عرض مشاركة واحدة
قديم 24/11/2006   #1
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي قرآت في التجربة الغيفارية


ماذا تبقى من تشى غيفارا؟ الجزء الاول



في ذكرى مقتل إرنستو تشى غيفارا:
ماذا تبقى من تشى غيفارا؟
الغيفارية في حقبة العولمة
(الجزء الاول)

"تشى، رمز العالم لامكانيات رجل واحد"
فرانز فانون

رغم وفرة ما كتب عن تشى غيفارا وإرثه، فان الفصل الاخير لم يكتب بعد. فهناك الكثير من أعماله التي لم تنشر، وهناك الكثيرون ممن شاركوه المسيرة، منذ التحاقة بالثوار الكوبيين عام 1955، واللذين لم يقولوا كلمتهم الاخيرة بعد. إلا أن الاهم، أن شعوب الارض ما زالت تعيش أوضاعاً تزداد سوءً في ظل العولمة وسياساتها النيوليبرالية وفي ظل الاحتلال العسكري الامبريالي "والحرب على الارهاب"، ولن تتوقف هذه الشعوب عن المقاومة وإستلهام الغيفارية، فكراً وممارسةً، في نضالها ضد الاستغلال والظلم.
أثارت الغيفارية على مدى أربعة عقود، وما زالت، الكثير من الجدل في الاوساط السياسية والفكرية الثورية. وحيث تضيق هذه الدراسة بتقييم الغيفارية بكافة مفاهيمها، فاننا سنتناول عرضاً موجزاً لها دون أن يخل ذلك بمرتكزاتها الاساسية، متوقفين عند المحطات المفصلية في المسار الفكري والسياسي لتشى غيفارا والانتقادات التي تعرض لها. ولا ننوي من وراء ذلك إستنساخ التجربة الكوبية أو الغيفارية، بل إستخلاص العبر والدروس لمشروع النهوض العربي من خلال رؤية ترفض الدوغما والصنمية وتستخدم القوانين العامة لحركة الشعوب والتاريخ، وتستوحي في الوقت ذاته خصوصيات وسمات الواقع العربي الذي يكتنز بالعديد من العوامل الموضوعية والذاتية (بما فيها الكامنة) للنهوض وإحداث التغيير الثوري.

حياة قصيرة الأجل
لقي تشى حتفه ولم يبلغ من العمر الاربعين. وبين عامي 1956 (إنطلاقة الثورة الكوبية) و1967 (إستشهاده) تولى مهام ومناصب حسّاسة ورفيعة شملت القائد العسكري الثاني في الثورة الكوبية بجانب فيدل كاسترو، مدير البنك المركزي ووزير الصناعة في كوبا، وممثل الحكومة والثورة الكوبية على المستوى العالمي وثائراً امميا في الكونغو وبوليفيا.
إلاّ أن حياة غيفارا تظل قصيرة بكل المقاييس ومهما بلغ التفاؤل بقدرة الفرد ومواهبه، مما يستوجب الاخذ بعين الاعتبار ان الرجل لم تسنح له فرصة إكتمال تجربته ومفاهيمه وأفكاره وصياغتها في نظرية ورؤية ناضجة متكاملة. وربما تصبح المسألة أكثر وضوحاً وموضوعيةً إذا ما طرحناحا على النحو التالي: لو أخضعنا الكثير من الساسة والقادة والثوار في التاريخ الحديث للمعيار الزمني إياه وقيّمنا إنجازاتهم خلال إحدى عشر عاماً من حياتهم، فمن منهم تسنى له ان ينجز ما انجزه تشى خلال الفترة ذاتها؟

