عرض مشاركة واحدة
قديم 04/09/2009   #163
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


13 آب


كان والدي رجلاً طيّباً و لكن لم يكن في استطاعته أن يعرب عن مشاعره البتّة , بل كان يخفي كلّ شيئ وراء حاجز من الكلام يقطع فيه الطريق على الإعراب عن مشاعره . فمات و دُفنت معه جميع أسراره و مشاعره . و أحسست بشيئ من الفراغ لأنّ كلينا أخفى للأبد عن الآخر مشاعر عميقة مهمّة .

قبل أن يموت أبي , ما كنت أقدّر و لا كنت أفهم قيمة الانفتاح العاطفيّ . و لكنّني عندما أدركت أنّه ما من علاقة حقيقية تنمو من دون ذلك , قرّرت أن أسلك مع والدتي سلوكاّ مغايراً . و منذ ذلك الحين و خلال سني شيخوختها , قضيت و إيّاها ساعات طوال يتحدّث فيها أحدنا إلى الآخر بصدق عمّا يشعر به . و عندما أغمضت عيناها للمرّة الأخيرة , أحسست و أنا أبكيها بأنّ أشياء جميلة من ذاتها باقية معي , و كان حزني يمتزج من جرّاء ذلك بشيئ من العزاء العتيق لما شعرت به حينما بكيت أبي .

و ذكّرني هذا بأبٍ أسرّ إليّ يوماً أنّه فقد ابنه فجأة في حادث سير . و في الليلة التي سبقت دفن ابنه كتب رسالة قصيرة و أخفاها في زاوية نعش ابنه , هذا نصّها :

و لدي العزيز,

أنا ما قلت لك يوماً كم أنّني أحببتك , و كم لك من مكانة في قلبي . و ما أخبرتك أبداً عن الدور العظيم الذي قمتَ به في حياتي . ظننت أنّني سأجد الوقت المناسب لذلك ; ربّما عندما تتخرج من المدرسة أو الجامعة أو عندما تتزوج و تغادر المنزل . و الآن و قد عاجلتك المنية و لن يكون لنا معاً بعد من (( وقت مناسب )) أقول لك فيه ما أريد , ارتأيت أن أكتب هذه الرسالة آملاً أن يرسل الله أحد ملائكته فيقرأها عليك . أودّ الآن أن أقول لك كم إنّني أحبّك و كم أنا حزين لأنّني ما أعربت لك عن ذلك الحبّ عندما كنّا معاً .

أبوك
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03116 seconds with 11 queries