عرض مشاركة واحدة
قديم 25/12/2007   #18
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


هذا المساء يا عزيزتي جميل


لا تسأليني إن أتيت في مساء غدْ

وفي مساء بعد غدْ

ماذا تريد؟

لأنني سأدعي أني نسيت عندكم كتاب

أني نسيت علبة الدخانِ ليلةَ الأحد

أني، نعم أريد. ما الذي أريد

ستلمحين فكريَ الشريد

من خلف عيني حائرا يبحث عن جواب

وأمضغ الأسى، ولا أردٌ

لا توقفيني هكذا،

فقد شبعت وقفة بكل باب

أسأل عن خبزي،

وعن حجبٌِ،

ولا جواب

غير صدي صوتي يضيع في السكون

أرجوكِ قولي لي: استرح!

أو: انتظر!

وابتسمي ابتسامةَ مشجٌعة

لأنني لن أستريَح لو بدا في وجهكِ الضجَر

وإنني أراك سوف تفعلين

أتذكرين؟


ليلة أن كنٌا نسير، ذات ليلة،

وقد تدثٌَر الطريق بالظلام

أنا أكاد أذكر الوقت وأذكر الكلام

لأنها أوَّل مرة نسير وحدنا

وكنت أستطيع أن أقول كجلٌَ شيء

لكنني لست من الذين يتقنون صنعة الغرام

أنا أكاد أذكر الوقت وأذكر الكلام

كنا نسير والطريق مظلم


والناس أشباح تمرّ

تبدو إذا سيَّارة مرت بهم

تمدّ فيهم إصبعين أزرقين من ضياء

وتختفي فيختفون!

أيامَها كنا نعيش في الظلام

كانت سماؤنا بِبومي ينشر الخراب

علي بيوتنا التي بنى سقوفَها العرق

علي حقولنا التي تخضرّ كل فصل

وتفرش الظلال للخرافِ والرعاة

وترضع المساءَ قطرة من الندي،

وخفقة من الورق

أيامها حتى الندي احترق

وقلت في نفسي اعطها يدك

ففي ليالي الحرب تأمن البنات للرجال

وقلت لا، فقد تردّها!

لكنني وددت أن يتوه دربنا

فلا نري خيال دار

ويشربَ الليل الخلودَ كلٌه،

فلا يري النهار

وكان حراس الطريق والجنود يعبرون

وقد تقلصت أكفهم علي السلاح

وكنت أطرد الهواجسَ التي تأتي بفكرة ابتسام

وربَما لولاك ما فكرت أبتسِم

هربت من خواطري

كأنني استيقظت من حلم

ثم استدرت نحو وجهك الذي يفيض بالجمال

والعذاب

وقلت:

هذا المساء يا عزيزتي جميل



الأفق صلبان من الشرر

تقاطعت علي الدجى

والطلقات تنهش السكون

لا تفزعي!

لا تفزعي، نحن معا

نحن معا نخوض في المنون

ولا نموت!

أحسست أنني أحب

أحسست أن إصبعي يفَتٌِت الصخور

وصدري العاري يطيش حوله الرصاص

وفي دقيقةِ يصير لي جناح

أمشي به علي الرياح

إذا شربت جرعة من نبعك النمير

أحسست عندما اقتربنا من طريق منزلك

أن لياليَ السهادِ والغناءِ أقبلتْ!

أني بحاجِة إليك

أني أريد، ما الذي أريد

هربت من خواطري كأنني استيقظت من حلم

ثم التفتح نحو وجهك الذي يفيض بالجمال

والعذاب

وقلت:

هذا المساء يا عزيزتي جميل!




مارس 1957


شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06718 seconds with 11 queries