عرض مشاركة واحدة
قديم 11/02/2005   #4
شب و شيخ الشباب HashtNasht
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ HashtNasht
HashtNasht is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
قدامك ...مانك شايفني !
مشاركات:
3,438

افتراضي منظمة التجارة العالمية ( الجزء الثالث )


المنظمة وعولمة المال والاقتصاد والمنظمات المقابلة
تتمثل السمات الرئيسة للاقتصاد العالمي في وقتنا الراهن بحركة السلع والخدمات ورأس المال والمعلومات والايدي العاملة عبر الحدود الوطنية والدولية، وقد ساعد في ذلك التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصالات بحيث بدا العالم قرية كونية يسهل فيها معرفة اي شيىء والوصول اليه بكلفة رمزية تكاد لا تقاس بما سبق. وتتماثل هذه السمات مع ما تدعو اليه منظمة التجارة العالمية ، كما تتناسق مع النظام الاقتصادي الدولي الذي ظهر فيه هيمنة النظام الرأسمالي الحر ومبادئه وقواعده بعد سلسلة التحولات السياسية الدولية في العقد الاخير من القرن العشرين والمتمثل في انهيار الاتحاد السوفياتي وكتلته الاشتراكية والازدياد المتسارع لحركة رؤوس الاموال في الاسواق المالية العالمية وظهور التكتلات الاقتصادية الاقليمية الكبرى، وصولا الى تشكيل المثلث الاقتصادي للنظام الاقتصادي العالمي المتمثل بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي تعتبر الاداة والوسيلة الهامة لتنظيم وتشجيع التجارة العالمية وبالتالي اسهامها المباشر في عولمة المال والاقتصاد .(13)
اولا : تحولات الاقتصاد العالمي في ظل المنظمة
إن انشاء المنظمة بعد مفاوضات شاقة, جاءت نتيجة للأوضاع التي ميزت العالم منذ بداية التسعينيات كما اسلفنا، والمتمثلة في العولمة وتشابك الاقتصادات وارتباط مصالح العديد من الدول النامية بالدول المتقدمة والشركات الكبرى العابرة للقارات وازدياد دور المؤسسات الدولية في رسم مسار التنمية للدول النامية والتحكم فيه، هذا بالإضافة إلى سعي دول الشمال الغنية الاستحواذ على النصيب الأوفر من الاقتصاد العالمي لما تمتلك من شركات ضخمة لها فروعها المنتشرة في أنحاء العالم، والتي أصبحت تتحكم في جزء كبير ومتزايد من عمليات الإنتاج وتوزيع الدخل العالمي, وكذلك سعي تلك الدول لاستيعاب مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية ولو على حساب دول الجنوب. كل ذلك اضافة الى غيرها من الاسباب ساهم في ظهور العولمة باوجهها المختلفة الثقافية والسياسية والاقتصادية والمالية ، والتي يرى البعض قي الاخيرة ابرز مظاهر العولمة حيث زادت رؤؤس الاموال الدولية اضعاف المرات ما معدل نمو التجارة والدخل العالميين .(14)
1- مظاهر العولمة المالية
هناك العديد من هذه المظاهر اهمها :
- تعاظم دور رأس المال ، حيث صناعة الخدمات المالية بعناصره المصرفية وغير المصرفية ، بحيث اصبح الاقتصاد العالمي تديره وتتحكم به رموز البورصات العالمية مثل داو جونز ، ناسدك، نيكاي، داكس وغيرها، والتي بواسطتها تنقل الاموال من مستثمر الى آخر داخل الدولة او بين الدول دون اي عوائق او صعوبات .
- ازدياد فوائض رؤوس الاموال الباحثة عن استثمارات بمعدلات ارباح عالية ، وهي بطبيعة الامر مدخرات غير مستثمرة في دولة المنشأ لرأس المال ، الامر الذي يدفعها للبحث عن استثمارات خارجية على المستوى الدولي .
- ظهور وسائل جديدة استقطبت اصحاب رؤوس الاموال، مثل المبادلات ( SWAPS) الخيارات (OPTIONS) المستقبليات FUTURES الى جانب الوسائل التقليدية في الاسواق المالية كالسندات والاسهم وغيرها .
