عرض مشاركة واحدة
قديم 07/09/2006   #5
صبيّة و ست الصبايا lyan
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ lyan
lyan is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
10

افتراضي


جنازة أم عرس؟!
في 22 تشرين الثاني الماضي كانت عين عريك تستعد لاستقبال ابنها البار لتشييعه إلى مثواه الأخير، أبو عيسى كان تواقا لرؤية ابنه عريسا لكنه ها هو يستقبله جثمانا غارقا بالدماء ، العاصفة تهديء من روعها قليلا لتمكن السماء من البكاء غيثا غزيرا علها تطهر الأرض التي كثر فيها الظلم والقهر والفساد، وها هم كل من عرفوك أو سمعوا عنك مناضلا محبا لوطنه جاءوا يودعونك من كل حدب وصوب، لقد جاءوا للمشاركة في مراسيم جنازة لكنهم فوجئوا أنهم في عرس بهيج، صلي على الجثمان الطاهر في كنيسة سيدة البشارة ، ثم نقل إلى المقبرة ليوارى الثرى، إنها ليست ككل الجنازات فالحاضرون مسيحيون ومسلمون تجمعوا على قلب رجل واحد ، والخوري خطب بالمشاركين قائلا " اقرأوا على الشهيد الصلاة الربانية والفاتحة". "ابانا الذي في السموات ، ليتقدس اسمك، ليأتي ملكوتك، لتكن مشيئتك".
بعد الانتهاء من مراسيم الدفن دعا أبو عيسى "المعازيم" الذين حضروا عرس ابنه إلى المشاركة في وليمة سيقيمها على روح ابنه الطاهرة بعد صلاة الجمعة المقبل أي بعد أربعة أيام على يوم الدفن، كان قد قرر أن يقيم هذه الوليمة إذا ما أقدم سلام على الزواج ، لكنه هاهو يقيم هذه الوليمة ويذبح 24 سخلا لهذا الغرض تماما كما فعل من قبل في أعراس أبنائه الذين تزوجوا، إنه الانصاف والعدل بين الأبناء ، كل من تزوج من أبنائه اقيمت له مثل هذه الوليمة، فكيف لا تقام لسلام وهو عريس وشهيد في آن؟
المسلمون في القرية أقاموا وليمة مماثلة على روح الشهيد حيث ذبحوا عجلا وكل من حضر العزاء مسلمون كانوا أو مسيحيون كان لزاما عليهم أن يأكلوا من الوليمة التي اقيمت في مسجد القرية. أبو عيسى صابر كالصخرة التي تتحطم عليها كل عوامل اليأس، أخذ يبث الأمل في النفوس ويرفع معنويات من أحبوا سلام .
أن يموت سلام شهيدا فهذا شرف وتضحية من أجل الوطن ووفاء لشعب ذاق الأمرين في ظل احتلال همجي ، لكن الفراق صعب والجرح عميق . ويقول اصرار (26عاما) الشقيق الأصغر لسلام والذي أفرج عنه قبل بضعة شهور بعد أن أمضى في سجون الاحتلال مدة ثلاث سنوات ونصف، واستأنف دراسته مؤخرا في جامعة بيرزيت تخصص علم اجتماع " أنا وأشقائي منذ صغرنا ونحن نشارك في العمل الوطني ، نزور أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين ونتضامن معهم، كنا ننظر للشهيد بأنه مثال للتضحية وموته شرف يجب أن لا نحزن على غيايه، باستشهاد سلام أضافت لنا الشهادة بعدا آخر إلى جانب التضحية والشرف وهو الألم والجرح النازف اللذان يخلفهما فقدان حبيب يمثل ركنا أساسيا من حياتك". ويضيف اصرار" استشهاد أخي لا يمكن أن يغير من مواقفنا وقناعاتنا بأن الاحتلال سرطان خبيث يجب أن يستأصل وعملاؤه داء دواؤه الكي، لكن شهادته تعزز قناعاتنا بأنه لا يمكن التعايش مع الاحتلال أو إقامة سلام مع القتلة".
بعد أيام سيحل عيد السلام ، سيمر ثقيلا حزينا ، الفرحة أغمدت بسيف قتلة،وشجرة عيد الميلاد يوشحها السواد، الشهادة مشيئة الله لكن الاحتلال من فعل أشباه بشر، النار ستبقى تأكل من قلب أم عيسى لرحيل فلذة كبدها ، لن يطفئها سوى أن يكون الوطن محررا من نير الاحتلال ليعم فيه الأمان والسلام.



