الموضوع: ارفض انوثتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/08/2007   #1
صبيّة و ست الصبايا wave
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ wave
wave is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
البحر
مشاركات:
267

افتراضي ارفض انوثتي


أرفض أنوثتي

خلعت حذائها ثم استلقت على السرير الذي أومأ الطبيب إليه ..
كان العيادة منسقة بعناية .. وأحواض الورد تملأ المكان ..كانت رائحة ملطف الجو تغريها بالاسترخاء والغرق بالأحلام. و تمنت للحظات أن يتركها الطبيب لتغفو قليلاً..
نعم سيدة عفاف ..أيقظها الطبيب من شرودها ..من أين تريدين التكلم..
قالت له : أنت الطبيب وليتك تساعدني من أين أبدأ ..
- حسناً.. لنبدأ بالأسئلة التقليدية هل تعملين ؟؟
- نعم أعمل موظفة بشركة الكهرباء..
- عظيم .وكيف علاقاتك بزملائك ..
- علاقة طبيعية .. هناك مقربون لي وهناك من أتعامل معهم برسمية..
تفحص الطبيب يديها ليرى دبلة الزواج ..ثم سألها..
- أنت متزوجة أليس كذلك؟؟
- أجل دكتور .. ..منذ 15 عاماً..زوجي مهندس في المواصلات ..
- لديك أطفال ؟؟
- نعم لدي بنت وصبيان.. وهم رائعون ..
احتار الطبيب..وقد أحسّ أنه لم يصل بعد إلى خيط لمشكلتها..فتهكن بمشكلة زوجية خاصة..
- طيب علاقتك بزوجك ..كيف ؟؟..
صمتت قليلاً.. وغابت عيناها وكأنها تتذكر..
- لاأعرف ..إنها علاقة عادية..
- أقصد .. أقصد علاقتكما الخاصة.. هل توجد قطيعة أم ..مثلاً.. عدم انسجام ..؟؟
- قطيعة لا .. ولكن تحولت إلى علاقة ثانوية..
- كيف يعني .. علاقة ثانوية..؟؟ أرجوك وضحي..
أحسّت بضغط على صدرها ..وبلا شعور صارت تتململ ..
أحسّ الطبيب ..أنها فقدت استرخائها ..وكان الوقت قد تأخر....فأرتاى أن يرجأ الحديث إلى المراجعة الثانية..
- حسناً.. سيدتي.. نكتفي الآن.. لكن بالمرة القادمة ..سنتحدث بصراحة أكثر ها ..اتفقنا.
ابتسمت وأحست بثقة ..مفاجئة بهذا الطبيب..وهي تتأمل ملامحه الهادئة .. البعيدة عن التشنج.
ارتدت حذائها .. ومعطفها ..ثم غادرت..
..........
حين كانت تمشي في طريقها إلى الموعد مع الطبيب. أحست أن كل الناس في الطريق.. تعرف وجهتها.. بل زاد هاجسها لدرجة .. أحست كل شخص يرمقها بتجهم وكأنه يلومها لفضح أسرارها أمام غريب حتى ولو كان طبيب .
تذكرت كيف جاءت زميلتها منى. " أم الفضائح " كما تسميها... ذات يوم من مكتبها المجاور وفمها يسبق قدميها ..لتبث خبراً عاجلاً .. كما كانت تحب أن تستهل فضائحها.. وكانت الضحية هذه المرة ..العانس ليلى ..بسرعة دخلت منى المكتب التفت يميناً ويساراً.. ثم أشارت للموظفات أن يجتمعن .. أخفضت رأسها ..ووضعت يدها على فمها ثم قالت بصوت ملؤه النشوة .. ليلى ..العانس .. تذهب إلى طبيب نفسي.. يا حرام سوف تجن إذا لم تتزوج.!..لذا ديروا بالكم أنا سمعت أنها تأخذ حبوباً مهدئة .. والله صرت أخاف منها..شي يوم يطلع جنانها ..يا الله باي..
تذكرت يومها كيف غضبت .. وبدأت بمحاضرة طويلة عن الحاجة النفسية .. لارتياد العيادات النفسية .. وأن السليم الحقيقي هو من يذهب.. لكن إشارات من زميلاتها لبعضهن ..جعلتها تصمت ..
تلفتت بلا وعي .. وراءها أحست أن منى وزميلاتها يلاحقهنا .. يا الله .. ماذا لو عرفن ..ألا يكفيني أني أتحمل تفاهتهن وثرثرتهن .. وكرههن لي لأنهم لم يستطيعوا تصيد أي تفصيل عن حياتي..يالله
كيف سأخرس لسانهن إذا عرفن ..والله ستكون فضيحة العام بامتياز ..
- ماذا أصابك يا عفاف ..هل تفكيرك وصل إلى حدّ .. أن تتأثري بنسوة جاهلات.. حدثت نفسها .. وكانت تصعد الدرجات إلى العيادة..
..........