- التقدم التكنولوجي الهائل بحيث يسمح للمستثمر من المتابعة الدقيقة لامواله وتحركاتها الاستثمارية لحظة بلحظة ، حيث جميع الاسواق المالية مرتبطة ببعضها البعض مما ييسر عملية الفعل ورد الفعل على اي عملية مالية مرغوب بها .
2- مزايا ومخاطر العولمة المالية
يرى انصار العولمة ان مزايا عديدة يمكن ان تتحقق للدول النامية والمتقدمة على السواء وابرزها :
- بالنسبة للدول النامية
تسطيع الدول النامية من خلال الانفتاح المالي الوصول إلى الأسواق المالية الدولية بهدف الحصول على ما تحتاجه من أموال لسد العجز في الموارد المحلية، أي قصور المدخرات عن تمويل الاستثمارات المحلية, الامر الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمار المحلي وبالتالي معدل النمو الاقتصادي، كما يفسح المجال في تخفيف تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين؛ اضافة الى ذلك تؤدي الإجراءات التي يمكن ان تتخذ لتحرير وتحديث النظم المصرفية والمالية ، وخلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص وكذلك الحد من ظاهرة هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، كما تساهم الاستثمارات الأجنبية على تحويل التكنولوجيا الى الدول المستثمر فيها. (15)
- بالنسبة للدول المتقدمة
تسمح العولمة المالية للبلدان المصدرة لرؤوس الأموال (وهي في الغالب الدول الصناعية الكبرى) بخلق فرص استثمارية واسعة أكثر ربحية أمام فوائضها المتراكمة، كما توفر ضمانات لأصحاب هذه الأموال، ومجالا للتنويع ضد كثير من المخاطر من خلال الآليات التي توفرها الأدوات المالية .
اما مخاطر العولمة المالية فتبدو في مظاهر كثيرة ابرزها :التقلبات المفاجئة للاستثمارات الأجنبية (خصوصا قصيرة الأجل مثل استثمارات الحافظة المالية) ، والتعرض لهجمات المضاربة القوية التي من الصعب مواجهتها ؛ وهروب الأموال الوطنية الى الخارج؛ ودخول الأموال القذرة (غسل الأموال) ؛ وإضعاف السيادة الوطنية في مجال السياسة المالية والنقدية. (16)
ان دور الاستثمارات الأجنبية الخاصة في الدول النامية تأتي لخدمة التجارة الخارجية على خلفية تحقيق ربح كبير وسريع، فهي تعمل على تدعيم التقسيم الدولي القائم ولا تغيره لصالح الدول النامية، إذ إن رأي أنصار منظمة التجارة العالمية والمؤسسات الدولية الأخرى بأن تحرير التجارة والاستثمارات الأجنبية يسهم بشكل فاعل في تحقيق النمو الاقتصادي للدول تواجهه تحفظات كثيرة؛ فغالبا ما يكون النمو الجيد للاقتصاد هو الذي يأتي بالاستثمارات الأجنبية الخاصة وليس العكس, حيث إن هذه الاستثمارات شأنها في ذلك شأن القروض الخارجية الممنوحة من طرف المؤسسات المالية الدولية تذهب إلى الدول التي نجحت بالفعل في رفع معدلات نموها أكثر مما تذهب إلى الدول التي تحتاج إلى هذه الأموال لرفع معدل نموها, كما يشهد بذلك توزيع هذه الاستثمارات بين مناطق العالم.(17)
وإذا نظرنا إلى تركيبة هذه الأموال فإننا نلاحظ المكانة الكبرى للاستثمارات الأجنبية المباشرة والتزايد المطرد للاستثمار في الحافظة المالية على حساب القروض التجارية الأخرى (18)، وهو ما يعكس رغبة الدول المستقطبة لهذه الأموال في مثل النوعين الأولين لكونهما يخلقان فرصا جديدة للتمويل والتشغيل دون زيادة الديون الخارجية للدول.
