عرض مشاركة واحدة
قديم 01/09/2004   #55
شب و شيخ الشباب Anmar
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Anmar
Anmar is offline
 
نورنا ب:
Dec 2003
المطرح:
UAE
مشاركات:
1,122

افتراضي بعض من روائع جبران


ملابس

تلاقي الجمال والقبح ذات يوم على شاطئ البحر فقال كل منهما للآخر : <<هل لك أن تسبح ؟ >>
ثم خلعا ملابسهما وخاضا العباب وبعد برهة عاد القبح إلى الشاطئ وارتدى ثياب الجمال ومضى في سبيله.
وجاء الجمال أيضاً من البحر ولم يجد لباسه وخجل أن يكون عارياً ولذلك لبس رداء القبح ومضى في سبيله .
ومنذ ذلك اليوم والرجال والنساء يخطئون كلما تلقوا في معرفة بعضهم البعض .
غير أن هنالك نفراً ممن يتفرسون في وجه الجمال ويعرفونه رغم ثيابه . وثمة نفر يعرفون وجه القبح والثوب الذي يلبسه لا يخفيه عن أعينهم .


دموع وضحكات
لقيت ضبع تمساحاً في العشية على شاطئ النيل واستوقف كل منهما الآخر وتبادلا التحية .
تكلمت الضبع وقالت : <<كيف قضبت يومك يا سيد ؟>> أجابها لتمساح : <<قضيته على أسوأ حال وإني لأبكي أحياناً في أساي وعنائي والكائنات من حولي تقول دائماً :<<ليست هذه سوى دموع التمساح>> وهذا يجرحني إلى حد لا سبيل لوصفه >>.
قالت له الضبع عند ذاك : <<تتحدث عن أساك وعنائك ولكن فكر فيّ أيضاً ولو للحظة . إني لأحدق إلى جمال العالم وغرائبه ومعجزات بدائعه وأضحك مستبشرة عن فرح خالص ينعم نفسي كما النهار يضحك غير أنا أهل الأدغال يقولون : ليس هذا سوى ضحك الضبع >> .


اللؤلؤة
قالت محارة لمحارة تجاورها : <<إن بي ألماً جدّ عظيم في داخلي .إنه ثقيل ومستدير وأنا معه في بلاء وعناء >>
وردت المحارة الأخرى بانشراح فيه استعلاء :<<الحمد للسماوات والبحار لا أشعر في سريّ بأي ألم .أنا بخير وعافية داخلاً وخارجاً >>
ومرّ في تلك اللحظة سرطان مائي وسمع المحارتين وهما تتساقطان الحديث وقال للتي هي بخير وعافية داخلاً وخارجاً :<<نعم ! أنت بخير وعافية ولكن الألم الذي تحمله جارتك في داخلها إنما هو لؤلؤة ذات جمال لا حدّ له >>.


جسد وروح
جلس رجل وامرأة بجانب شباك يطل على الربيع وكانت جلستهما تجعلهما جدّ متقاربين فقالت المرأة :<<أنا أحبك أنت جميل وغني وأنت أبداً ودائماً على جانب كبير من الجاذبية >>.
وقال الرجل :<<وأنا أحبك أنت فكرة جميلة بل أنت شيء تسامى عن أن تناله يد . أنت أغنية في حلمي ! >>.
غير أن المرأة أدارت وجهها عنه وانفتلت غاضبة وقالت :<<أرجوك أيها السيد أن تفارقني منذ اللحظة فأنا لست فكرة ولا شيئاً يطوف بك في أحلامك أنا امرأة وأودّ أن تشتاق اليّ أن تشتهيني . أنا زوجة وأمّ لأطفال لم يولدوا بعد >>.
وافترقا ..
وقال الرجل في سرّه :<<ها هو ذا حلم آخر تبدد منذ الآن وتحول إلى ضباب >>.
وقالت المرأة وهي تتأمل وحيدة :<<ما لي ولرجل يحولني إلى ضباب وحلم ؟>>.


النبي الناسك
كان هناك مرة نبي منقطع للعبادة والنسك ولم يكن يترك صومعته سوى ثلاث مرات في الشهر يذهب خلالها إلى المدينة يعظ الناس في الأسواق ويدعوهم إلى بذل العون والمشاركة في حمل الأعباء وكان فصيحاً بليغاً قادراً على الإقناع حتى طار صيته في طول البلاد وعرضها .
وذات يوم قدم إلى صومعته ثلاثة رجال حياهم وأكرم وفادتهم ثم قالوا له <<وعظت الناس بالبذل والمشاركة وكنت تبغي تعليم أولئك الذين لديهم الكثير أن يقدموا لمن ليس لديهم سوى القليل ونحن لا يخامرنا شك في أن شهرتك عادت عليك بأموال طائلة فالآن تعال وقدم لنا من أموالك فإنا في حاجة وفاقه >>.
أجاب الناسك وقال :<<ليس لدي أيها الأصدقاء شيء سوى هذا الفراش وهذا اللحاف وهذا الإبريق خذوها إذا كنتم ترغبون فيها أنا لاأملك فضة و لا ذهب >>.
عند ذاك نظروا إليه بازدراء وأداروا وجوههم عنه ووقف آخرهم عند الباب لحظة وقال :<<أوه ! أنت تغش ! أنت تخادع ! إنك لتعلم وتعظ أشياء لم تبدأ بتحقيقها في نفسك ! >> .


الرمانات
كان لرجل مرة عدد وافر من أشجار الرمان في بستانه وكان في أكثر من خريف يضع رمانه على أطباق فضية خارج مسكنه ويضع على الأطباق علامات يكتبها بيده :<<خذ واحدة لقاء لا شيء أهلأ بك >>.
غير ان الناس كانوا يمرون بالأطباق وما من أحد ياخذ شيئاً من الثمار .
عند ذاك فكر الرجل في نفسه حتى إذا أقبل الخريف التالي لم يضع رماناً على أطباق فضية خارج منزله ولكنه أبرز العلامة الآتية وكتبها بحروف كبيرة :<<لدينا هنا أفضل رمان تنتجه الأرض ولكننا نبيعه بثمن أغلى من أثمان سائر الرمان >>.
وتدفق الناس عليه بعد ذلك من رجال الجيرة ونسائها يشترون .


الحوت والفراشة
وجد رجل وامرأة نفسيهما ذات مساء معاً في عربة مسافرين وكانا قد التقيا من قبل ..
كان الرجل شاعراً وفيما هو جالس بجانب المرأة قصد إلى تسليتها بقصص ابتدع بعضها وسمع بعضها الآخر .
ولكن المرأة غفت بينما كان يسرد عليها قصصه . وعثرت العربة فجأة و أفاقت المرأة وقالت :<<انا معجبة بتفسيرك لقصة يونس والحوت >>.
قال الشاعر :<<غير أني كنت أقص عليك يا سيدتي قصة أنا وضعتها حول فراشة ووردة بيضاء فكيف انتقلت واحدتهما إلى الأخرى ! >>.


Anm@r

ليست حقيقة الإنسان بما يظهره لك بل بما لا يستطيع أن يظهره
لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله ...
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05151 seconds with 11 queries