لم يكن للجنس السوي حظ التعليم مثلا كي يعمم بسرعة في أرجاء أوروبا بل ظل ظهوره متذبذبا لقد كان الرومان في العصر الجمهوري والإمبراطوري الأول ملتزمين بهذه النمط الجنسي لكن أوروبا شمالي الألب لم تأخذ عن الرومان شيئا من ذلك ربما لان الرومان مارسوا الجنس هناك كأسياد ثم جاء الإقطاع ليرسخ نمط الجنس الخلفي. فكيف عرفت أوروبا الجنس السوي من جديد؟
الأكيد انه من الأندلس فالثابت أن النمط التي يكرسه الإسلام في الجنس هو الجنس السوي إذ أن الإسلام يحرم بكل شدة ممارسة الجنس في أي موضع من مواضع جسد المرأة غير المهبل وهذا ما يقطع الطريق أمام الوضعية التي يكون فيها الرجل وراء المرأة في الجماع وهو بذلك يقنع بهذه الوضعية دون تفكير بما أنها إلزام ديني. ولما كان المسيحيون في عهود الحكم الإسلامي في اسبانيا يتلقون التعليم عن المسلمين والعلم الإسلامي هو المعرفة عن طريق الدين فقد عرف المسيحيون هذا النمط واقتنعوا بايجابياته كما أن الطبقة المهيمنة على الفكر والتجارة آنذاك كانت من المسلمين فلاشك أن الطبقات الدنيا تطلعت لتقليدها ثم إن الجنس السوي نمط حضري بالأساس واسبانيا تلك القرون كانت المنطقة الوحيدة في أوروبا خارج ايطاليا التي تحتوي على مدن.
من ناحية ثانية يعم الجنس السوي في كل تطور اقتصادي حيث تمس المكاسب المادية كل الناس من التاجر وصاحب الأملاك إلى المومس والعاطلين ولمل كان عصر النهضة في ايطاليا هو عصر الانسان المنفتح على الحياة الذي يأخذ من الأشياء أنفعها واجملها كان عصر النهضة فاتحة لهذا السلوك الجنسي الذي سيحقق نجاحا مستمرا ولكن بطيئا في أوروبا كلما أرادت اوروبا أن تقلد ايطاليا في نهضتها لكن الثورة الفرنسية كان نقطة في آخر السطر فبعدها أصبح كل الجنس سوي
ا.
في الشرق كان الجنس فلسفة وتدينا وكما أسلفنا فالجنس السوي هو النمط النموذجي للجنس في العالم الإسلامي الذي يربط أوروبا بالشرق الأقصى حيث كان الجنس هو الزواج والإنجاب ولا تهم الطريقة وكانت لكل فئة حضرية أو قبلية أشكالها في الممارسة الجنسية ولم تكن الكامسوترا لتظهر أبدا في أوروبا لأن التنوع العرقي الذي يعرفه الشرق هو مبدع الكامسوترا وليس فقط تأمل حكماء اليوغا ولم يكن ممكنا أبدا أن نرصد عموم ظاهرة الجنس السوي في مساحات آسيا الشاسعة لكن اليابان التي عرفت نهضة على الطريقة الأوروبية خلال القرن التاسع عشر عاشت روح الغرب حتى فوق الفراش وفي ما عدا ذلك كان كل شيء ينتظر طوفان القرن العشرين المعرفي ليذهب بالجنس إلى الممارسة السوية.لكن هذا القرن بالذات سيحمل للناس صور الجنس ومن ثم ثقافة الجنس كمتعة خالصة وسيحمل هذا القرن نظريات علم النفس والتشريح على طبق لكل مريدي المعرفة .
|