عرض مشاركة واحدة
قديم 24/08/2006   #8
شب و شيخ الشباب MR.SAMO
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ MR.SAMO
MR.SAMO is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
المطرح:
طريق النحل .......
مشاركات:
5,049

إرسال خطاب AIM إلى MR.SAMO إرسال خطاب MSN إلى MR.SAMO إرسال خطاب Yahoo إلى MR.SAMO
افتراضي 6- ولكن المسؤولية الحقة تنفي روح التسلط:


إنما السلطة هذه لا تعني التسلط. المسؤول.. يقاوم في ذاته روح التسلط، تلك التجربة الدائمة الملازمة للمسؤولية. إنها الإنسان العتيق يحاول أن يبرز من وراء مهمة روحية وأن يتقنع بها ليشبع "أناه" الطاغي، المنغلق. روح التسلط يتستر أحياناً وراء أنبل الحجج، فيعلل المسؤول نفسه بأنه لم يبغِ سوى المصلحة العامة، متناسياًَ أنه، بصورة لا شعورية أحياناً، يخلط بين المصلحة العامة ورغبته في فرض ذاته.
المسؤول الحق لا يمارس سلطته من أجل التمتع بالسلطة، بل من أجل خير مرؤوسيه. إنه لا يستخدم الناس ولكنه يساعدهم على خدمة قضية تفوق مصالحهم الفردية. إنه متجرد، لا يسعى إلى نجاح فردي. لا يعتبر نفسه رئيساً من أجل نفسه بل من أجل الآخرين. لا ينتظر عرفان جميل ولا يقبل التملّق. لا يغذي الأسطورة التي ربما نسجها مرؤوسوه حوله. الطفل الصغير ينسب لوالديه كمالاً إلهياً، ثم ينهار هذا الوهم تحت ضغط الواقع، ولكنه كثيراً ما يُبعث عند البالغ بأشكال أخرى، مثلاً بشكل أسطورة رئيس كامل، ذات صفات مطلقة. المسؤول الحق، وإن قبل الاحترام لأنه يساعده على تتميم مهمته، يحارب الصنمية التي تشوه دوره، وتحجب عن مرؤوسيه غايتهم الحقيقية التي تتجاوز شخصه، وتسيء إلى نضوجهم النفسي والروحي.
مجمل الكلام إن المسؤول الحق لا يبغي الزعامة بل الخدمة، التي توصيها المحبة. لا سلطة بالمفهوم المسيحي إلا سلطة المحبة. المسؤول هو أساساً من يحب أكثر من الآخرين، والمحبة كلها عطاء وتضحية: "بهذا قد عرفنا المحبة. إن ذاك قد بذل نفسه لأجلنا، فيجب علينا نحن أيضاً أن نبذل نفوسنا لأجل الاخوة" (1 يوحنا 3: 16). المحبة كلها خدمة، لا تصنّع فيها ولا منّة: "من أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن للكل خادماً". ليس فيها إنطوائية، لا سعي فيها وراء مجد أو نفوذ أو سيطرة، إنها "لا تطلب ما لنفسها" لأن "المسيح لم يرضِ نفسه"، "لم يأت ليُخدم بل ليخدم ويقدم نفسه فداء عن كثيرين".
إن مادلين دانيالو (Madeleine Daniélou) في أحد كتبها تميّز بين شخصية المتزعم (le tribun) وشخصية الشاهد (le témoin). فالمتزعم لا هم له سوى جمع الجماهير حوله ليقيم من نفسه صنماً يُعبد. أما الشاهد- والمسؤول .. شاهد- فإنه لا يهتم بذاته. إنه كيوحنا المعمدان يجذب التلاميذ إليه ليرسلهم إلى الرب: "من له العروس فهو العريس، أما صديق العريس، القائم بقربه ويسمعه، فإنه يهتز فرحًا لصوت العريس، فذلك هو فرحي، وقد اكتمل. فله ينبغي أن ينمو، ولي أنا أن أنقص" (يوحنا 3: 29 و30). المسؤول .. لا يقيم من شخصه غاية: "لم يكن هو النور بل ليشهد للنور"، بل همه أن يعيش المسيح فيه: "لست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيّ" لكي يلتقي إخوانه بالرب من خلال شخصه الضعيف.
