10/10/2008
|
#6
|
مشرف متقاعد
نورنا ب: |
Nov 2007 |
المطرح: |
بـــ هـالأرض المجنونـــــة .. |
مشاركات: |
1,398 |
|
اليوم كان الازدحام شديد في المكتبة , كان حفل توقيع لكتاب ما ..
أكره الازدحام , ولم يعتريني الفضول الكافي لتحمل الانتظار , فلم أشأ أن أرى الكاتب أو أوقع نسختي ..
بل فضلت أن أصل قبل غياب الشمس .. وأن أتجنب الازدحام وأهرب إلى هدوء منزلي .
فأخذت الكتاب وعدت مسرعة ..ووصلت قبل غياب الظل ..
كان عنوان الكتاب ” الثقة بين الحب ,والمسافة ”
استطاع العنوان وحده أن يغريني .. كي أبدل ثيابي وأتناول طعامي وأبدأ القراءة مسرعة ..
كان الكتاب يدور حول أزمة الثقة بالنفس , الثقة بالقلب , الثقة بالاحساس , الثقة بالآخرين ..
كان يتحدث عن كل أشكال الثقة ..يتحدث عن الثقة العمياء ..- تلك التي لا أملكها –
يتحدث عن الحب القادر على خلق الثقة من رحم الشك ..
بدأت بالصفحة الأولى
وبدأت الكلمات عن الثقة تدندن في أذني ,,
“الثقة شعور نقدر على أن نخلقه , نكفي أن نبدأه ولو حلما حتى يستحيل يوما ما إلى حقيقة .
فيحمينا من الضياع في ترهات الشك “
توقفت كثيرا عند هذه الكلمات ..
وبدأت ألاحق الأفكار . وأحاول الامتصاص منها بطمع قدر الإمكان
وأن ابتلع في ذاكرتي قدر المستطاع , أحاول السير خلفها ومطاردتها كي أتمكن من ضمها كاملة قبل آن أنام .
شيء ما منعني من التوقف إلا عند انقطاع حدود النَفس ,
فكنت أتوقف فقط لأعيد ضبط دقات قلبي أو لأبتسم ابتسامة
خفية يفضحها لمعة في عيني تصرّح بأن أمرا ما داعب روحي ,
أو أني كنت أتوقف لأجفف دمعة بللت جدران قلبي ,
غلبني التعب فغيّرت تموضع جسدي و وتمددت في سريري وارتخيت أكثر على وسادتي ,
غلبني التعب لكن لم يغلبني النعاس , وبقيت أتابع باصرار حتى بلوغ راية آخر نقطة في الكتاب .
وجدت أصابعي لاتمل طي الصفحات ..حتى طوت آخر صفحة وأطبقت ذلك الكتاب ..
وحين انتهيت شعرت بنشوة .. كنشوة النصر , نشوة الفرح ..
تبدد التعب وتحول إلى أرق .. نشر الأفكار في ثنايا ليلتي ..
وبدأت أفكر ..
لم يكن هذا مجرد كتاب , فأنا قرأت آلاف الكتب منذ أعوام , لم يمسني يوما أحدها بهذا العمق ,
لم أشعر أن أحدها يحمل قضيتي على كتفيه , ويحميها ويدافع عنها .
كلن الكاتب يتكلم بكلماتي المكبونة منذ أعوام ,
وكنت أعلم أني لست شخصية سهلة التكرار ,لا لأني شخصية رائعة , بل لأني أملك عقدي الخاصة بتفرّد لا أظنه
قادر على أن يُعاد كثيرا في سوية من حولي ..
فبدأت أصدق أنه يقصدني أنا بالذات .!
فهمني بأدق تفاصيلي , عبّر عن ردات فعلي .
كان يشبهني , لأني حين عرفته في الصفحات الأولى , كنت أعلم ما سيقول بالصفحات التالية
كان يتكلم بلساني ,, شعرت انه قلمي الحر .
أعلم انه سيقول ما أفكر فيه , ودائما أكون محقة !
هدأت لبرهة من الانبهار .. ثم استدركت ندما ,,
كان علي ان أوقع نسختي , كان علي أن أنتظر قليلا
كان علي ان أتغلب على مخاوفي الطفولية .
لأعرف من هو هذا الشخص الذي كتبني بين دفتي كتاب ؟
من هو ذا الذي استطاع أن يعريني من رداء القوّة و اللامبالاة الذي أدعيه ,ليكشف نقاط ضعفي ؟
من هو ذا الذي استطاع أن يشعرني بنشوة أمان لم أبلغها يوما من خلال بضع كلمات ؟
فنظرت إلى غلاف الكتاب .. أتأمل اسمه ..
إلى أن غفوت وأنا أرقبه ” فارس ”
اسمه فارس ..
وبقي الصدى يدوي في أذني , ويومض في عيني , ويفتح لي آفاق الخيال ..
وطالت بي حماقتي إلى أن اقتنعت بأنه ألّف كتابه لينشر أفكاري التي لايعلمها أحد غيري .. وغيره
وكأننا كنا نتقاسم سرا ..حتى هو لايدري بوجوده .
واستحوذ هذا التحليل على تفكيري , حتى أصبح فارس في قناعاتي جزءا من عالمي ..
وشريك أسراري ..
يتبـــــــع ..
|
|
|