عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #10
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


وبعد واقعة الجمل هذه حارب معاوية عليّ بن أبي طالب في موقعة صفين، وقُتل عددٌ كبير من المسلمين من الطرفين، ثم رفع جيش معاوية المصاحف طلباً للتحكيم، وقبل عليّ بالتحكيم واختار أبا موسى الأشعري ليمثله. وبعد أن اتضحت خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري، انقسم جيش عليّ لقسمين: قسم طلب منه أن يرجع عن قرار التحكيم ويحارب معاوية، وقسم وافقه على الالتزام بالتحكيم. وعندما رفض عليّ الرجوع عن التحكيم، خرج عليه القسم الأول من جيشه وعُرفوا ب " الخوارج"، وظل القسم الآخر معه وعُرفوا بالشيعة.
وكنتيجةٍ مباشرة لمعركة صفين انقسمت دولة المسلمين إلى قسمين: قسم لمعاوية بن أبي سفيان، وهو الشام، والقسم الآخر لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. وانقسم المسلمون إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ مع معاوية والأمويين بالشام، وقسم مع عليّ بن أبي طالب، وهم الشيعة، وقسمٌ خرج عليه، وهم الخوارج.
فجمع عليّ شيعته وحارب الخوارج في النهروان وهزمهم، ففروا إلى الأهواز بعد أن قتل منهم عدداً كبيراً. ولم تمض أربعة سنوات على خلافة عليّ حتى قتله الخوارج، وكانوا قد صمموا على قتل عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص، واعتبروا ما فعله ثلاثتهم كبيرة توجب قتلهم. وتطوع ثلاثة منهم هم: عبد الرحمن بن ملجم والحجاج بن عبد الله التميمي وعمرو بن بكر التميمي، لقتلهم، ولكن لم ينجح منهم غير عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل علياً.
مرة أخرى نرى المسلمين يقتلون بعضهم البعض رغم تحريم ذلكفي القرآنوبأحاديث النبي، ورغم أمر الرسول لهم بأن يطيعوا أولي الأمر فيهم. وبحلول سنة ستة وثلاثين هجرية، أي بعد مرور خمسة وعشرين عاماً فقط على موت النبي، تقسمت الدولة الإسلامية إلى قسمين وتقسم المسلمون إلى ثلاثة طوائف. ومع مرور السنين زاد تقسيم المسلمين إلى طوائف أخري وزادت حروبهم ضد بعضهم البعض.
بعد مقتل عليّ بايع أهل العراق الحسن بن عليّ ليكون خليفةً للمسلمين، وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبايعه بقية الناس. مرة أخري انحصرت الشورى على مبايعة أناس قليلين في بلد الإمام. ولم يطل الوقت بالحسن حتى تفرق عنه الناس، فكتب إلى معاوية يطلب الصلح.
بعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سُمرة بن حبيب، فقدما على الحسن بالمدائن، وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف ( خمسة ملايين) درهم في أشياء اشترطها[41] . وبايع الناس معاوية أميراً على المؤمنين، وسميت السنة التي بايع فيها الحسن معاوية، عام الجماعة. وبدأت الدولة الأموية في سنة أربعين هجرية.
فلنستعرض ما حدث لدولة المسلمين في الثلاثين سنة الأولى بعد موت الرسول.فالدولة الإسلامية يُفترض فيها أن تلتزم بالقرآن والسنة كمصدر لتعاملها مع مواطنيها ومع من يتولى منهم مراكز القيادة. فلنبدأ بتعاملها مع مواطنيها:
أولاً: احترام حق المواطنين في اختيار من يحكمهم
والقرآن يقول " أمرهم شورى بينهم"، وقد رأينا كيف وافق العلماء على عدة طرق لاختيار الخليفة: منها أن يبايع رجلٌ واحد الخليفة الجديد ثم يتبعه الآخرون، كما حدث في اختيار أبي بكر الصديق. والطريقة الثانية هي أن يختار الخليفة من سيخلف بعده، كما حدث في اختيار عمر بن الخطاب، والطريقة الثالثة هي أن يختار الخليفةُ جماعةً من أهل العلم والرأي ليختاروا الخليفة من بينهم، كما حدث في اختيار عثمان بن عفان.