إذا نبذ المسؤول روح التسلط، فهذا يعني انه لا يتملق مرؤوسيه بغية الحصول على شعبية رخيصة كما كان يبني الأنبياء الكذبة سلطتهم الزائفة على تملق الناس وتغذية أهوائهم، إذا أنكر نفسه فعلاً فلن يمجد مرؤوسيه بغية الحصول على تمجيدهم: "كيف تستطيعون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون المجد بعضكم من بعض ولا تبغون المجد الذي عند الله وحده" (يوحنا 5: 44). المسؤول لا يساوم لأنه لا يبتغي ما لنفسه، بل يقول الحق، ولا يتورع عن توبيخ من يُسأل عنهم إذا اقتضى الأمر. فإن اللوم الأخوي ضروري من حين لآخر لأجل المصلحة العامة ولأجل خير الملام نفسه. إلا أن اللوم نفسه يجب أن يكون بعيداً عن روح التسلط، لا تشفّي فيه ولا غضب ولا "نرفزة" ولا إذلال ولا تهكم ولا مبالغة ولا تعميم وحكم نهائي ولا تذكير بالأخطاء السالفة. ليست غاية اللوم تحطيم الملام بل بناؤه.
وبصورة عامة، ممارسة السلطة بالمفهوم المسيحي تقتضي جوًا خاصاً، فيذكر المسؤول أن مرؤوسيه ليسوا بمملوكيه. فإن الإنسان المخلوق على صورة الله لا يمكن أن يكون مملوكاً لإنسان آخر، ولو ادعى هذا الأخير أنه يحاول أن يتملكه باسم الله ومن أجله. فالله نفسه، خالقنا الذي لا وجود لنا بدونه، الذي به نحيا ونتحرك ونوجد، لا يريد أن يملكنا بل أن يقيم معنا شركة حب حرّة. لقد بيّن Grévillotفي كتابهMarxisme, Existentialisme, Personnalisme chrétien أن الكلمة المشهورة التي قالها أوغسطينوس المغبوط والتي كانت تترجم عادة هكذا: "يا رب لقد خلقتنا لك..."، يجب أن تترجم بالفعل إذا دققنا في النص: "يا رب لقد خلقتنا متجهين إليك...". فإذا كان الله هكذا يتصرف فكم بالحري المسؤول المسيحي لا يمكنه أن يعتبر الآخر"شيئاً" يملكه ويتصرف به دون مراعاة، ولو قصد من وراء ذلك خيره. الحزم لا ينفي مراعاة شعور الآخر. لقد كان يوصي الرسول: "أكرموا بعضكم بعضًا". المسيحي لا يهتم فوق الحد بكرامته الشخصية ولكنه يراعي إلى أبعد حد كرامة الآخر، لأن المحبة تقتضي ذلك وصورة الله القائمة في الآخر وتلازم شخصه وشخص المسيح. على المسؤول أن يفطن بأن ملاحظة غير لائقة أو عبارة قاسية ومحقّرة يمكنها أن تجرح مرؤوسه في الأعماق. الحزم عند المسؤول لا ينفي إذًا اللطف والتهذيب وأحياناً لهجة مرحة تخفف من حدة ملاحظة ضرورية.
المسؤول الذي نبذ روح التسلط لا يكتفي بأن يلقي أوامر على مرؤوسيه بل يجتهد في إفهام مرؤوسيه غاية هذا الأمر ومعناه وأهميته، كي ينال قناعة المرؤوسين وتبنّيهم الصميمي للأمر، فلا يعودون مجرد أدوات تنفيذ بل مساهمين أحرارًا في العمل المشترك كما يليق بكرامة أبناء الله.
المسؤول الذي نبذ روح التسلط يعرف إمكانياته، يقر ببساطة ودون أي تبجح بالمواهب التي شاء الله أن يمنّ بها عليه. هناك تواضع زائف هو بالفعل، وبصورة لا شعورية أحياناً، سعي وراء المزيد من المديح حسب عبارة (La Rochefoucauld) "رفض المديح عبارة عن الرغبة في مديح مزدوج"، أو تستير للكسل وتبرير له. لكن المسؤول يعرف أيضاً حدوده. يعلم بأنه لا يعرف كل شيء، ولذلك يستشير ويستمع إلى آراء الآخرين حتى إذا كانوا مرؤوسيه. ثم يعلم بأنه معرّض للخطأ ولذلك يقبل الإنتقاد، ولو كان الإنتقاد أليماً، برحابة صدر إن لم يكن بشكر وامتنان. وحتى إذا كان الإنتقاد مبالغاً فيه بوضوح، وحتى إذا كانت دوافعه ليست سليمة كلياً، يحاول أن يرى ما هو قسط الحقيقة- ولو كان ضئيلاً- الكامن في ما يوجه إليه من نقد.

انسان بلا حدود
CHEGUEVARA
انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا ، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.
EYE IN EYE MAKE THE WORLD EVIL
"أما أنا فقد تعلمت أن أنسى كثيرًا، وأطلب العفو كثيرًا"
الأنسان والأنسانية
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03880 seconds with 11 queries