ماذا لو لم يكن اسمه سلام؟!
عجباً للدنيا ومن فيها، لا حرب فيها ينفع ولا سلام! قلنا لنجعل السلام يغلب على الحرب في تصارع الأضداد، ولكن يبدو أن الميزان في حكم الأضداد غير متوازن. أردنا أن نغلِّب السلم على الحرب من منطلق جعل أحدهما يسود على الآخر، دون جدوى؟ فجاء القتل ليسود مرة أخرى في صراع التضاد، وغاب السلام. إذا حاولنا اللعب بالألفاظ وقلنا هذا الاسم أنسب من ذاك في عصرنا هذا فلنجعل منه شعاراً ومساراً نسير نحوه، لكن ما نفع كل ذلك، ومرة عاشرة وعاشرة غاب السلام، فصورة سلام الصغيرة التي شوهها أباطرة القتل والدمار بحقدهم ورصاصهم، أضحت صورة سلام الكبيرة التي تلف هذا الوطن، وتغتاله يوماً بعد آخر القوات الهمجية المتجمعة من حول العالم فيه.
كان سلام اسماً وجسماً وروحاً وفكراً، صورة تعكس الوضع الفلسطيني بكل ما يُتمنى أن يسود فيه السلام، وتموت صورة السلام أكثر ونحن نقترب كل عام من ميلاد رسول السلام لنبقى نشدو ونشدو: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام.
ولكن دون سلام!!
وأغرب ما في الأمر أن يسألني طفل في الثامنة من عمره: اسمه سلام يعني ضد الحرب فلماذا قتلوه؟!! ألا يستحق كل هذا منا السؤال: أين السلام وماذا لو لم يكن اسمه سلام؟!



هل كان حلماً...؟
ربما يحلو الكلام ويصبح على الألسنة كالأمثال: هدوء ما قبل العاصفة، حياة يلفها روتين قاتل، نوم وقيام وعمل ثم عودة للبيت إذا قدر الله ربما للاسترخاء أو لشيءٍ آخر، تلك هواجسنا نزفات من ندى الصيف ووريقات من خريف العام، وحبات برد من الشتاء الذي ما بعده شتاء، إلى أيقونة تحملها العذراء لصليب ابنها الحبيب تغرسها لتنمو في الربيع، هكذا أصبحنا كالحلم العابر ما بين حياتنا وموتنا مفصل صغير، وكأن شيئاً ما كان، خيط من سنابل الحقل إلى خيط من شعاع الشمس وخيط من عمرنا نحاول أن نَجْدِلَه لنصنع لنا جسراً لعبور الزمان، لكن أي زمان؟! هل حقاً بات الحلم هو الواقع والعنوان، أم أن العذاب هو العنوان؟! غاب سلام وأنا لم أزل أقل نحن في الأحلام، تيّقنته خارجاً مرتدياً بنطالاً ومعطفاً يبهوان باللون البيج والقميص الخمري والعطر الفوّاح، تأملته بعيني إلى أن خرج وأغلق الباب وخرجت أنا إلى غرفتي وأغلقت الباب، هل كان مصادفةً أن يلف كل منا ظهره للآخر ويغلق خلفه الباب؟! أم أن حقيقةً تختبئ وراء الباب؟! آهٍ من طرقة الباب التي اعتدت أن اسمعها من خبطة يده عندما يدخل غرفته المجاورة إلى غرفتي لأطمئن أنه أغلق الباب، غاب أخي ولكن الكلام والخيال وطرقة الباب ما زالت في البال وطلّته البهية في عيني لن تغيب محال، فهل كل هذا من الأحلام؟؟!




إلى القلب الذي يسكن في القلب:
أخي وحبيبي سلام
أختك الحبيبة: روز


اللهم يالله اسالك ان توحدنا وتعيد القدس الينا وان ترزقنا بقادة امثال صلاح الدين الايوبي
يحرروا القدس من ايدي الصهاينة الارهابين
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07182 seconds with 11 queries