عرض مشاركة واحدة
قديم 28/09/2007   #3
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


لم أبدأ بمعرفته مبكرا ، كنت على وشك أن أتخطى عتبة الجامعة حين اهتز قلبي واقعا بين قدمي ، لمروره بقربي تاركا رائحة عطر خفيف سكنت خلايا أنفي .
حين دخلت قاعة المحاضرات رأيته يجلس أمامي محتضنا غموضه وحفنة ياسمين ، تجاهلت ابتسامته المغرية بحوار ثقافي حار ..
وأنا أنحدر باتجاه كلية الهندسة ، صدمتني نظراته ، فتكسرت ضلوع الروح ، وغادرني تحفظي ، انهلت بالشتائم على الساعة التي تعثرت فيها بدرجات الكلية المهشمة ، فوقعت كتبي بين يديه .
ضمتنا صالة معاوية ذات ليلة ، كان المسرح يضجّ بالحركة والحماس ، يتدفق حارّا متوهجا ، وهو بجانبي كتلة لا مبالاة مستفزة .
كنّا نلهث وراء سطر شعري في أمسية دافئة ، نزار يتألق قمرا على شرفة ، وهو يحتضن سواده وينزوي داخلي بهمس مبهم ! انخلع كعب حذائي ، وعدت إلى البيت عرجاء الروح وهو غارق في ضحك مستهزئ .
حين دخلت ا لفصول الماطرة ، تلبست رغباته جلدي رداء من نار الرعشة والتوق ، دخلت أفقا غريبا ، اقتحمتني أناشيد فجر يتسول دموعي وألقي ، عندما فكرت ذات لحظة أن أمتطي مراكبه مبتعدة إلى جزيرة نائية يرتجف شذاها ، فتمطر صحوا ، قلت : هنا نهاية مطافي .
بعد بعده الأخير ، نظر إلي ّ ، قلب شفتيه : لقد انتهت صلاحيتها . ! ابتعد ، فازددت التصاقا بترابه .
تجسد أمامي بعريه ، غامت الرؤية أمام عيني ّ فلجأت إلى معطفه البارد أستثير دفئه ..
لم أكن بحاجة لفكر يخرجني من لحظة البوح الأبدية ، لم أكن بحاجة لإنارة داخلي ، هناك حيث الوجع يقيم محتلا أنفاسي ، هناك حيث الوجع يرتعش على مخدتي ، هناك حيث كان واحدا فصار ألفا ، غامضا ، متقلبا ، متلونا كحرباء !
أتهجأ حروفه من جديد .. .. تضحك عيناه رامقة ً ذعري من عاصفة قادمة...... تتدحرج صلابتي وتستقرّ عند قدميه .
مذ كنا على عتبة أول حرف ، حذرتني نظراته : ( إياكِ والتوغل في حزني )
عشقت ذلك الحزن وظننته الرابط بين وحدتي وحصاره ، لكنه انكمش مبتعدا عن وهجي !
قبل أن أتجاوز الثلاثين ، كنت أنظر إليه كتموز عائد من دورة الأبدية ، بعد أن أحبّ زميلتي .. صرت أركض وراء سرابه في الرجال الذين أعرفهم ، ولا أقبض إلا على الوهم ..!
حتى حين التقيتك أيها الوهم الأكبر في حياتي ، وقبضت على مائك بأصابعي ، هزّني شيء عنيف ساخرا :
ـ لن تستطيعي أن تعشقي شخصا غيري ...
في مواجهة عنيفة مع الريح ، كشفت صدري لاجتياحها ، وتخليت عن مراوحتي في زمنه المر ، وتجاوزت نفسي بقرار لا عودة فيه ،(( سأتزوج )) .
حين رأيت الزهور تملأ الصالة وأنت بجانبي ، انهار تماسكي ، وصرخت الشرايين (( لن تعشقي غيره )). يشبك الياسمين عقدا ً حول عنقي ، يشبك أصابعه قيدا ً حول معصمي ، تشبك رغباته القلب وتعصره بقسوة .
في محاولة للالتفاف على مشاعري ، هادنت زمني ، ورضيت لجسدي دورا غبيا ، أصبحت خطيبة شخص ، وعشيقة آخر .
أنت تسير معي في الطريق ، تحتضن يدي في المساءات الدافئة ، ترافقني إلى المسرح ، ودور السينما ، تتناول الغداء معي ، وتمضي ..
