الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 07/09/2007   #532
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي غيوم خريفهم.. وشمسنا! .. " رسائل من الوطن "


غيوم خريفهم.. وشمسنا!

بنكهة الموت أو بلون الدم!
هكذا هي تفاصيل الحياة في غزة.. فجرها.. هواؤها.. ماء وضوئها.. وشوشات صغارها.. وملامح مقاتليها..!
في بيت حانون اختلطت الأشلاء بركام المنازل وهياكل السيارات، ومازجَ استعارُ البنادق شهقاتِ الثكالى، بينما فرغت جعبة الأقلام من حبر يفصل المأساة ويلخص أبعادها، فقد ألفت الخطوط تكرار رسم المشاهد ذاتها وملّت نقل نبضات القلوب المشرفة على الموت!
صار لونُ الدم المألوفَ الوحيد في حياة الغزيين، واعتادت العيون التي تراقبهم عن بعدٍ رؤيتَهم ممزقين حتى أدمنت أخبار المجازر اليومية، ولم يعد هول الفجيعة قادراً على استجلاب أكثر من إيماءة لامبالاة أو دعاء خافت تلوكه الشفاه على عجل!
في غزة تتسلسل ((غيوم الخريف)) في عبور سماء القطاع، ولا تنتقل من مساحة إلى أخرى قبل أن يهطل شواظها الأعمى على كل ذرة تراب فيحرق نماءها ويزرع في جذورها السواد!
تتراكم الأشلاء المحروقة في ثلاجات الموتى وتتزاحم الجثث على مداخل المستشفيات الفقيرة.. وفي الخارج تنتظر الجموع خروج أجساد الشهداء فتحملها على الأكتاف وتشيعها إلى المقابر التي يتكاثر ساكنوها يوماً بعد يوم..
فمن تراه يبالي بالوقوف على تفاصيل مكرورة كهذه وبالتمعن في مشاهد الوجع وفصول الموت اليومي؟! من تراه يبالي بأمهات ما عاد في قلوبهن غير لوعة لا تخبو، وبزوجات أورثتهن القذائف فقد أزواجهن وافتقادهم حين يلسعهن برد الوحدة ومكابدة تربية اليتامى؟!
اليتامى والثكالى والأرامل.. جملة أكثر من مألوفة على اللسان والأسماع، لكن أحداً لا يتوقف عندها ليتخيل حجم التفاصيل التي تتكدس فيها!
***
وفي الجهة المقابلة.. في تلك المساحة الصغيرة التي لم تغب عنها الشمس وظلت أشعتها تواجه ((غيوم الخريف)).. هناك ينبت المقاتلون كما سنابل القمح، لا يوقف زحفهم القتل ولا يفنيهم التدمير.. هناك رجال الله من جنود القسام ورفاقهم.. هناك عيون لا تنام.. سواعد رجال أدمنت حمل القذائف المحلية وتصنيع القنابل وزرع العبوات، هناك هامات ألفت أجواء المواجهة والمرابطة على الثغور والتسابق للميدان كلما انتهكت المجنزرات الغاصبة حدود مدنهم وخيمات صمودهم..
بهؤلاء وحدهم ستُضاء قناديلنا.. برصاصهم الذي يقاوم مكشوف الصدر ستؤوب إلى أيامنا البهجة.. بنساء بيت حانون يسردن على مسامع العالم تفاصيل البطولة وأسرار الصمود.. بهن ستغدو للرجولة منذ اليوم معايير جديدة، وبأصواتهن سيذوي الصدأ الذي تكدس في المفاصل الواهنة..
شمس بيت حانون أشرقت من قبضات حرائرها.. من جبين ميرفت مسعود.. من تحت أنقاض منزل جميلة الشنطي، ومن زنود أسود القسام الميامين إذ سيّجوا حدود غزة بدمهم وأشعلوا سماءها بصيحات التكبير كلما احتدم الوغى!
فمتى ستشرق شمس أوطان آثر أهلها الحياة مرتجفين في الظل وفوق جليد الصمت؟!
متى ستسافر إرادة الماجدات لتحرر أطراف من تثاقلوا إلى الأرض من جمود العزائم وذبول النخوة؟!


* لمى خاطر

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
 
 
Page generated in 0.03083 seconds with 11 queries