عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #61
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


الصوم
الصوم في اللغة يعني ركود الريح وإمساكها عن الهبوب. وصيام النهار يعني اعتداله ومصام الشمس هو وقت توسطها السماء. وقد قال أمرؤ القيس في معلقته الشهيرة:
كأن الثريا عُلقت في مصامها بأمراس كتان إلى صُم جُندلِ
والصيام عن الشئ يعني الامتناع عنه، وقد يكون الصيام عن الأكل أو الشرب أو الاثنين معا، وقد يصوم بعض الناس عن نوع معيّن من الأكل كما يفعل المسيحيون يوم الجمعة الحزينة، يوم صُلب عيسى بن مريم، فيصومون عن أكل اللحم ويأكلون السمك فقط. وقد يكون الصيام لأسباب طبية قبل العمليات الجراحية، أو كنوع من العبادة. وأصبح الصيام كذلك أداةً من أدوات الاحتجاج غالباً ما يستعمله السجناء السياسيون. وقد يكون الصوم عن الكلام فقط كما فعلت مريم العذراء عندما ولدت عيسى وقالت أنها نذرت للرحمن صوماً ألا تكلم اليوم إنسياً.
ويبدو أن الصيام لأسباب دينية بدأ باليهودية عندما قاد موسى بني إسرائيل من مصر وانفلق البحر لهم فنجوا واغرق الله فرعون وجنده، فصام الإسرائيليون شكراً لله على خلاصهم، وسموا هذا الصيام صيام عاشوراء. ولاختلاط بعض القبائل العربية بيهود المدينة وخيبر، كان جزء منهم يصوم يوم عاشوراء.
ولم يصم المسلمون في مكة في بداية الإسلام، ولم يذكر القرآن شيئاً عن الصيام. ولكن عندما هاجر الرسول إلى المدينة، رأي اليهود تصوم يوم عاشوراء، فسألهم فاخبروه أنه اليوم الذي أغرق الله فيه آل فرعون، ونجي موسي ومن معه منهم، فقال الرسول: نحن أحق بموسي منهم. فصام وأمر الناس بصومه[22]
وأول سورة نزلت على الرسول بالمدينة هي سورة البقرة، وفيها نزلت الآية 183: " يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ". فأمر الرسول أصحابه أن يصوموا من كل شهر ثلاثة أيام، وقال لهم هكذا كُتب الصيام على الذين من قبلكم. فأصبح المسلمون يصومون ثلاثة أيام من كل شهر ثم يصومون يوم عاشوراء[23]
ثم نزلت الآية 184 من نفس السورة: " أيام معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً خيرٌ له وإن تصوموا خير لكم ". وهنا أعطى الله المسلمين الخيار فقال لهم الصيام أيام معدودات، ثلاثة أيام من كل شهر، ولكن من كان منكم مريضاً أو على سفر فيمكنه أن يفطر ويقضي الأيام فيما بعد. وكذلك زاد في الرخصة لهم وقال: الأغنياء الذين يستطيعون إطعام مسكين، فلهم الخيار أن يصوموا أو يفطروا ويطعموا مسكيناً، ولكن إن تصوموا خيرٌ لكم.
ثم بعد فترة نزلت الآية 185 من نفس السورة: " شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات للهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ". فبدّل الرسول صوم الثلاثة أيام من كل شهر بصوم شهر رمضان كله، لكنه لم يذكر يوم عاشوراء، فصامه أناس وأفطره آخرون. وحدد بداية الصيام بقوله : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ".
وفي تلك الأيام طبعاً لم تكن هناك تلسكوبات لترصد الهلال ولذلك اعتمدوا على الرؤيا بالعين المجردة إذا كان هناك شهود مع الشخص الذي شهد الهلال. واستمر الوضع هكذا إلى اليوم رغم أننا نمتلك اليوم مراصد علمية يمكن أن تحسب لنا مقدماً متى يظهر الهلال في أي بلد مسلم. ولكن نسبة لأن المسلمين لا يمكن أن يتفقوا على شئ، ظل الخلاف بين الأقطار المسلمة في بدء الصيام، ويندر أن تصوم كل البلاد المسلمة في نفس اليوم، وبالتالي يكون عيد الفطر في أيام مختلفة. ولكن عيد الأضحى لا اختلاف فيه لأن المملكة العربية السعودية تحدد متى يكون الحج.
وفي بداية صيام رمضان أباح الرسول للناس أن يأكلوا ويشربوا ويجامعوا نساءهم بعد غروب الشمس، ولكن إذا نام الشخص ثم استيقظ فلا يحل له الأكل أو الشرب أو مجامعة زوجته حتى غروب الشمس في اليوم التالي. وكالعادة، فعل عمر بن الخطاب شيئاً أو قاله، فوافقه الله فيما قال أو فعل. ففي ليلة من ليالي رمضان أتى عمر فأراد أمرأته فقالت له: إني قد نمت، فظن عمر أنها تعتل فأتاها. وذهب عمر إلى النبي وقال له: اعتذر إلى الله وإليك، فإن نفسي زينت لي فواقعت أهلي، فهل تجد لي من رخصة؟ فقال له الرسول: " لم تكن حقيقياً ياعمر". فرجع عمر إلى بيته فأرسل إليه الرسول وأخبره أن القرآن قد نزل بعذره، وقرأ له: " أُحِلَ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم "[24] .