ثانيا: التدابير الواجبة للاستفادة من اوضاع الاقتصاد العالمي
ان تصنيف الدول النامية ووضعها في فئة معينة لا يعني بالضرورة ان جميعها تعاني من نفس المشاكل وبالتالي وجوب تعميم الاجراءات الواجب اتخاذها لتحسين اوضاعها ، او الاستفادة من الفرص المتاحة والتي يمكن استغلالها ببعض التدابير ؛ بل ان لكل دولة خصائص معينة لجهة المشاكل التي تعانيها في وضعها الاقتصادي والمالي وبالتالي ما يصلح لدولة ما لا يصلح بنفس النسبة لاخرى، الا انه يمكن استخلاص نقاط مشتركة تساعد هذه الدول على تجاوز بعض مشاكلها وتؤمن لها بيئة ملائمة للاستفادة من الامكانات المتاحة لها وابرزها:(19)
1- العمل على توفير سياسة عامة مستقرة وهادفة الى احتواء ازماتها الاقتصادية قدر الامكان ، الامر الذي يتيح اجواء من الثقة بجدوى الحلول الممكنة والمتاحة مما يشجع الاطراف الخارجية على الدعم المطلوب.
2- ادارة المؤسسات العامة والمرافق الحكومية بكفاءة عالية الامر الذي يتيح اجواء الثقة للشركات الداخلية والخارجية لتحريك استثماراتها ، ومحاولة ايجاد عناصر اضافية وحوافز مشجعة لذلك، منها على سبيل المثال: بيئة قانونية مناسبة عبر تشريعات تواكب ما يتطابه الاقتصاد كتشريعات تخصيص بعض المرافق التي تشكل ضغطا مستمرا على مالية الدولة، وكذلك ايجاد تشريعات تشجع على المنافسة والعمل على ضمان شفافية المؤسسات المالية والاقتصادية ، ومحاربة الفساد والرشوة.
3- العمل على دعم القطاع المصرفي من خلال تشريعات مناسبة تتيح له مرونة العمل في الداخل والخارج ، اذ ان التجارب اثبتت ان الدول التي اهتمت بهذا القطاع تمكنت من تجاوز العديد من التغيرات المفاجئة التي واجهتها بأكلاف معقولة .(20)
4- ان اجراء اصلاحات سياسية ضمن سياسة عامة واضحة ومحددة امر من شأنه المساعدة على الغاء الفوارق الاجتماعية والاقتصادية في الدولة ويعتبر عاملا اساسيا في عملية التنمية، اضافة الى ذلك ان عملية اشراك الفئات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة في صناعة القرارات في الدولة امر يسهم في التخفيف من المعارضة الداخلية لاي سياسة عامة فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية وهذا ما تعاني منه غالبية الدول النامية خوفا وتوجسا, من الانعكاسات السلبية لعولمة المال والاقتصاد .(21)
5 – ان مسيرة التنمية في الدول النامية مرتبطة بتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة تفوق معدلات النمو الديموغرافي لتضييق الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة، الأمر الذي يتطلب تحقيق تطوير الكفاءات والكوادر (رأس المال البشري) القادرة على توليد التقانة الأكثر ملاءمة لظروف هذه الدول، وذلك من خلال التركيز على عنصري التعليم والبحث العلمي.
ثالثا: التكتلات الاقليمية في مواجهة المنظمة والعولمة
بصرف النظر عما اذا كان من بين اهداف انشاء التجمعات الاقليمية، مواجهة منظمة التجارة العالمية او عولمة الاقتصاد والمال ، فان العديد من بين هذه التجمعات قد لعبت دورا بشكل او بآخر في تحرير التجارة والعولمة في مختلف مجالاتها على الاقل في محيطها الاقليمي ، وأسست عبر علاقاتها مع الغير ان كان من اعضاء المنظمة او غيرها البيئة التي ستساعد على المزيد من التحرير التجاري وتحرك رؤوس الاموال ، وان كان لكل تجمع ظروفه الخاصة واهدافه المختلفة عن غيره من التجمعات .
