عرض مشاركة واحدة
قديم 02/10/2006   #39
صبيّة و ست الصبايا maro18
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ maro18
maro18 is offline
 
نورنا ب:
Aug 2005
المطرح:
فى عينيك عنوانى
مشاركات:
2,017

افتراضي


إنذار


اربطوا الأحزمة على المقاعد.

هذه العبارة التي تظهر بالنور الأحمر في كل طائرة كلما بدأت في الهبوط أو الارتفاع منذرة بأن تغييرا خطيرا يقع.. أشعر الآن بأن مثل هذه العبارة تظهر في عربة الحضارة التي نركبها جميعا نحن الجنس البشري في هذا الزمان منذرة بالهبوط إلى مرحلة أسفل..

أسمع هذا النذير.. بأننا يجب أن نربط الأحزمة على المقاعد.. ليس لأننا نرتفع.. و إنما لأننا نهبط.. و نهبط.. و نتدهور.

المذابح في فيتنام.. القتل الجماعي في نيجيريا.. أنهار الدم في أنجولا.. قتال العراق و إيران و حرق اللاجئين في الأردن.. الحرب الأهلية في لبنان.. تفجير القنابل الهيدروجينية تحت الأرض و تحت البحر.. و إطلاق صواريخ مدارية تحمل الموت في أحزمة حول الأرض.

في الشرق و الغرب يخرج الوحش البشري مخالبه و يلوح بأنيابه.. لم يعد يستحي و لم يعد يخجل.. لم يعد يلجأ إلى أسلوب الديبلوماسي المهذب الذي يتكلم باسم الحرية و الديموقراطية و تحرير الشعوب من الاستغلال و الاستعباد..

لم يعد يرفع راية السلام و يردد الشعارات النظرية البراقة و يسوق المنطق الفلسفي المحكم.. و إنما كشف النقاب فجأة عن حقيقته.. فإذا بنا أمام دول كبرى تريد أن تسود.. و قوى تتصارع على السلطة لا غير..

المعسكر الشيوعي خرج منه عملاقان يبادلان بعضهما العداوة أكثر مما يبادلان عدوهما المشترك الرأسمالية.. مناقضين بذلك منطوق الشيوعية ذاتها و كأنه مجرد حبر على ورق.. لم يعد التاريخ يحركه صراع الطبقات، فها هنا معسكران هائلان.. بروليتاريا.. و بروليتاريا و كلاهما يتصارعان.

و الرأسمالية بدورها بدأت تمارس علنا أبشع جريمة في التاريخ على أرض فيتنام و الصهيونية كشفت عن وجهها في لبنان.. و الشيوعية في أفغانستان.

و الأساطيل راحت تذرع البحار تستعرض عضلاتها.

و الطائرات انطلقت تزمجر في الجو و تتنافس في بث الرعب.

و الأقمار الصناعية راحت تتسابق في التجسس.

و الصواريخ.. كل صاروخ يقول للآخر.. أنا أطول منك مدى.

القوة.. القوة.. القوة..

الحضارة المادية انتهت إلى تسخير العلم لصناعة القوة.. لابتكار وسائل الموت.. المجاعة و نقص التغذية و الفاقة تفترس قارات.. و الملايين ترصد للسلاح.. و فائض القمح يلقى في البحر ليرتفع سعره.

لقد أفلست الحضارة المادية. و إن أعلن إفلاسها.. و أشعر بأن عربة الحضارة تهبط بنا إلى أسفل و أسفل و أسفل..

و إن علينا أن نربط الأحزمة على المقاعد استعدادا للخطر الماحق.

و علينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة و نكف عن ترويج الأكاذيب و نكف عن التشدق بحريات لا وجود لها.

فقد عادت عصور المرتزقة و الإنكشارية.

و هناك ألوف يقبضون مرتباتهم لأنهم يقتلون تحت أي راية.

و الجاسوسية تحولت إلى فن.. (( كيف تكون جاسوسا مزدوجا )) تتجسس لأمتك و ضدها و تعمل بذمتين و لحساب من يدفع أكثر.

و المذاهب تحولت إلى ذرائع للسلطة و للاستهلاك الصحفي و تبرير تحكم الأقوياء في الضعفاء، و ظلم الأقوياء للضعفاء، و استبداد الأقوياء بالضعفاء..؟

و هذا إعلان إفلاس حقيقي.

لقد عجزت الفلسفة المادية أن تصنع إنسانا و إن كانت قد صنعت قنبلة، و نحن ماضون إلى سقوط محقق إن لم نبادر إلى تغيير دفة المركبة الحضارية كلها في اتجاه آخر. هذه المرة ليس نحو فلسفة مادية.. و لكن نحو فلسفة تعترف للإنسان بروح و ذات خلقها الله حرة جديرة بالخلود.


العودة إلى فلسفة روحية تأخذ من العلم كل ما يعطيه و تضيف عليه من خصبها.

و من أين تخرج مثل هذه الفلسفة إلا من الشرق!!

فهل يعود الإلهام فينبع مرة أخرى و هل تشرق شمس جديدة و هل يسود السلام و الإسلام أم أننا نهبط إلى هوة النهاية؟.

ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك
فتحسس رأسك!
اذا كان احد قد اعترض طريقنا فمن المحتمل ان نكون نحن قد اعترضنا طريق شخص ما.
فأنا التى اخترت منذ البداية ان اخسر العالم كله على أمل ان اربح نفسى.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04720 seconds with 11 queries