كان الطبيب يتحدث على الهاتف بصوت ناعم .. حين جهزت نفسها على السرير .. حاولت أن ترتب ما ستقوله .. تريد أن تتحدث دفعة واحدة وترتاح..
استفاقت على صوت مسجل الصوت يرفعه الطبيب.. كانت الموسيقا تعزف الفصول الأربعة..ياه كم تحس بعوالم لا آفاق لها حين تسمعها..
- لا الحمد لله اليوم وجهك منور ست عفاف ..
شجعتها كلماته .. وأحست بارتياح ..
- شكراً دكتور هذا من لطفك..
- طيب سيدة عفاف.. كنا نتحدث في المرة الماضية عن علاقتك بزوجك ..أنا لن أسأل أنا أريد أن أسمع فقط .. تمام.؟؟
- تمام دكتور.. لكني لا أعرف كيف سأصفها لك ..
- صفيها بكل صراحة ولا حياء بالطب....
تحرجت قليلاً.. وهي تتخيل زوجها وهو يسمعها تتحدث عن خصوصيتهما ..
- نعم سيدة عفاف.. أنا أسمعك .. هيا..
أغمضت عينيها ..وزفرت بعمق..
- يا دكتور والله لا أعرف لماذا يحصل معي أني أفقد أي رغبة ..وأفقد أي لهفة..
أنا أحب زوجي وهو يحبني.. وكلانا طبيعي .. لكن .. لكن أحس أن حاجزاً كبيراً يمنعني أن أكون طبيعية..
- وهل كانت بالسابق علاقتكما طبيعية..
- بالسابق.. حتى بالسابق دكتور .. أنا لم أكن أتحمس .. رغم حبي الشديد لزوجي..أعتقد أني أعاني.. من تبلد بأنوثتي..
- تبلد أنوثة وصف جميل .. ولكن كيف تحسينه بالضبط ؟؟
- لا أعرف دكتور كيف أصفه لك .. أنا أحسه إحساس ..
- أقصد هل تستطيعين التركيز على ما يحرك أنوثتك .. لنعرف ما الذي يجعلها بليدة؟؟
اختلطت الصور أمامها ..بدت سريعة ومشوشة .. ولكن الموسيقا خدرت وعيها وصارت . .تحسّ بأنها تكتشف نفسها وعالمها الذي .. أهملته أو ربما قمعته أو ربما تجاهلته..
لمعت صورتها وهي صبية .. بعنفوانها .. كيف كانت تقطف الزهور البرية من الوديان ثم تصنع منها باقة .. وتظل تتأملها بافتتان غريب.. تذكرت كيف..كانت تكتب الأشعار وتوزعها على رفاقها .. تذكرت .. أحلامها بأن يحضنها رجلاً دافئاً .. لا يتكلم إلا بصوت خافت .. يبتسم لها في الصباح.. وصوت فيروز يصدح بالمكان.. ..
قطبت جبينها .. وهي تسمع زعيق ..زوجها .. وهو يصفعها ..وأمه وأخوته يدارون ابتسامة الشماتة .. تتالت صور الطريق والحافلات التي تهدر أناقتها وعطرها وإنسانيتها ..صورها وهي تحمل أكياسها يومياً..وكأنها تعيش كأرملة ..صوت رب العمل يعنفها .. لأنها لم ترفع عينيها عن أوراقها .. حين زار مكتبهم .. صور زميلاتها .. يلاحقن الفضائح .. ويقبلن الرشوة ..
تلاحقت بقسوة صور التلفزيون تعرض جثثاً هنا وهناك ..اختلطت صور باقات الزهر والصفع وأصوات تأمرها بواجباتها .. من كل حدب وصوب..
صرخت ..بقوة ..
دكتور....لا أحد يفهم ويقدّر أني إنسانة .. أنوثتي ليست متبلدة بل مقتولة ..فكيف لامرأة مرهقة مثلي.. تصفع إنسانيتها .. في الصباح عند زوجها .. وفي الطريق.. وفي الحافلة.. وفي العمل .. ثم أعود لأكمل هدر إنسانيتي في البيت .. ولأني لا أقدر أن أضحك على نفسي وأن أهرب إلى قصص أفلام انتهى زمنها وأغاني تشوه أنوثتي وتهدر إنسانيتي.. أكثر .. ولأن الأحداث في عالمنا لا تسمح لي أن أغفل عن متابعة الأخبار .. فأنا أجد نفسي.. آخر الليل كتلة من حطام بشري.. صدقني دكتور.. داخلي ملئ بالأنوثة والأحلام الجميلة.. ولكني أريد أن أشعر أني إنسان محمي .. أنا لا أستطيع أن أكون أنثى ..في زمن يصبح فيه الرجل محتاج للحماية..محتاج للرجولة.. قل لي كيف تعيش الأنوثة في زمن .. يبتز فيه الرجال نسائهم ...رجال يبيعون فيه النساء والأطفال .. رجال يبيعون وطنهم.
أنا يا دكتور .. أرفض أنوثتي.. لأن لا مكان لها ..في هذا الزمانٍ..

أطرق الطبيب .. واجماً .. فلقد عرف أنه عاجز أن يساعدها بشئ..
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05100 seconds with 11 queries