . وبهذا المعنى يمكن أن نعدالتصوير السينمائي والرقص والباليه والموسيقى والنحت جميعها كتابة . وقدلاحظ دريدا عند التوسع بمفهوم الكتابة هذا أن :قديتحدث المرء أيضاً عن الكتابة الرياضية ( أي الرياضة عموماً ) أو الكتابةالعسكرية أو السياسية في ضوء التقنيات التي تتحكم بهذه المجالات حالياً .وهذا لا يصف نسق الدلالة الذي يرتبط ارتباطا ثانوياً بهذه الأنشطة حسب ،بل يصف أيضاً ماهية هذه الأنشطة ذاتها ومضمونها. ( OG, p. 9
عن مجلة "أفق"


بيديكِ يختبئ انتظاري ..
مرَّ وعدُ الأرض من شفتيكِ
والجسر اعتلانا
واعترتـْـنا الذكريات
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08079 seconds with 11 queries