عرض مشاركة واحدة
قديم 01/08/2009   #19
شب و شيخ الشباب MadMax
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ MadMax
MadMax is offline
 
نورنا ب:
Aug 2006
المطرح:
Antaradus
مشاركات:
11,261

افتراضي


الكلام ضدّ الديكتاتوريّة يبدو بلا معنى حين نراقب قائدَ أوركسترا وكيف يتعامل مع فريقه. أو مؤّلف الموسيقى وكيف يتعامل مع معاونيه. أو المخرج وكيف يتعامل مع الممثلين والتقنيين. أو الكاتب وكيف يتعامل مع الفراغ الذي يحيط به نفسه.

الداعون إلى إلغاء الديكتاتوريّة سيتوصّلون إلى إلغائها حيث هي سائرة بشكل طبيعي إلى الزوال، ولكن سيظلّ مشهدُ كونداكتور يتحكّم في أوركستراه كتحكّم الله في ملائكته، مثالاً للديكتاتوريّة. كذلك المخرج مع ممثّليه. والكاتب فوق ورقته. والنحّات والمصوّر والملحّن وأستاذ الرقص... لأنّ السلطة الأصليّة هي الخَلْق، وكلّما تساوت المجتمعات في الديموقراطيّة وتهاوت رموز الطغيان السياسي والعسكري والأيديولوجي والديني والاقتصادي والتكنولوجي، عادت إلى التحرّك الحاجةُ الإنسانيّة إلى سطوةِ الخَلْق تًعوّض الإنسان عبر الدهشة والغوص والاستشراف ومخزون اللغة من عنفٍ ورقّةٍ وفتنةٍ ومصالحةٍ وتجديدٍ واكتشاف، تعوّضه عمّا سلبته إيّاه سلطات ماديّة انتحلت عبر التاريخ صفة القيادة عوضَ أن تَتسمّى باسمها الحقيقي وهو الاغتصاب، وفي ألطف أشكاله: التزوير.

القيادة لم تكن يوماً إلاّ للفكر والفن والشعر، ولأنَّ معظمَ أربابها منخطفون إلى أصواتهم الداخليّة لم يبالوا بفخفخات الأرض، في حين تكالب عليها المَظْهَريّون وموهوبو تحويل الذهب إلى تراب. ومع ذلك، رغم سلالات الملوك والأباطرة والجنرالات والغزاة ومئات ملايين الضحايا، ورغم تحالف سلطة السياسة مع سلطة الدين وسلطة المال، لم تستطع هذه السلطات أن تحرّك في الناس غير النوازع السلبيّة، ولم يدخل منها إلى نفوسهم غير الإرهاب والفساد.
إذا اضمحلّت الديكتاتوريّات السياسية ستبقى الديكتاتوريّات الفنّية والأدبيّة. لأنَّ هذه يحتّمها جوهران: طبيعةُ الخَلْق، على درجاته كافّة، وطبيعةُ تنظيمه وإيصاله إلى هدفه. لا بل ثمّة جوهر ثالث أيضاً لا بدّ من تسميته، وهو حاجة الجمهور إلى قيادة ديكتاتوريّة للخلق. فقيادةُ الخَلْق مجبرة، تحت طائلة انهيار كل شيء، على رعاية عملها رعاية شموليّة كلّية بالغة الجدّية، لا هوادةَ فيها.


ستظلّ ديكتاتوريّة الخلاّق مقبولة في عالمٍ بلا ديكتاتوريّات، مقبولة ومطلوبة، لأنّها تشهد بأنّ الزَيَف تراجَع لحساب الأصالة، وبأنّ الجمال، الذي كسفه إلى حين صَخَبُ التسلّط وجنونُ عظمةِ عشّاق التوسّع ومصّاصي الدماء، لم يتوقّف عن نَجْدة العالم، وقد عرفَ دائماً أن السرّ المقدّس هو في رؤوس مَن يملكون روحَ الكلمةِ وروح النغم وروح الرؤيا وروح الأمل، هؤلاء الملوك عن حقّ، وقد تَوَّجهم لا جيش ولا عصبيّات، بل وفاء الزمان.

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03426 seconds with 11 queries