1- الاتحاد الاوروبي
يشتمل مشروع الوحدة الاوروبية على كامل عناضر الوحدة الاقتضصادية ، من التبادل التجاري بين الدول المنضوية تحت الاتحاد مرورا بالعملة الموحدة ، وتوحيد السياسات المالية والضريبة والنقدية والاجتماعية وغيرها، وقد تمكن الاتحاد من الذهاب بعيدا في مشروع الاتحاد بصرف النظر عن مستوى الآمال المحققة ؛ الا ان النقطة الجوهرية في هذا المجال تكمن في هل ان الاتحاد تمكن من اخذ الموقع المتمايز في النطاق الدولي ومواجهة التحديات التي تواجهه ، او تنتظر منه الاجابة عليها؟ ففي الجانب الاقتصادي وان تمكن من انجاز بعض الملفات الهامة كتوحيد العملة وغيرها، الا ان الكثير من الصعوبات لا زالت تواجهه على الصعيد الداخلي للاتحاد ، كمستوى النمو والدخل وغيرها في كل دولة ، اضافة الى التباين الحاد بين اقطابه على الكثير من المسائل الدولية الاقتصادية والسياسية ، الامر الذي حد من اتخاذه الموقع الموازي لحجم قوته بمواجهة تحديات النظام الاقتصادي والسياسي العالمي.(22) . ولقد حاول الاتحاد الأوروبي السعي لربط شبكات من التعاون أو الشراكة مع أطراف أقل نموا، وفي هذا المجال نلاحظ محاولات الاتحاد الأوروبي التوسع نحو الجنوب (بلدان أوروبا الشرقية والوسطى ودول جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط..) (23) واتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية، ذلك في اطار محاولاته التأثير قدر الامكان على السياسات الاقتصادية الدولية المتنامية في اطار المنظمات المالية الدولية التي ليس له اليد الطولى فيها .
2- تكتل النافتا
تأسس هذا التجمع الاقتصادي سنة 1994، وضم الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك ، والملاحظ ان أطرافه غير متكافئة، فنجد فيه المكسيك كبلد نام إلى جانب أقوى اقتصاد عالمي (الولايات المتحدة)، الامر الذي يخفي اختلاف الأهداف المرجوة من اتفاق تحرير التبادل.
فبالنسبة للمكسيك، تهدف الشراكة مع أطراف شمالية قوية إلى الرغبة في تحقيق أهداف داخلية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والوصول إلى أسواق الدول الشريكة وجلب الاستثمار والتكنولوجيا، وبالتالي تحسين معدل النمو الاقتصادي. فيما بالنسبة للولايات المتحدة تطلعت من خلال هذا الاتفاق إلى مواصلة سياساتها التجارية الدولية ومحاولة إقامة تكتل مواز للقوة الصاعدة للأوروبيين, بالإضافة إلى الرغبة في الاستفادة من اليد العاملة المتواضعة في المكسيك بشكل خاص(24)؛ لكن احد الاهداف الحقيقية هو محاولة تقديم المكسيك كنموذج في الانفتاح الخارجي للدول النامية، وبالتالي جذب أطراف أخرى إلى فتح أسواقها أمام السلع والخدمات، وبالتالي الدخول في منظمة التجارة العالمية.
وأخيرا بالنسبة لكندا، فقد سعت ألا تبقى معزولة في محيطها القريب (اميركا الشمالية) والاستفادة من ميزاتها النسبية في بعض المجالات (الاتصالات, النقل, التكنولوجيات الحديثة..).
أن تجربة هذا التكتل تعتبر حديثة العهد نسبيا مقارنة بتجربة الاتحاد الأوروبي مما يعوق تحليل انعكاساته, لكن يلاحظ أن هذا الاتفاق يهتم بالجانب التجاري فقط, حيث لا يفترض وجود تنسيق للسياسات الأخرى (المالية والنقدية) بين الدول الأعضاء عكس الاتحاد الأوروبي حيث التكامل على جميع الأصعدة.
3- تكتل آسيان
يهدف تكتل رابطة دول جنوب شرق آسيا إلى بناء اقتصاد متكامل يرتكز أساسا على تشجيع الصادرات وزيادة التبادل التجاري بين دول المنطقة. وقد نجح هذا التكتل في الرقي باقتصادات المنطقة إلى صفوف الدول المصنعة حديثا أو الناشئة، ويعود ذلك إلى سياسة هذا التجمع الموجهة إلى الخارج والجاذبة لرأس المال الأجنبي .
فقد ارتفع متوسط نصيب الفرد في منطقة شرق آسيا بالأسعار الحقيقية بنسبة تراوحت من 4% إلي 6% سنوياً منذ الستينات ، ففي المدة من 1960 إلي 1990 حققت أعلي ثمانية اقتصادات آسيوية معدلات نمو وكانت أسرع بثلاث مرات من معدلات نمو اقتصادات أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا، وأسرع خمس مرات من معدلات نمو اقتصادات أفريقيا جنوبي الصحراء.
