الموضوع: البطالة والفقر
عرض مشاركة واحدة
قديم 11/07/2006   #2
شب و شيخ الشباب Danito
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Danito
Danito is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
The Bridge Tonowhere
مشاركات:
877

افتراضي


ولئن كان الوطن العربي هو أقل مناطق العالم إحساساً بمخاطر هذه العولمة وتعبيراً عن مواجهتها، إلا أن صراعه مع الصهيونية وقوتها الضاربة اسرائيل المندمجين مع الطغمة العالمية الامبريالية اندماجاً عضوياً يجعل الأمة العربية في خندق المواجهة الأول، مما يدعونا إلى القول، بخلاف رؤيا الشاعر التركي ناظم حكمت، أن أسوأ الأيام هي الأيام التي لم نعشها بعد. وليس مبعث هذه الرؤيا اليأس والتشاؤم من إمكانيات الوطن العربي وطاقات الأمة العربية الهائلة بجميع المقاييس، وإنما المهمات التي تؤديها الأنظمة والطغم المهيمنة على حركة الجماهير العربية في إثقال الحياة العامة والخاصة بما يفوق الاحتمال من الكوارث والمعوقات والقيود، حتى أصبحت هذه الطغم المهيمنة، وقد مات فيها الإحساس بأي هم وطني أو أخلاقي تجاه بلدها، إنما تمثل مصالح الخارج في التعامل مع شعبها ولا تمثل مصالح شعبها في التعامل مع الخارج، مما يجعل جميع قراراتها وممارساتها تنتج نتائج ذات آثار سلبية ومدمرة على جميع نواحي الحياة في بلدها، من البيئة وحتى الاقتصاد والأمن الوطني ونوعية الحياة وشروطها الأساسية.
وبسبب من هذه الوظائف والأدوار التي تؤديها الطغم المحلية، ولإدراكها مقدار تناقضها مع طموحات ومطالب شعوبها، فقد أصبحت الحقوق والحريات الأساسية للمواطن خاصة وللشعب عامة حلماً دونه الأهوال، حتى بدت معارك التحرر من الاستعمار ومواجهة الامبريالية والصهيونية، على فظاعة هؤلاء جميعاً، أقل كلفة من سياسات وممارسات الطغم العربية المهيمنة، وأقل منها قدرة على اعاقة النهوض والتحرر والتقدم العربي، مما حرر الامبريالية والصهيونية من تكاليف المواجهة المباشرة مع الأمة العربية، هذه المواجهة التي أخذتها على عاتقها الطغم العربية، وبفعالية ووحشية تثاب عليها من الخارج كثيراً، من تقدير معنوي ومكافأة مادية وضمان أمني، بينما تلقي بأعبائها المادية المتزايدة بدون حدود على شعوبها، هذه الشعوب التي لم تعد تنتظر على يد هذه الطغم سوى المزيد من النهب والاستملاك والاحتكار والافقار والإعاقة والتهميش والتجهيل والتجويع، بل ولم تعد تسمع حتى الوعود الخلبية الكاذبة، والتي حل محلها الهجوم العلني الصريح على مقومات الوجود الأساسية، ودون خجل من أحد.
في حمى المواجهة بين الرأسمالية والاشتراكية، وعلى أثر الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية في الثلاثينات، تنطع مفكر رأسمالي بارز، وهو الاقتصادي الانكليزي جون مينرد كينز لمهمة انقاذ الرأسمالية، معترفاً أولاً، على خطى كارل ماركس، بأن أزمة الرأسمالية نابعة من داخلها، من عجز الطاقة الشرائية للجماهير عن تصريف الانتاج الكلي، واقترح تعويضاً لنقص الاستهلاك التمويل التضخمي، أي توسيع الانفاق الحكومي بالاصدار النقدي لتغطية عجز الميزانية العامة الناجم عن هذا التوسيع.
واستطاعت السياسات الاقتصادية القائمة على النظرية الكينزية تحقيق نمو وازدهار اقتصادي متواصل للرأسمالية الغربية على مدى ربع قرن بعد الحرب العالمية الثانية مما مكن هذه الأنظمة من استرضاء طبقتها العاملة بتأمين الضمانات الاجتماعية، وعلى رأسها الضمان ضد البطالة والفقر، وذلك لإبعاد شبح الشيوعية الذي سكن القرن العشرين بكامله. وأنتج التنافس الاقتصادي والرفاه الاجتماعي ثورة نوعية لم تكن هدفاً بحد ذاتها، وهي ثورة المعرفة، التي كشفت الأساس الذي يجعل فكرة المساواة الإنسانية حقيقة واقعة، وهو أن الخالق ساوى بين البشر مساواة مطلقة في أهم ما يميزهم نوعياً عن بقية الكائنات وهو عدد خلايا الدماغ، أداة انتاج المعرفة، ولتتأكد بذلك المسؤولية الذاتية للفرد أو للجماعة عن واقعها ومصيرها، وذلك بمقدار ما تستخدم من هذه الخلايا وبالكيفية التي تستخدمها والغايات التي تستهدفها من استخدامها. إن الفروقات بين الأفراد وبين الجماعات وبين الدول والأمم ستتحدد أكثر فأكثر في عصر المعرفة بهذه الثروة التي تساوى فيها البشر، والتي يعتبر من أهم انتاجاتها اكتشاف الشروط والسياسات التي تحقق المبدأ الاقتصادي البسيط: أفضل النتائج بأقل التكاليف، التكاليف المادية والمعنوية والزمنية. وأصبح من الممكن تصنيف الدول والحكومات والإدارات والجماعات والأفراد بين ثلاثة زمر: زمرة لا تستطيع، بسبب من تخلفها المصرفي، الإجابة على السؤال الاقتصادي البسيط أعلاه في مواجهة كل مهمة صغيرة أو كبيرة تواجهها، وزمرة تستطيع الإجابة الصحيحة عن السؤال وتعمل على هديها، وزمرة تعرف الإجابة الصحيحة وتعمل بعكس ما يتقضيه الحال منها، وهذه الزمرة خارجة على المألوف، خارقة لطبيعة الأمور، وببساطة هي زمرة خائنة، إذ أنها ليست ممن يجتهد بحسن نية فيخطئ، فله أجر، كالزمرة الأولى، وليست ممن يجتهد فيصيب فله أجران، كالزمرة الثانية، وإنما يعي ويعمل بعكس العلم والمنطق وبخلاف المصالح العامة للدولة والشعب، وأجره في كتاب محفوظ، خارج الحدود، ولن يأخذ منه شيئاً غير الخزي في الدنيا والآخرة، عندما إلى بارئه يعود!
* * *

تحيا سوريا!

الحرية لسوريا و السوريين

I'm going to buy this place and start a fire
Stand here until I fill all your heart's desires
Because I'm going to buy this place and see it burn
Do back the things it did to you in return

آخر تعديل krimbow يوم 11/07/2006 في 20:37.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06718 seconds with 11 queries