منظوران في قراءة الغيفارية
يتوقف الموقف من الغيفارية في حقبة العولمة، كما هو الحال في قراءة الماركسية والاشتراكية، على المنطلق والمنظور الذي يستخدم في قرائتها:
1) فهناك المنظور البرجوازي الذي يرى في الغيفارية نهجاً سياسياً قد مات وولى زمنه ولم يتبقى إلاّ أن نعلن مراسيم دفنه. وهو منظور يرى أن التاريخ قد إنتهى وان اللحظة لا تتسع إلا لمفاهيم وسياسات العولمة الرأسمالية والنيوليبرالية. وهذا النهج، عدا كونه أداة لرأس المال، لا يقدم سوى فهم آلي جامد بلا نبض ولا إبداع ولا يبقي من خيارات أمام الانسانية إلا أن تلفظ أنفاسها الاخيرة.
2) أما المنظور الآخر فيقوم على قراءة الغيفارية قراءة نابضة مكتنزة بالحيوية ويرى فيها رؤية وممارسة ترفضان الجمود العقائدي والتخشب الايديولوجي، قراءة تستشرف مفاهيمها تشى غيفارا الدينامية في تجارب الشعوب وترفض الركون الى علاقات الاستغلال والهيمنة القائمة وتقدم البديل لعالم افضل ومستقبل أسعد.
(1)
نقد الغيفارية بين الشخصنة والتدمير
خلافاً للانطباع العام، لم يحظى تشى في حياته ومماته بالافتتان والاسطورية والتمجيد فحسب، بل تعرض ايضاً، وما زال حتى يومنا هذا، لحملات عديدة من النقد والتجريح والتدمير التي إنهالت عليه من كافة قوى اليسار واليمين.
يجدر بنا هنا ان نلحظ ان الكثير من الانتقادات التي تعرض لها تشى في فكره وممارسته، قد طغت عليها العوامل والدوافع الشخصية والسيكولوجية لتشى غيفارا الفرد، وتجاهلت العوامل والظروف الخارجية والاجتماعية والاقتصادية ومجمل السياق العام في أميركا اللاتينية أو أفريقيا أو العالم الثالث. ولا داعي هنا للتيه في التبريرات والنوايا الطيبة لهذه الانتقادات، فالنوايا الطيبة هذه أمر لم تحظى بها الحركات الثورية وخصوصأ الماركسية عبر القرن الماضي الذي إحتقن بسموم الدعاية الرأسمالية المغرضة والسفيهة.
وبينما إنطلق الكثير من الانتقادات من مدافع اليمين الرجعي والآلة الاعلامية الرأسمالية في الغرب، فان "اليسار"، وخاصة المأجور منه لرأس المال وأوساطه الاكاديمية والاعلامية، لم يتواني عن الإدلاء بدلوه. وإلاّ فلمَ الإصرار، وبعد هذه السنوات الطويلة، على محاكمة تشى غيفارا وفكره وممارسته على أنه "تجربة أسطورة" أو مقاتل مغامر، أو ثوري حالم، وتحاشي تقييم الغيفارية في سياقها التاريخي والاجتماعي كتجربة من تجارب الشعوب ومساهَمة في التغيير الثوري الهادف الى إنسانيةٍ جديدة؟ ألم يكن تشى، كما كان كاسترو ولينين وإن شئتم فغاندي وغيرهم الكثيرون، نتاجاً للحقبة التي عاشوها ولسياق الظروف الاجتماعية والتاريحية التي أحاطت بهم؟ وعلى سبيل المثال، لماذ التقليل من دور الاتحاد السوفييتي (وتبعية الحزب الشيوعي البوليفي لموسكو وهيمنة النهج الستاليني على قراره وسياساته مثل العديد من الاحزاب الشيوعية في أميركا اللاتينية آنذاك) في فشل التجربة البوليفية، والاكتفاء باتهام تشى والقيادة الكوبية بعدم الاعداد السياسي والجماهيري الكفيل بتوفير المساندة للحملة في بوليفيا (1966 ـ 1967)، وأن تشى، وإن كان الامر صحيحاً، لم يتمكن من بناء قاعدة/حركة جماهيرية تدعم الثورة مما أدّى الى عزلته ورفاقه وتصفية العملية الثورية باسرها؟