وقد ساعد هذا النمو الاقتصادي القوي إلي قفزات في ارتفاع مستويات المعيشة، فعلي سبيل المثال كانت أوضاع كوريا الجنوبية في الستينات شبيهة بأوضاع العديد من بلدان غرب افريقيا من حيث درجة التنمية الاقتصادية، أما اليوم فإن مواطني كوريا الجنوبية يتمتعون بدخل يتكافأ في المتوسط مع متوسط دخل سكان البلدان الأوربية. وشهدت سنغافورة تحولاً كبيرا حتى أصبحت مركزاً هاماً من مراكز الثقل في عالم التجارة والتكنولوجيا. وفي الصين حقق متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي زيادة قدرها أربعة أمثال تقريباً في غضون 20 عاماً فقط، ونتيجة لذلك خرج ما يقارب من 160 مليون نسمة من سكان الصين من شريحة الفقر المطلق الذي يحدد بالمستوي الذي يكون فيه متوسط دخل الفرد أقل من دولار واحد يومياً. وفي إندونيسيا ارتفع متوسط نصيب الفرد من استهلاك المواد الغذائية من أقل من 2100 سعرة حرارية إلي أكثر من 2800 سعرة حرارية يومياً في المدة من عام 1970، كذلك فإن عدد الفقراء في إندونيسيا – حسب البيانات الحكومية – كان يبلغ ما يقارب من 68 مليون نسمة في عام 1972، ومع حلول عام 1982 انخفض الرقم إلي 30 مليون نسمة، أي بنسبة 56%. وفي جميع بلدان ساحل المحيط الهادىء أدى الاندماج النشط في الأسواق العالمية والانفتاح أمام الاستثمارات الأجنبية إلي حدوث تحسن هائل في مستويات معيشة مئات الملايين من سكان تلك المنطقة.(25)
وعلى الرغم من النجاح المحقق الا ان بعض دولها سرعان ما عانى من ازمات الانتاج والتصريف ، مما أثار التساؤلات حول جدية النجاحات السريعة والهبوط السريع عند تعرضها لازمات بسيطة مقارنة مع وصلت اليه.
4- منطقة التجارة العربية الحرة
يعتبرالتعاون الاقتصادي العربي من الضرورات الملحة التي تمليها تحديات النظام العالمي الجديد المبني على تحرير المبادلات التجارية والتكتلات الإقليمية . وفي السنوات الأخيرة يرزت بوادر إيجابية بهذا الصدد تمثلت بإنشاء منطقة التجارة الحرة، الا ان نجاح هذه المنطقة يتوقف على عوامل كثيرة، كما أنها غير قادرة على الدفاع عن مصالح وحقوق أعضائها في المحافل الدولية، لذا يجب تطويرها لتصبح منطقة اتحاد جمركي على سبيل المثال.
وكانت الدول العربية قد بدأت بتقليص الرسوم الجمركية المفروضة على تجارتها البينية في إطار منطقة التبادل الحر وفي اطار قواعد منظمة التجارة العالمية التي تنظم الاستثناءات الواردة على مبدأ الدولة الأولى بالرعاية. وحسب هذه القواعد يتعين أن ينصرف تحرير التجارة إلى الجزء الأكبر من المبادلات الخارجية للبلدان المعنية، أي لا يجوز أن تقتصر المنطقة على سلع وخدمات معينة أو على قطاع اقتصادي دون آخر، ويمكن من خلال هذه النظرة الشمولية استثناء بعض السلع أو الخدمات من التبادل الحر لأسباب تتعلق بتوازن ميزان المدفوعات أو بالمصالح العليا للدولة أو بالاعتبارات الأخلاقية والصحية والدينية للمجتمع. كما يسمح النظام العالمي بفترة انتقالية لتحقيق منطقة التبادل الحر على أن يتفق الأعضاء على برنامج تنفيذي يحدد مدة معقولة لهذه الفترة.
وانطلاقا من هذه المعطيات وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية على البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية لعام 1981 (26) ويتناول البرنامج إقامة "منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى" حسب جدول زمني محدد يفضي إلى إلغاء الرسوم الجمركية والحواجز الكمية. وقد أبدت 14 دولة رغبتها في الانضمام، وبلغ حجم تجارتها البينية 25.7 مليار دولار أي بنسبة 94.5% من التجارة العربية البينية.
