عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #16
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


يذكر الدكتور بديع شريف الصراع بين الموالي والعرب ولكنه يضع اللوم على الموالي ويبرئ منه العرب. وهو يقول إن العرب كانوا يعتّدون بتقاليدهم وشمائلهم ويعتزون بدمهم ويرون أن المولى لا يكون كفئاً للعربي لأن الدين لم يتمكن من قلب المولى ولأن المولى فيه صفات كثيرة لا تؤهله لذلك، وكانوا يأخذون على الموالى أموراً لا تتفق مع مبادئ الإسلام منها انهم يتآمرون عليه ويخالفون قواعده باشتهارهم بشهادة الزور، ومنها عدم الوفاء والخور والعجمة.[14] وكل هذه الصفات، باستثناء العجمة، كانت متوفرة في حكام بني أمية، ومع ذلك أطاعهم المسلمون
اضطهد بنو أمية العجم الذين دخلوا الإسلام بعد الفتوحات رغم أن الإسلام يقول: " لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى". وفي الواقع أن اضطهاد الموالي قد بدأ ببداية الفتوحات في أيام الخلفاء الراشدين، فعندما فتحوا مصر وغيرها من بلاد الحضر التي كان أهلها يحترفون الزراعة، سموا أهلها " العلوج"، لأن العرب كانوا يحتقرون الأعمال اليدوية.
جاءت إلى عليّ بن أبي طالب ذات يوم امرأتان فقيرتان تسألانه شيئاً من المال. فأعطاهما. لكن إحداهما سألته أن يفضلها على صاحبتها لأنها امرأة من العرب وصاحبتها من الموالي. فقال لها علي: " ما أعلم أن الله فضل أحداً من الناس على أحد إلا بالطاعة والتقوى" [15]
يقول المدائني إن طائفة من أصحاب عليّ مشوا إليه فقالوا: " يا أمير المؤمنين إعط هذه الأموال، وفضّل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، واستمل من تخاف خلافه من الناس". فقال لهم: " أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور".[16]
فرح العرب بانتصاراتهم الرائعة التي أنجزوها في عهد بني أمية وأخذوا يتعالون على غيرهم من الأمم المغلوبة ويعدون أبناءها عبيداً لهم. وقد أرادت تلك الأمم أن تسترد مكانتها بدخول الإسلام فلم يغنها ذلك شيئاً، فالدولة لم تعفهم من مذلة الجزية ولم تساوهم بالعرب في كثير من الأمور.
يقول البروفسير نيكلسون: " إن الأمم المغلوبة صدّقت بأن الإسلام هو دين العدل والمساواة فدخلت فيه. ثم وجدت أنها قد أخطأت في ذلك خطأً فظيعاً. ذلك لأن الطبقة الأرستقراطية في الدولة لم تعاملها على أساس المساواة مع العرب. بل احتقرتها واضطهدتها وأبقت عليها ضريبة الجزية وأطلقت عليها لقب " الموالي" أي العبيد المعتقين [17]. فلما كثرت نفقات الدولة بسبب الحرب وقمع الثورات، فرضت الدولة الجزية على من أسلم من الموالي وفرضت الخراج على أراضيهم، خلافاً لأحكام الإسلام، ولم يحتج حتى شيخ واحد على هذه القوانين التي خالفت الإسلام.