والسخرية أيضاً
لا ضير في نقد الغيفارية، كحركة ثورية، طالما قام النقد على إرضية المقاومة ومقارعة الامبريالية. وعليه، فان تقييم الغيفارية يجب أن يقوم على ضوء المعطيات الخاصة لكل حالة، لا على محاولات التدمير والتشويه والتزييف. كما لا يجوز أن يقتصر نقد الغيفارية على تعداد الاخطاء والاخفاقات وتجاهل الانجازات التي حققتها الثورة والتجربة الكوبية على كافة المستويات، المحلية والاقليمية والاممية. لماذا النظر الى الفشل في بوليفيا، مثلاً، دون الاقرار بالانجازات في كوبا وأفريقياً؟
يقول خورخى كاستينييدا Jorge Castaneda "اليساري" السابق المرتد، أن كلاً من كاسترو وتشى قد فشلا ولم يعد هناك في عالم اليوم من يريد ان يقترب من فكرهما ويؤكد أنه "ليس هناك غيفاريون اليوم، كما أنه ليس هناك من هو معنيٌ بالاشتراكية". ويزعق أكاديمي أميركي، من حضن الاكاديمية الرأسمالية الناعم، ان تشى قد "فشل في بناء إقتصاد قويٍ متماسك كما فشل في نشر الثورة" وأن السياسات الاقتصادية والسياسية التي تبناها كانت "وبالاً" على العمال الكوبيين.
(2)
الفكر السياسي لتشى غيفارا:
المرتكزات ونقدها
البداية السياسية لتشى غيفارا
شكّل الانقلاب التي دبرته وكالة الآستخبارات الاميركية (سي آي إي) عام 1954 ضد الحركة الديمقراطية في غواتيمالا التي تزعمها يعقوب أربنز Jacobo Arbenz ، المواجهة السياسة الاولى لغيفارا (الذي كان آنذلك في زيارة لغواتيملا) مع الامبريالية الاميركية، وربما كان اللحظة الفاصلة بين تشى الرحّالة المتجول بحثاّ عن "معركته" وتشى الثائر. اتجه تشى، بعد ترحيله من غواتيملا، شمالاً نحو المكسيك حيث إلتقى فيدل كاسترو وأخاه راؤول في صيف 1955 وإلتحق هناك بالثوار الكوبيين.

البؤرة والثورة
رأى تشى أن الثورة في أميركا اللاتينية قد تأخرت لان حركاتها الثورية وقياداتها (بما فيها الاحزاب الشيوعية المرتبطة بموسكو والتيارات التروتسكية وغيرها) تبنت خطاً سياسياً خاطئاً ومستورداً ولم تنطلق من فهم موضوعي للواقع والظروف المحلية في تلك البلدان. أما الكفاح المسلح، فقد إسخدمته هذه الاحزاب إستخداماً لفظياً وإنتهازياً في معاركها البرلمانية ولتحقيق مكاسب سياسية آنية.
رأى غيفارا أن المفتاح الاساسي لانطلاق العملية الثورية في بلدان أميركا اللاتينية (بما فيها الوصول الى السلطة والاطاحة بالنظام الرأسمالي)، يكمن في إستراتيجية البؤرة الثورية (أو النواة الثورية المعروفة باستراتيجية أو نظرية الفوكو foco أو focoism من الاصل الاسباني) والتي لقيت نجاحاً في الحالة الكوبية كما دعا الى إستثمار الثورة الكوبية ونجاحاتها.
وتتلخص هذه الاستراتيجية في أن تقوم مجموعة صغيرة من الثوار بالمبادرة الثورية بإقامة قواعد عسكرية في الريف (القواعد الارتكازية) وبشكل منفصل عن الفلاحين، ثم تنطلق في عمليات عسكرية متصاعدة مع القوات العسكرية لنظام الحكم (المرتبط بالامبريالية)، عاملة على كسب دعم وتجنيد الجماهير التي تأخذ بالالتحاق بها وصولاً الى النصر النهائي. وتأسيساً على هذه الاستراتيجية، دعت الغيفارية الى إقامة العديد من هذه "البؤر" في أميركا اللاتينية والعالم كاستراتيجة للنضال.



يتبع



إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05683 seconds with 11 queries