اما على الصعيد العالمي ومقارنته بالتجارة العربية، فمن الملاحظ ان بين العام 1980 و1998 ارتفعت التجارة الخارجية العالمية (الصادرات والواردات السلعية) من 3802 مليار دولار إلى 10635 مليارا، أي بنسبة 180%، في حين هبطت التجارة الخارجية العربية خلال الفترة نفسها من 347 مليار دولار إلى 290 مليارا أي بنسبة سلبية قدرها 16%؛ وبعملية حسابية بسيطة يمكن الاستنتاج أن حصة التجارة العربية انتقلت من 9.1% إلى 2.7% من التجارة العالمية. وفي بداية هذه الفترة كانت الصادرات العربية تشكل 12.5% من الصادرات العالمية فأصبحت في نهايتها لا تتعدى 2.5% منها. كما انخفضت أهمية الواردات العربية من 5.8% إلى 2.7% من الواردات العالمية. كما كانت الموازين التجارية العربية تسجل فائضا وصل الى 123 مليار دولار عام 1980 وأصبحت تتحمل عجزا قدره ستة مليارات دولار عام 1998؛ وتعود اسباب هذا التباطؤ رغم تحرير التجارة العالمية من القيود الكمية والرسوم الجمركية ورغم الاتفاقات التفضيلية التي عقدت في التسعينيات إلى عوامل عديدة، ابرزها:
- ازدهار المبادلات الأوروبية والأميركية والآسيوية بمعدلات عالية جدا، في حين شهدت اسواق النفط انخفاضا كبيرا في الاسعار مما أثر بشدة في صادرات وواردات البلدان النفطية.
- ان خوض بعض الدول العربية نزاعات عسكرية قد ادى إلى تردي أجهزتها الإنتاجية فانعكس الأمر على تجارتها الخارجية وأدت إلى تفاقم مديونيتها.
- أضافة إلى ذلك فقد تحسنت مستويات التجارة البينية للتجمعات الإقليمية في حين سجلت التجارة العربية البينية تراجعا واضحا.
وفي عام 1999 قدر حجم التجارة العربية البينية بنحو 27.1 مليار دولار أي 8.6% فقط من التجارة الخارجية الكلية(27) ، فبالنسبة الى الأردن فقدد اعتمد على التجارة العربية التي تستحوذ على ربع تجارته الخارجية، ولم يطرأ تغيير مهم على هذه النسبة منذ عدة سنوات. وتراجعت حصة التجارة الأردنية البينية مقارنة بالتجارة العربية البينية من 10.9% عام 1989 إلى 5.2% عام 1999 بسبب المقاطعة المفروضة على العراق وضعف القاعدة الإنتاجية، وفي الوقت الحاضر ترتكز الصادرات والواردات البينية على المملكة العربية السعودية والعراق.
كما يلاحظ أن صادرات العراق الكلية أكبر بكثير من وارداته الكلية رغم حاجته لمختلف المواد المستوردة، والسبب هو خضوع الواردات لقرارات مجلس الأمن (النفط مقابل الغذاء والدواء) ولموافقة لجنة العقوبات ، كما ان هنالك عقود كثيرة لم تنفذ بموجب مذكرات التفاهم وبالتالي لم يستطع العراق الحصول على عدد كبير من المواد، أضف إلى ذلك استقطاع ثلث قيمة الصادرات للتعويضات. أما تجارة العراق البينية فقد عرفت تطورا مهما في الآونة الأخيرة حيث وقع على اتفاقات للتبادل الحر بين تونس ومصر وسوريا والأردن.
اما لبنان فيعاني الميزان التجاري من عجز مزمن تفاقم بسبب تدهور الأنشطة الاقتصادية الناجم عن الاعتداءات الإسرائيلية، ويعتمد لبنان على الأسواق السعودية والإماراتية في صادراته التي تتألف حسب أهميتها من الورق والملابس الجاهزة والفواكه، أما وارداته البينية التي تتكون من مواد الطاقة ، فتأتي من سوريا والمملكة العربية السعودية. ومن المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري مع سوريا نتيجة الاتفاق على الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية المفروضة على تجارة البلدين، حيث بدأ الإلغاء عام 1999 على أن تتحرر التجارة كليا بينهما بعد أربع سنوات.