وليس من الممكن أن نقول إن هذه شورى تستطلع رأي غالبية مواطني الدولة. وكان الإمام عليّ بن أبي طالب يرى أن الشورى تنحصر فقط في الأنصار والمهاجرين، وأن بقية المسلمين لا حق لهم فيها، فهو قد كتب إلى معاوية: " أنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار".
وربما كان هذا هو السبب في أن كل الدول الإسلامية وخاصةً العربية منها، ما زالت تحكمها قوانين وراثية أو عسكرية لا تعترف بالشورى وحق المواطن في الاختيار، لأن مواطنيها ليسوا من المهاجرين والأنصار .
وهناك بعض الدول التي حاولت خداع الناس بإنشاء مجالس شورى، يتم اختيار أعضائها من قِبل الحاكم أو من قبل الجمهور عن طريق انتخابات مزورة. فلم يحدث في تاريخ الإسلام، لا في دولة الخلفاء الراشدين ولا في الدول التي أعقبتها، أن تم اختيار أحد الحكام عن طريق الشورى الحقيقية. ومما يدل على اهتمام الإسلام بالشورى، من الناحية النظرية على الأقل، أن هناك سورة في القرآن اسمها " الشورى ". ولكن رغم أن هذه السورة بها ثلاث وخمسين آية، تُذكر فيها الشورى مرة واحدة فقط: " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون " [42].
والمشكلة أن الإسلام لم يبين لنا كيفية ممارسة هذه الشورى، فلا القرآن وضّحها ولا السنة فعلت. ولذلك عندما اختار عمر بن الخطاب ستة أشخاص ليختاروا الخليفة منهم، كان يعتقد أن هذه هي الشورى. وبالطبع لم يهتم أحد في تلك الأيام بسؤال الرعية كيف رأوا ممارسة الشورى. وأغلب الظن أن غالبيتهم لم يعتبر ما جرى في اختيار الخلفاء شورى.
فعندما خرج طلحة والزبير مع عائشة في واقعة الجمل، أراد الزبير أن يُقنع أهل البصرة أن عثمان قُتل مظلوماً ولذا وجب عليهم الخروج معه لحرب عليّ بن أبي طالب، الذي آوى قاتلي عثمان، فقام إليه رجل من عبد القيس فقال: أيها الرجل أنصت حتى نتكلم، فقال عبد الله بن الزبير: ومالك وللكلام! فقال العبدي: يا معشر المهاجرين، أنتم أول من أجاب رسول الله فكان لكم بذلك الفضل، ثم دخل الناس في الإسلام كما دخلتم، فلما توفي رسول الله بايعتم رجلاً منكم، والله ما استامرتمونا في شئ من ذلك فرضينا واتبعناكم،فجعل الله عز وجل للمسلمين في أمارته بركة، ثم مات رضى الله عنه واستخلف عليكم رجلاً منكم، فلم تشورونا في ذلك، فرضينا وسلمّنا، فلما توفي الأمير جعل الأمر إلى ستة نفر، فاخترتم عثمان وبايعتموه عن غير مشورة منا، ثم أنكرتم من ذلك الرجل شيئاً فقتلتموه عن غير مشورة منا، ثم بايعتم علياً من غير مشورة منا، فما الذي نقمتم عليه فيه فنقاتله؟ فهموا بقتل ذلك الرجل فقام من دونه عشيرته، فلما كان الغد وثبوا عليه وعلى من كان معه، فقتلوا سبعين رجلاً [43] .
فالواضح أن المسلمين، حتى في تلك الأيام الأولى للإسلام، كانوا متذمرين من عدم مشورتهم في القرارات المهمة التي تمس حياتهم، كاختيار أمير المؤمنين، لكنهم سكتوا عن ذلك خوف الفتنة وشق صفوف المسلمين.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07319 seconds with 11 queries