ومع ازدياد الفتوحات ازداد عدد السبايا والأسرى عند المسلمين، ويقال إن موسى بن النصير رجع من غزواته في شمال أفريقيا والأندلس يجر وراءه ثلاثمائة ألف أسير، منهم ثلاثين ألف عذراء [18]. ويقال إنه أرسل خُمس العذارى إلى الخليفة في الشام لأن الآية تقول: " واعلموا أن ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول "[19]
ولست أظن بأن أولئك العذارى وقعن في الأسر طوعاً واختياراً. إن المجاهدين الفاتحين لا بد قد خطفوهن من البيوت بعد أن قتلوا رجالها ونهبوا ما فيها. فليس من المعقول أن يذهب المجاهدون إلى بيوت المدن المفتوحة فيطرقون الباب ويقولون: " أعطونا عذراء في سبيل الله". إن سبي كل فتاة وراءه قصة طويلة من النهب والسفك وانتهاك الحرمات. فعل المجاهدون كل ذلك في سبيل الله طبعاً- فهم أرادوا أن ينشروا الإسلام في العالم ويؤسسوا به دين العدل والرحمة والإنسانية. وهناك أصوات تقول إن المسلمين أسروا وسبوا لأن تلك كانت عادة الكفار، وما هذا إلا من باب المعاملة بالمثل. ولكن المشركين لم يكن لهم هدى إلهي، والإسلام دين من عند الله، ولا بد أن يكون لله قواعد وأصول مختلفة عن قواعد المشركين، وإلا ما كان هناك داعي لتغيير معتقداتهم.
وفي الواقع أن قصة أخذ السبايا في الإسلام بدأت مع بداية غزوات الرسول، غير أن الأسرى والسبايا وقتها كانوا من غير المسلمين الذين غزاهم الرسول ليدخلهم في الإسلام أو يدفعوا له الجزية. ولكن في عهد أبي بكر عندما بدأت حروب الردة وحروب القبائل التي منعت عنه الزكاة، أخذ المسلمون أسرى وسبايا من المسلمين المهزومين. وهكذا سبى المسلم المسلمة.
من المعروف أن أكثر الناس تمسكاً بالدين هم الفقراء لأن الدين يسمح لهم أن يعيشوا أحلامهم بحياة هنيئة راغدة في الآخرة، بعد ما حرمهم الفقر من التمتع بالدنيا، ولذا قال الفيلسوف الألماني نيتشة: " الدين ثورة العبيد". فالعبيد الفقراء لا يستطيعون أن يثوروا على أسيادهم، ولكن الدين يسمح لهم، نظرياً، أن يتساووا مع أسيادهم في الآخرة، وبذا يكونوا قد كسروا قيودهم وتحررت أرواحهم، وإن كانت أجسادهم ما زالت ترزح في قيود العبودية والفقر. ولنفس السبب قال كارل ماركس: " الدين أفيون الشعوب"
هذا ما حدث في بداية الإسلام عندما جاء المهاجرون الفقراء من مكة إلى المدينة، وتمسكوا بتعاليم دينهم كما سمعوها من الرسول. وكان الأغنياء منهم يعدون على الأصابع، ولم يكن باستطاعتهم البذخ في أموالهم وهم محاطون بالفقراء، والرسول رقيب عليهم. ولكن مع ازدياد الفتوحات ازداد الغنى ولم يبق من الصحابة فقير ما عدا الذين زهدوا في المال من أمثال عمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي. أما البقية من أمثال بلال الحبشي وصهيب الرومي، وكبار الصحابة فقد تحولوا إلى أغنياء وسادة بعد أن كانوا مستضعفين. وإذا زاد المال قل التمسك بالدين
ومنذ خلافة عثمان أصبح عددٌ من الصحابة من أغنى أغنياء العرب. فيذكر ابن سعد في طبقاته أن ثروة الزبير بن العوام بلغت اثنين وخمسين مليون درهم من النقد، وكانت له أملاك في مصر والكوفة والبصرة. وكان لعثمان عند خازنه يوم قُتل ثلاثين مليون درهم ومائة وخمسين ألف دينار. وترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة حصان ومزرعة وذهب مسبوك في سبائك. وكانت غلة طلحة من العراق وحده ألف درهم في اليوم وقد ترك من الأموال والعقار ثلاثين مليون درهم [20]. والقرآن يقول: " إن الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ". ولكن الإشكال أن طلحة والزبير وابن عوف من المبشرين بالجنة وقد كنزوا كل هذا الذهب. فهل سيحمى به في نار جهنم وتكوى به جنوبهم وهم في الجنة؟

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06842 seconds with 11 queries