أما التجارة العربية لدول مجلس التعاون الخليجي فتصل إلى 16217 مليون دولار، ويلاحظ هنا الأهمية القصوى للمملكة العربية السعودية حيث بلغت تجارتها البينية 6804 ملايين دولار أي 25.1% من مجموع التجارة العربية البينية، وتشمل صادراتها اضافة الى النفط المواد الصناعية والمنتجات الزراعية. وتحتل السعودية المرتبة العربية الأولى في تجارتها (صادرات وواردات) مع الإمارات والبحرين والكويت ولبنان ومصر والسودان، وهي كذلك المصدر العربي الأول لقطر والمغرب واليمن والمستورد العربي الأول من الأردن. كما تعود المرتبتان الثانية والثالثة للإمارات وعمان. وانطلاقا من هذه المعطيات يتضح أن أي تكتل عربي سواء في ظل منطقة حرة أو اتحاد جمركي أو سوق مشتركة لا يمكن أن يكون فاعلا ولا يكتب له النجاح إلا بمشاركة دول المجلس التي تمثل ثقل الانتاج والتبادل التجاري.
اما التجارة العربية البينية لدول اتحاد المغرب العربي فتصل الى 3447 مليون دولار أي ما يعادل 5.1% من تجارتها الخارجية و12.7% من التجارة العربية البينية، وتجري العمليات داخل الاتحاد باستثناء بعض المبادلات كالواردات النفطية المغربية من المملكة العربية السعودية


هوامش :

(13) - لقد حظي موضوع عولمة الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة بجانب هام من اهتمامات المفكرين الاقتصاديين والسياسيين في جميع أنحاء العالم بعد أن بدا واضحا للعيان أن التطورات الاقتصادية السريعة والمتلاحقة التي يشهدها عالمنا المعاصر أدت إلى نظام اقتصادي جديد أعاد ترتيب الأولويات والأيدولوجيات الاقتصادية للدول، وإلى بروز منظومة من العلاقات والمصالح الاقتصادية المتشابكة التي ساهمت في قيام نظام اقتصادي عالمي أكثر تعقيدا وأثر تأسيس المنظمة في هذا التعقيد والتشابك- لمزيد من التفاصيل انظر: رمزي زكي "العولمة المالية: الاقتصاد السياسي للرأسمال المالي الدولي"، دار المستقبل العربي, الطبعة الأولى 1999, ص 85 وما بعدها. وكذلك انتوني غايدن حيث يقول إن العولمة تجربة بشرية وتاريخية جديدة, بل وثورية. لكنه يتبع ذلك بالقول بأن الخطأ الأكبر في معالجات العولمة يكمن في النظر إليها من زاوية اقتصادية فحسب, إذ هي تتعدى ذلك لتشمل المجالات السياسية والتكنولوجية والثقافية. وأنها تأثرت بشكل كبير بالتطور الهائل الذي شهده العالم في مجال الاتصالات منذ عقد الستينات.Anthony Giddens, Run away world: globalization and our lives, London, Brovail Books, P8.
(14) - ان ظاهرة العولمة المالية بما تعكسه من زيادة حركية في تنقل رؤوس الأموال قد تحمل معها مخاطر عديدة وهزات مدمرة، وقد شهد العالم أخيرا أحداثا هامة مثل الأزمات المالية الخانقة التي تعرضت لها المكسيك (94/1995)، ودول جنوب شرق آسيا (1997) التي كانت نموذجا يحتذى به، والبرازيل (1998)، وروسيا (1999 ).
(15) - رمزي زكي "العولمة المالية: الاقتصاد السياسي لرأس المال المالي الدولي"، دار المستقبل العربي, الطبعة الأولى, 1999.
(16) _ لمزيد من التفاصيل حول الآثار السلبية لا سيما التي تعرضت لها دول جنوب شرق آسيا راجع ، Paul Hirst & Grahame : Thompsion: Globalization in question ,The international economy and the possibilities of governance,Policy press ,2nd eddition,1999,PP 210-222.
