عرض مشاركة واحدة
قديم 14/01/2008   #66
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


لوموند، 13 أغسطس 6002 اكثر من حياة حتي مع كبر سنة، وحتي بعد أن أضعفه المرض (فقد كان مصابا منذ فترة طويلة بالسكر) وحتي بعد أن أصبح شبه أعمي واصم تقريبا، رغم كل ذلك يبدو أن الحزن لم يتمكن منه قط عندما كان يستقبل زائرًا في شقته المتواضعة بالقاهرة كان يتحرك بظله النحيف مرتديا الروب المنزلي ويقوم بفتح الباب بنوع من المرح المهذب بشرط طبعًا أن يكون الزائر قد وصل في موعده: فقد كان شديد الارتباط بالدقة في المواعيد بالرغم من أنه كان يعيش بدون ساعة. السر، إذا كان يوجد سر ما، نجده في عبارة تلفظ بها وهو ينظر مفكرًا باتجاه المترجم. فهو لم يكن يتحدث لا الإنجليزية ولا الفرنسية وهو شيء غريب وهو المعروف بثقافته الكونية. فكان يلجأ الي خدمات شخص آخر. وكان ضعف بصره يجبره علي النظر تجاه الأصوات وليس الأشكال: «أنا أفكر دائمًا في الأشياء الجميلة التي نعيش من أجلها» هكذا قال. العيش من أجل الجمال حتي ولو لم يتمكن من النظر إليه ومع ذلك ففي رواياته، لم يكن نجيب محفوظ يخضع قط لإغراء التجميل والتزيين فالطبيعية التي ظهرت في كتبه التي تكونت منها الثلاثية مثلا تبعده عن التقاليد التي كانت متبعة في الأدب العربي. ففي هذه المجموعة التي بدأت بـ«بين القصرين» كانت قوة النص الروائي بكل معني الكلمة هي التي برزت وذلك في ظل ثقافة عربية لم تكن الرواية فيها قد نمت. تفسير التعقيدات عندما سئل عن واقعيته، أوضح أنها كانت اختيارًا ضروريا في زمن كان المجتمع المصري يخرج فيه من «الرومانسية» متحولا أكثر فأكثر إلي التعقيد وهذا التعقيد كان يجب أن يتم تحليله وتفسيره. «لقد اخترت الواقعية لمعرفتي بالأسباب وذلك في وقت كان الغرب يعلن فيه موتها»، ومع ذلك لم يشأ الكاتب قط أن يلجأ إلي اللهجة العامية حتي في الحوارات التي كانت تتم بين البسطاء في القاهرة، فاللغة كما كان يؤكد هي الرابط الحقيقي الوحيد الباقي بين الدول العربية، علي الأقل هي الرابط الوحيد الأكيد أما غير ذلك فكان مجرد أماني. كان نجيب محفوظ كثير الإنتاج، كان يكتب كافة الأشكال. كان أيضًا متمكنًا من أدواته في الرواية وأيضًا في القصة القصيرة والتراجم الذاتية وحتي في الروايات التاريخية في بداياته. الحارة كانت تظهر علي الدوام في أعماله كانت هي الجزء من المدينة ومن الحياة الذي يأسره منذ طفولته المبكرة، وبالرغم من الدعوات التي كانت تصله فهو لم يوافق قط علي الإقامة بأي مكان آخر غير مصر حتي ولو لاستكمال دراسته أو في إطار عمله كموظف كبير. الرحلات نفسها والسفر لم يكن يجذبه: «أنا لا أمتلك الوقت اللازم.. هكذا كان يؤكد. لقد رفض حتي الذهاب إلي استوكهولم لتسلم جائزة نوبل. حياته كلها تركزت في الأماكن التي شهدت مولده وطفولته وحيث كان يجد مصادر آلام لا تنتهي. حياته كانت كلها مكرسة للقراءة ـ خاصة لدراسة الأعمال العلمية كيمياء وفيزياء وفلك ـ وللكتابة التي قال عنها إنها تتيح لنا فرصة أن نحيا أكثر من حياة للإنسان الذي لا يمتلك في متناول يده سوي حياة واحدة. محفوظ كان يؤمن بالقدر وكان لديه اعتقاد في نهاية حياته أن أعماله لم تعد تهم الشباب وكان يضيف مؤكدًا: «إذا كانت بعض كتبي لا تزال تنشر فذلك لأنه لا يزال هناك أشخاص في مثل سني علي قيد الحياة»، ولكن هذا لم يمنعه من أن يأمل في أن يكون بإمكانه أن يكتب حتي لو قصة قصيرة واحدة «عظيمة مثل الروح».

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04246 seconds with 11 queries