فصل حياة - الجزء الثالث
العرب والعروبة
لم تهف هذه الأمة يوما والهيج أكتنفها منذ الخلافة الى قيام صهيون, والخيانة مزقت ردائها فكثرت الرقع وأتسعت فباتت أكثر تأثرا وتعرضا لحرارة الشمس وشدة الصقيع , ربما لأننا أهل العلم والكلام وموطىء الفقهاء والحكماء , فجعلنا للصواب ألف سبيل وسبيل فضاق المكان بها وأنقسم القوم فأصبح يحدوهم ألف شتان وشتان, وتعددت مآسي بأنجاز أوصالهم والقت عبئها على رقابهم ولم تكتف الى أن شاركهم صهيون.
وتنقسم سمات أبنائها فمنهم أهل نخوة وساعون الى عزة وكرامة كصقور جائعة في أرض دكناء ومنهم يسيل وجودهم شواذا كالأنهار ويلقون علينا مواعظا ويؤلفون شعارات وأما والله ان فتات الخبز أحجى اليهم من كل أقوالهم والحقارة تظهر حينما يقوم من لا يتجرأ على حمل بندقية بوجه عدو , أن يرشد الناس الى سبل لا يريد المرور بها ,ويوصد في وجوهم أبواب الحياة التي تطمع أليها نفسه, ويسد أخشامهم من مذاق العندم التي ضجر منها خشمه .
وها أنا في فصل وربيع عمر أتذوق الشواذ من تلك الفئة الثانية, وحينما أكون صادقا تشتد الشتائم حولي, وأقولها مجددا امام الأشهاد لو خيرت بين المقاومة وعيش الواقع لأخترت عيش الواقع خوفا على سلامتي وحرصي على البقاء لرعاية عترتي,وما أتمناه لنفسي أتمناه لغيري لذا أنا لا أتمنى المقاومة لأحد لكنني أرفض الكون طعنا بها وأقول ربي أنصرها..هذه شجاعتي وقدرتي على تفهم جوارحي ,وفي فصل هذه الحياة أراها رخيصة بجسم بعوضة, فبضعتنا يتقبلون من القريب المجازر ويرفضون من الغريب قتل نفسا واحدة, تذكرنا وبكينا مقتل بضعة الاف بأيد صهيونية لكننا نسينا مقتل مئات الألاف بأيد عربية,أنما أنا لم أنسى, لأن النظرة العادلة للأنسان مطبوعة في كياني وأمواجها تتمايل بعواطفي وتسكب حرارتها على ضميري, لأنها نتاج تفكير دنيوي وليس ماورائي...وهذا الورم السرطاني في أمتنا لن يزول لأنني أرى عقولا نعسانة يشتد نعاسها حين تنفخ الخطب الرنانة عطر الفتن والشتات.
|