فأباح الله للمسلمين مجامعة أزواجهم ليلة الصيام وفرح المسلمون بذلك. ويظهر من قصة فرض الصيام أن الموضوع تم بطريقة عشوائية متقطعة لا تراسل فيها. فالصيام ركن من الأركان الخمسة للإسلام، لكن الله لم يذكر عنه شيئاً طوال ثلاثة عشر عاماً قضاها الرسول بمكة، ثم لما جاء إلى المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، فرض على المسلمين أن يصوموه لأن المسلمين أحق بموسى من اليهود. ثم كتب الله الصيام على المسلمين، ثلاثة أيام من كل شهر. ثم غير رأيه وقال بل صوموا شهر رمضان كله لأنه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، وألغى صيام الثلاثة أيام من كل شهر. ولكن نسى الرسول أن يذكر أي شئ عن صيام يوم عاشوراء الذي كان قد فرضه على المسلمين، فلم يؤكده ولم يلغه، فظل جزء من المسلمين يصومه وجزء لا يصومه.
وفرض الله على المسلمين ألا يجامعوا أزواجهم في ليلة الصيام إذا نام أحدهم في أول الليل ثم استيقظ وأراد المجامعة. ولكن بعد أن جامع عمر امرأته، أحل الله لهم ذلك وقال: " قد علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم ". فمتى علم الله ذلك؟ هل علمه منذ الأزل قبل أن يجامع عمر امرأته أم بعد أن جامعها؟ فإن كان قد علم منذ الأزل، يصبح تحريم المجامعة عندما نزلت آية صيام رمضان، لا معنى له لأنه عرف أنه سوف ينسخه بسرعة بعد نزول الآية. وإذا لم يعلم أنهم كانوا يختانون أنفسهم حتى حدثت الخيانة، يصبح موضوع أن القرآن أزلي غير وارد.
ثم لماذا هذا التردد والتقسيط في فرض ركن من أركان الإسلام الخمسة؟ فإذا أردنا للبناء أن يكون صلباً يجب أن تكون أركانه صلبه منذ البداية. ولكن قد رأينا أن الله قد أنزل الصيام بالتقسيط وبعد عدة تجارب ألغيت فيما بعد، وحدث نفس الشئ في الزكاة، ففي البداية حرم الله الكنز، ولما اشتد اعتراض الأغنياء، نسخ آية الكنز وأنزل آية الزكاة بدلها، وعندما أنزل آية الحج لم يكن الطواف بالصفا والمروة جزءاً منها، وبعد أن سأل الأعراب عن الصفا والمروة أصبحتا من شعائر الله، وحتى بعد ذلك قال: " فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ". فكأنه يقول: إذا طفت بهما فلا ضرر من ذلك، وإذا لم تطف فلا ضرر. وما هكذا نبني الأركان. وماذا عن الصلاة التي كانت ركعتين بمكة ثم زادها إلى أربعة بالمدينة؟ فهذه أربعة أركان من أركان الإسلام الخمسة نزلت بعد تردد وزيادة ونقصان. لو كان القرآن أزلياً كتبه الله في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق العالم، لماذا كل هذا الإضطراب؟
ثم ما الحكمة من أن يفرض الله على المسلمين في بلد صحراوي حار كالجزيرة العربية أن يصوموا عن الماء والطعام طوال اليوم ولمدة شهرٍ كامل؟ تفلسف علماء الإسلام في ذلك وأتوا بأسباب شبه علمية منها أن الصيام يُعلّم الأغنياء معاناة الفقراء. وهذا طبعاً مجرد هراء، فلو سلمنا أن الفقير لا يجد قوت يومه وأردنا للغني أن يذوق هذا الحرمان، لماذا نمنعه من شرب الماء، هل هناك فقير في تلك الأيام لم يجد ماءاً يشربه، خاصة إذا علمنا أن الإسلام جعل الماء والوقود حقاً مشاعاً حتى لا يستولي عليها الأغنياء؟ والغني الذي يصوم شهراً كاملاً ألا يكفيه هذا أن يتعلم كيف يعاني الفقراء، لماذا إذاً يصوم كل عام وهو قد تعلم الدرس من أول سنة في الصيام؟ وإذا كان الغني يصوم ليشعر بمعاناة الفقير، لماذا يصوم الفقير الذي يعرف هذه المعاناة لأنه يعيشها كل أيامه؟
ويقول الفقهاء كذلك إن الله سن الصيام لفوائده الصحية وقالوا إن الرسول قال: " المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء". فما هي الفوائد الصحية؟ يمتنع المسلمون عن الأكل نهاراً ثم يتخمون أنفسهم ساعة الفطور وعند العشاء وساعة السحور، والنتيجة الفعلية لرمضان أن معظم المسلمين الأغنياء يزيد وزنهم بعد رمضان، ونرى هذا جلياً في أحجام ملوك وأمراء دول الخليج الغنية. وهناك ضرر عظيم يصيب المسلمين الذين يصومون رمضان في البلاد الحارة، وهو فقدان السوائل التي تؤدي إلى الهبوط الكلوي، ويظهر هذا جلياً في المملكة العربية السعودية حيث تدل الإحصاءات على أته كل خمسة ساعات يُضاف مريض جديد لقائمة المرضى المعالجين بالغسيل الكلوي بينما يموت كل يوم مريضان من المرضى المعاجين بالغسيل الكلوي [25]. وعدد المرضى المسجلين على كشوفات الانتظار لزراعة الكلى بلغ خمسة آلاف مريض.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05630 seconds with 11 queries