(17) - ففي عقد التسعينيات مثلا اتجهت الحصة الكبرى من الاستثمارات الأجنبية إلى الدول الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا واليابان)، وبلغت أكثر من 75% كمتوسط؛ وإن كانت الدول النامية قد أفلحت في زيادة حصتها من الاستثمارات فإن ذلك كان لصالح عشر دول ناشئة أو صاعدة وهي (الأرجنتين والبرازيل وتشيلي والصين والهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا والمكسيك وتايلند), حيث تستحوذ هذه الدول على ثلاثة أرباع مجمل تدفقات رؤوس الأموال إلى البلدان النامية، وهذا التوزيع يفند فرضية التوزيع الأمثل والعادل لرؤوس الأموال على الصعيد العالمي. راجع حول ذلك، World development report 1999-2000,World bank, PP 24-26.
(18) – World economic out look
(19) – راجع مزيد من التفاصيل حول ذلك ,سرييان دي سليفا، هل العولمة هي السبب في المشاكل الاقتصادية الوطنية ، منظمة العمل الدولية جنيف ، 2001 ، الفصل الثالث .
(20) - انظر التقرير الاقتصادي العربي الموحد- سبتمبر/ أيلول 2000, ص 163.
(21) - انظر ليلى أحمد الخواجة "انعكاسات العولمة على التنمية الاجتماعية العربية"، ورقة مقدمة في منتدى إقليمي, تونس, 1999ص22.
(22) - راجع بهذا الخصوص دراستنا : اثر المتغيرات في وحدة اوروبا ومعاهدة ماسترخت ، دراسات دولية ، مركز دراسات السياسة الخارجية، بيروت، 1992, العدد2، ص ص 125 وما يليها.
(23) – حول ابعاد الشراكة والتعاون راجع اعلان برشلونة في :
Euro mediterranean Partnership, Barcelon declaration 27-28-11-1995,Work group (European commission,Brussels),1995.
(24) - بينما تعتبر منظمة التجارة ان الطرف الاكثراستفادة من انفتاح التجارة هم العمال العاديون فى المكسيك حيث كانوا فى مأمن من تأثيرات السياسات النقدية غير السلمية التى كانت موضوعة من قبل الحكومة. ونظراً للانخفاض الحاد فى قيمة "البيزوس" فى آذار/مارس 1997، انخفضت قيمة الأجور فى قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 23% عن مستواها قبل الأزمة بالأسعار الحقيقية، لكن الوضع كان أفضل من ذلك فى وظائف قطاع الصناعات التحويلية المعتمدة على التصدير، حيث ان الشركات التى كانت فى السنوات 1994 – 1996 تحقق مبيعات تصديرية بنسبة من 40% إلى 80% من إجمالى مبيعاتها كانت تدفع لعمالها أجوراً تزيد – عن حدها الأدنى – بنسبة 11% عن الأجور التى كانت تدفعها الشركات التى لا توجه نشاطها للتصدير؛ أما الشركات التى كانت تحقق مبيعات تصدير بنسبة تفوق 80% من إجمالى مبيعاتها فقد كانت تدفع لعمالها أجوراً تزيد بنسب تتراوح من 58% الى 67%. وسارت أحوال العمال فى قطاع الصناعات التحويلية – الذين كانوا من قبل فى أوضاع بائسة زمنا طويلاً – سارت أحوالهم سيراً حسناً نسبياً حيث لم تتعد نسبة انخفاض أجورهم بالأسعار الحقيقية فى السنوات من 1994 إلى 1996 نسبة 12%، وبصفة عامة ارتفع أجر العامل فى هذا القطاع من أجر مساوٍ تقريباً لأجر العمل فى القطاعات غير الموجهة للتصدير فى عام 1993 إلى أجر يزيد بنسبة 16% عن أجر العامل فى تلك القطاعات فى عام 1996.راجع التقرير الثالث لمنظمة التجارة العالمية .
(25) – راجع هذه الاحصائيات في World street journal ,8-2-2000,P3.
(26) -راجع قرار المجلس رقم 1317 الصادر في 17 فبراير/ شباط 1997.
(27) _ راجع هذه الاحصائيات في : التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، جامعة الدول العربية، 2000 .وكذلك التقرير الاستراتيجي الخليجي ، دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، الشارقة ، 2000 . وكذلك في: Kemal Dervis & JuliaDevlin , Intraregional trade among Arab countries, World Bank,1999,PP 5-25.

J.S: Death is the solution to all problems. No man = No problem.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04275 seconds with 10 queries