الموضوع: هامش حب..
عرض مشاركة واحدة
قديم 14/10/2008   #37
شب و شيخ الشباب i m sam
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ i m sam
i m sam is offline
 
نورنا ب:
Jul 2008
مشاركات:
1,245

افتراضي


أرخى جسده المنهك على السور الحديدي وجلس القرفصاء حانيا رأسه على صدره وكفّاه تحيطان به...كطفل أفزعه صوت انفجارات وقنابل حرب فجلس يحتمي منها.
فجأة تحول إلى هذا الشعور المخيف .. شعور مبهم بين الدهشة وبين الرعب .. لم يكن يتوقع وقد كان خارجا مع أصدقاءه إلى مطعم قريب أن يمروا من هنا ..وليس فقط هذا , بل أن يتوقفوا في ذات المكان الذي كان يهرب منه مذ سافرت.
عندما توقفوا هناك لم يدر ما يقول لم يستطع أن يمنعهم خوفا من فضح أمره وهو الذي تعود إخفاء سره في صدره.
ما إن لمست قدماه رصيف الجسر حتى انهار تمام ... لماذا هنا انه نفس المكان . ظن أنه يستطيع الهروب من الأماكن التي زاروها معا ... ظن أنه يستطيع أن يتوه عنها كما يتوه الغريب وسط الزحام... لكن يد القدر حملته دونا عن كل الناس لتوصله هذا المكان دونا عن كل الأماكن. ظن لوهلة انه سمع صوتا يصدح " الأماكن كلها مشتاقة لك" .
لم يظن يوما أن الأماكن ممكن أن تشتاق لأحد نحن الذين نشتاق لأماكن محددة لا هي.. لكنه هناك شعر بالمكان يشتاق شعر بالنسيم يشتاق شعر باهتزاز الجسر يشتاق.
بدأ هدير من الذكريات يعاوده ... مرة واحدة كموجة ضخمة تضرب شاطئا هادئا... تجمد عقله عن التفكير فقط صور من الذكريات تمر أمامه..
وهو الذي يكره الوداع ورفض أن يتودعا كما رفضت هي , لأنه يعلم أن هناك لقاءا ما سيجمعهما _ قريبا كان أم بعيدا _ لكنه عاش وأراد العيش على أمل اللقاء . بعيدا عن كل الذكريات التي تدمر الإنسان مهما كانت جميلة .. لأنها تذكرك بشقائك بعيدا عن الحبيب.
تلفت حوله ........ياااااه هنا جلسنا ..وهنا امسكنا أيدي بعض عندما اهتز الجسر...هناك ضممتها... وهناك...حاول الوقوف والذهاب هناك لكن جسده خانه أراد لمس السور الذي تمسكت به يوما ..أراد أن يشم رائحتها التي طبعت على الحديد البارد ....
لم يبق منها سوى هذه الذكريات.. وقطعة من مصاصة بلاستيكية شربت منها ذات مرة عصيرها , فقصّها وجعلها في سلسلة فضية في عنقه.
وأيضا ساعة أهدته إياها في لقائهم الأخير .. أما كان يكفيها كل تلك الذكريات حتى تأتيه بتلك الساعة الجلدية تكبله من معصمه النحيل ... وتذكره بها كلما سئل عن الوقت بل كلما تقاطع عقرب مع أخر .
أراد الوقوف مرة أخرى أراد النظر إلى بردى كما نظر إليه آخر مرة الشيء الوحيد الذي خطر بباله انه قال مرة.."إن القفز من هناك إلى حضن بردى فعل حب لا فعل انتحار". أراد ذلك علّ جسده يضيع في بردى كما تضيع قطرات المطر .
لكنه لم يستطع .. منعه أمران. الأول خوفه من الموت وليس الموت كحدثٍ بحد ذاته , إنما هو الموت والفراق .... وهو الذي تعود العيش على أمل اللقاء .
وثانيهما قول سمعه مرة وظل يردده " جميل أن تموت من اجل شخص تحبه.. لكنّ الأجمل أن تعيش لأجله "
هنا انتصب على قدميه تمسك بالسور قبله .... ونادى بأعلى صوته علّ صوته يصل اليها:
سلامٌ من صبا بردى أرقُّ ............ ودمعٌ لا يكفكف يا دمشقُ

لمعت في عينيه ابتسامته الحزينة مرة أخرى وقرر انه سيعيش لأجلها... .

اذا لم نعش جميعا متآخين كشعب واحد ....
فان كل واحد منا سيموت وحيدا

بجيب الريح تتلعب معك

www.3tbatt.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03923 seconds with 11 queries