عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #19
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


لا النفط سلاح، ولا الجيش...



»النفط ليس سلاحا، النفط ليس دبابة« قال مستشار لدى مسؤول عربي كبير. يريد هذا الكلام طمأنة الاسواق والاصدقاء. الاسواق اولا حتى لا تصاب بذعر في وقت يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة حرجة. والاصدقاء حتى لا يشعروا بأن هناك من يريد الضغط عليهم. وإذا وضعنا الاسواق جانبا، فإن الاصدقاء المعنيين، اي الاميركيين، لا يتورعون عن استخدام النفط، او غيره، سلاحا، وأن يعاملوا اكثر من نصف الدول الممثَّلة في الامم المتحدة على قاعدة عقوبات متدرجة.
لقد اشتدت المطالبة الشعبية العربية باستخدام سلاح النفط ضد دول داعمة للاحتلال الاسرائيلي، وذلك، بالضبط، من اجل عدم إحراج حكومات معينة بدعوتها الى استخدام السلاح. اي ان هناك من كان يعطي دولا أسبابا تخفيفية فيكتفي بأن تقنّن استخراج الطاقة، وان لا تعوض عن نقص يفتعله غيرها، وان توحي بأنها تملك خيارات متعددة يمكنها استعمالها من اجل ان يكون صوتها مسموعا.
وإذا أريد للنقاش ان يخرج من هذه الدائرة المغلقة: هل النفط سلاح ام لا؟، فإن السؤال الذي يبقى مطروحا: هل من الجائز لطرف ان يستند الى ما لديه من عناصر قوة من اجل ان يلقي بها سعيا وراء تعديل موازين القوى؟ ان الذهاب الى لب الموضوع يكشف وجود مدرستين. تقول الاولى ان التقرب من الاميركيين، وطمأنتهم، والاندراج في سياساتهم الكونية، تجعلهم يغلّبون علاقتهم مع العرب ويستغنون عن اسرائيل التي يلعب اللوبي المؤيد لها دورا كبيرا وحاسما في تعمية واشنطن عن مصالحها الحقيقية. وتقول المدرسة الثانية ان الولايات المتحدة رتبت اولوياتها في المنطقة اثناء »الحرب الباردة« وبعدها بشكل يجعل كل انتزاع لحق عربي من اسرائىل محكوما بممر إجباري هو قدْر، متدن او مرتفع، من توتير العلاقات مع واشنطن. ولقد دلت التجارب الماضية كلها على ان واشنطن ماضية في تطويع الوضع العربي وإضعافه من اجل إنزاله تحت سقف المقبول اسرائيليا. ولقد عرفت هذه الوجهة اندفاعا اول، بعد حرب الخليج وانتهاء الاستقطاب الدولي، وهي تشهد زخما جديدا منذ 11 ايلول.
لا ضرورة لتبادل الاتهامات بين المنتمين الى هاتين المدرستين بين العرب. غير ان الواجب يقضي تقديم عناصر النقاش الى اوسع جمهور عربي والاحتكام اليه. ولكن بما ان المدرسة المغالية في واقعيتها هي الحاكمة فإنها تحول دون ذلك.
***
جرى تطوير نظرية في بلد عربي اساسي تقول ان الجيش لا يحارب إلا دفاعا عن احتلال ارض وطنية. يبدو، للوهلة الاولى، ان هذا الطرح عقلاني جدا وانه يصدر عن شعور عميق بسطوة فكرة الدولة الامة والسيادة، ويرفض الدخول في مغامرات تبدد القوى. وهكذا نصبح امام واقع يقول ان النفط ليس سلاحا يُستخدم في فلسطين وان الجيوش العربية، بدورها، ليست سلاحا طالما ان لا احتلال مباشرا.
لا يعود مفهوما، والحالة هذه، سبب وجود معاهدة الدفاع العربي المشترك. لا بل لا يعود مفهوما سبب وجود تحالفات وأحلاف في العالم كله. لقد فعّلت دول حلف شمال الاطلسي المادة الخامسة من الميثاق دعما للحرب الاميركية ضد طالبان والقاعدة. وتقول المادة المذكورة ان اعتداء على دولة من دول الحلف هو اعتداء على الكل يجعل الاشتراك في الحرب إلزاميا. لا بل ان جيش الدولة المعنية شارك في حرب الخليج الثانية عند اجتياح دولة عربية لدولة عربية برغم ان ارضه الوطنية لم تكن مهددة. فكيف تستقيم تلك المشاركة مع هذه العقيدة الجديدة المرفوعة في وجه حالة هي كناية عن اجتياح الدولة الاسرائيلية لدولة فلسطين التي تعترف بها الحكومة المشار اليها والتي تفاخر بأنها هي التي ترعى قيامها.
ثم مَن الذي قال ان التهديد للأرض الوطنية يمكن قصره على احتلال اجنبي مباشر؟ ان الحرب تصبح واجبة عند تهديد المصالح الوطنية العليا لأية دولة وبعد ان تفشل المساعي الاخرى في رفع هذا التهديد. وفي الامكان القول ان ما تقوم به اسرائيل في فلسطين ينتمي الى هذا الصنف من التهديد للمصالح الوطنية العليا لغير دولة عربية، لمصر طبعا، ولكن ايضا للاردن وسوريا ولبنان، والى حد أقل الممكلة العربية السعودية.
يمكن للمرء ان يفهم ان مشاعر الأخوّة الإنسانية أو، حتى، القومية لا تستوجب أن يزج بلد نفسه في حروب طاحنة. ولكن ما ليس مفهوما هو الامتناع عن استخدام طاقات اي بلد، اقتصادية أو عسكرية، إذا كانت المصلحة الوطنية في خطر.
إن بعض من لا يشارك في معركة فلسطين اليوم، وبأقصى طاقة ممكنة لديه، سيدفع الثمن لاحقا. سيتم تهميشه، والقضم من مصالحه، والتضييق عليه، وإضعاف سيادته، وإملاء الشروط عليه، والتقليل من اهمية موقعه الاقليمي وما قد يجنيه منه، وارغامه على فقدان الجواب عن سؤال ملح: لماذا تقتطع الشعوب من لقمة عيشها لبناء جيوش وتسليحها، ولماذا تقنع بوضع مصيرها بين ايدي قيادات لا تدرك ان السياسة، هي، بين امور اخرى، فن الاستباق.

04/27/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04027 seconds with 11 queries