عرض مشاركة واحدة
قديم 04/10/2007   #13
صبيّة و ست الصبايا The morning
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ The morning
The morning is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Chicago
مشاركات:
7,423

افتراضي


حـكايه قـديمه ..

كان يا ما كان في حاضر وقديم الزمان، كانت تعيش بلدة صغيرة حلوة في أحدِ سفوح الجبال أو في أحد السهول الواسعة الغنية بخيراتها، وكان جميع أهل البلدة متحابون طيبون، يحترم الصغير فيهم الكبير – وطبعاً – يعطف الكبير فيهم على الصغير. كما أن الأغنياء منهم ينظرون بعين المحبة والإيثار، إلى الفقراء منهم، فما يقدِّمونه لهم بيمناهم من أعمال خير لا تعلم به يسارهم..
وكان الفقراء بالمقابل، أناس قانعون بما يملكون، راضون بقسمتهم في الحياة، وليس للجشع "مطرح" في أرواحهم. أما البصَّاصون والعسس، فكانوا لا يبرحون أماكنهم خوفاً على أمن البلاد والعباد، وضماناً لراحتهم. وتجار البلدة، تعجز الكلمات عن إعطائهم حقهم لما يتمتعون به من صدق الكلمة، وجودة البضائع وقناعة بالربح البسيط، وذلك لعلمهم وإدراكهم أن أهل البلدة ما هم إلا أهلهم، وأولادهم ما هم إلا أولادهم. أما الصنَّاع والحرفيون وأصحاب الكارات، فكان لشرف المهنة القول الفصل، حيث إن الجودة العالية والأسعار المنخفضة، والأمانة والاستقامة، هي الشعار المقدَّس الذي لا خروج عنه ولا بديل. أما معلم المدرسة، فله من الإجلال والاحترام القدرُ الكبير، لما يقدِّمه لأولاد البلدة من مفيد المعلومة، ورفعة الأخلاق، وصدق التعامل، فهو أنموذج يقتدي به الكبير قبل الصغير. حتى بيوت هذه البلدة، هي بيوت لطيفة بتصاميمها بسيطة جميلة غير متكلفة، وقد وزَّعت أصص الورود على أسطحتها وشرفاتها برفيع الذوق والأناقة. ولن ننسى هذه الشوارع الصغيرة والزواريب الضيقة الحلوة، التي تفوح منها رائحة النظافة والترتيب، والناس يسيرون فيها باسمين لبعضهم البعض بكل صفاء ومحبة، تسمع همهمات من هنا وضحكات ناعمة من هناك لأناس يقفون أمام المحال يتجاذبون أطراف الحديث بهدوء واحترام. لن أبالغ إذا قلت بأنه حتى حيواناتهم وماشيتهم وقططهم وكلابهم وحميرهم وبقرهم وغنمهم، هي حيوانات أليفة لطيفة نظيفة، لما تلاقيه من عناية ورأفة من قبل أهل البلدة وأطفالهم. لن أستفيض أكثر من ذلك، عما تحتويه هذه البلدة من أسباب العيش الهانئ وطيب المقام.
لكن الشيء الوحيد الذي لوَّث هذا الصفاء والتناسق والجمال، هو أحد الرعيان الذين يسوقون الغنم والماعز من طلوع الشمس حتى غيابها ـ أظن أنكم تعرفون حكايته ـ كان يرعى الخراف والماعز ويعزف على شبابته، وأحياناً ينظم الشعر المحكي، ويغنيه لماشيته ليسليها، وليفتح قابليَّتها بتناول العشب النضر المنشور عند أطراف البلدة، كما أنه بغنائه هذا يمكن أن يردَّ عنها الضواري والذئاب.
وفي يوم من الأيام، لم تدر البشرية حتى الآن لماذا – انضرب على قلبو- وأوقع الدنيا في حيرةٍ لا مثيل لها، عندما أحبَّ أن يتسلى أكثر، فقرَّر أن يبعد الضجر عنه، وبدأ بالصراخ جهة البلدة وأهلها مستغيثاً طالباً النجدة، لأن الذئب قد هاجمه وبدأ يفتك بالقطيع – تعرفون الحكاية- وعندما سمع أهل البلدة صراخه، حمل كلُّ واحد منهم، نساء ورجالاً وأطفالاً، ما استطاع حمله، من فأس وعصا وحجر، وهرولوا باتجاهه صارخين زاعقين مغيثين، ليقضوا على الذئب الغدار...
وعندما وصلوا إليه وجدوه يجلس بجانب صخرة، أو تحت شجرة- لم أعد أذكر- وكان يضحك ويقهقه ملء شدقيه، ساخراً من أهل البلدة ومن سذاجتهم...
فسألوه: لماذا كذبت علينا؟ فأجابهم ساخراً –وأعتقد أنه لم يجبهم بشيء- وظلَّ يضحك منهم. زعل الناس وطلبوا منه عدم تكرارها وعدم الكذب عليهم، وعادوا إلى منازلهم وإلى حياتهم الوردية. وفي اليوم التالي، وبينما كان القطيع يرعى الأعشاب النضرة الخضراء، والراعي يعزف على شبّابته، قفزت اللعبة الشيطانية إلى رأسه مرة أخرى، فوقف على صخرة أو شجرة – لم أعد أذكر- وبدأ بالصراخ والعويل: يا أهل النخوة لقد هاجمني الذئب، يا أهل الحميَّة سيأكلني الذئب...
حمل الجميع عدَّتهم وهرولوا راكضين باتجاهه حتى وصلوا إليه منهكين متعبين، فوجدوه ممدَّداً بقرب صخرة أو تحت شجرة – لم أعد أذكر- وهو يقهقه ضاحكاً ساخراً منهم. فسألوه معاتبين: لماذا كذبت علينا؟ فأجابهم ساخراً- وأعتقد أنه لم يجبهم بشيء- وظلَّ يضحك منهم. وهكذا ظلَّ الراعي يفعلها، في اليوم الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن، والألف والمليون.
كان يصرخ مستغيثاً وطالباً العون من أهل البلدة بأن ينقذوه من الذئب الغدَّار، وعندما يصل الناس إليه يجدونه منبطحاً بجانب صخرة، أو تحت شجرة- لم أعد أذكر- وهو يضحك منهم ساخراً. حتى الآن لم يأكل الذئب هذا الراعي الكذاب، وبقي الناس يلبُّون طلبه ودعواته لهم، ولكن هذه الدعوات والمناجاة، أخذت أشكالاً مختلفة وطرقاً أخرى. فقد طوَّر هذا الراعي أدواته ولم تعد بالصراخ والغناء والشبابة فقط، بل وصلت عبر الفضائيات والأرضيات والإذاعات، ولافتات القماش الملوَّن، والصور الباسمة المعلقة في كل زوايا الشوارع والحواري، وعبر الخيم والقهوة المرة والجُعالات والهدايا والتقدمات.
بــسام كـوسا

من يومها صار القمر أكبر :)

______

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04905 seconds with 11 queries