الآخر يحتلني في الحلم ، يجردني من مشاعر الهزيمة والانكسار ، ينبش أنوثتي ، ويقدمني عارية من شكلي الاجتماعي على طبق رغباته ..
تلهث لتحقيق ما أريد ، تسند بيدك ضعفي ، والآخر يضحك مقهقها : (( أنا أريدك ، أنت عشبي ونداي ، وأرقي الطويل ، آه كم أريدك ! )) أنت تلازم صحوي ..الآخر يعيدني إلى حيث بدأت معه ألف باء الحب ، بنظرة غامضة على حدود العشرينات من العمر .
ترسم المستقبل ، تخطط شكل البيت والنوافذ ، والأثاث .. والآخر يرسم جسدي شهيا على قماش ذكرياته ، يبدع في إبراز مفاتنه ، يتقن وضع الابتسامة على وجهي ، يفجر برودي حمما ، وينقضّ ممزقا اللوحة ..!
أنت لم تقتحم حواسي كبركان ، لم تصدمني عيناك بالرغبة ، لم تنسف توازني بكلمة ، كنت واضحا كشمس فجة في يوم قائظ :
ـ أنا أريد الارتباط بك لأننا نناسب بعضنا .. أنت لن تجدي مثلي وأنا لن أجد مثلك .
الآخر ، انسلّ تحت خيمة العتمة وبوح المطر ، أعلن اتحاده بألقي ، فتح مسامات الجلد بلمسات خبيرة ، أيقظ توهجي ، سكب كلماته شلال فل على شرفات روحي ، ولم ينتظر ردّا ، كان يسير بي إلى الهاوية واثقا أني وراءه كظله ، ألازمه على رصيف نزواته ، يقرأ فأصمت ، يتحدث فأسمع ، يرغب فألبي ، يسير فأتبعه ظلا مرتعشا خائفا .
طلبت مني تحديد موعد الزفاف !
الآخر نظر إليّ من زاوية الحلم (( تتزوجين خيال مآتة ! أنت تريدين رجلا يفجر أنوثتك ، رجلا يوقظ فيك الحلم ، ويطرح الرغبة أسماكا في شباكك الغائصة في عمق البحر ، تتزوجين ! ))
السخرية تغوص رمحا باردا في أحشائي ، يهزني ، أتساقط رغبة ً ، جنونا ً ، حنينا ً ، أتهاوى صراخا ً :
ـ لا .. لا أريد ، لن أتزوج .
تتجمد للحظات ، تنبس بفتور :
ـ كيف ؟ !! لكني أحبك .
الآخر يبتسم بشماتة ٍ مبرزا نصره بنظرة تخدر دماغي وتدخلني في الغيبوبة !
أخلع حذائي ، أسير إليه حافية ، على مذبح رغباته أقف ذاهلة صامتة .. تفاجئني ابتسامة زميلتي الشامتة :
ـ ألا تعرفين أنه تزوجني ؟
أنت تلقفت عودتي إليك بحزن :
ـ هل أنا لعبة بين يديك تحطمينها وقت تشائين ، و تحاولين لصق أجزائها المتناثرة حين تحتاجينها ..
دموع حيرتي جعلتك تتراجع ، مسحتها ظنا ً منك أنها دموع استغفار وندم ! وعدت إلي ّ .
حين قررت الذهاب إلى المحكمة لتثبيت الزواج ، اقتحم الآخر مسائي غاضبا (( استطعت نسياني!!!! هكذا تقولين وداعا ؟ وهل يقول الإنسان وداعا لياسمين روحه ؟ )) تراجعت منكمشة على نفسي ، امتزجت بعشبه ، تمرغت بترابه ، شممت بعمق عطر شرفاته الغارقة بالياسمين ، واستسلمت لذراعي الحلم .
في الصباح كلمتك هاتفيا :
ـ لقد قررت السفر ،.. أريد اختبار عواطفي بعيداً عنك .!
طريق المطار الطويل أشعرني بلذة الوصول إلى النهاية ، القاعة الغاصّة بالمسافرين والعائدين تختصر الكلام بضجيج غير مفهوم .. ينظر الموظف المسؤول إلى وجهي بشك :
ـ جوازك ؟
تنطق شفتاي بحياد :
ـ نعم
تدقق نظراته فيه متمتما ، الاسم والشهرة تاريخ ومكان الولادة ، المهنة ! يرفع رأسه محدقا في وجهي :
ـ تعملين في الحكومة ؟
بضيق نفثت اختناقي حروفا متكسرة :
ـ لا
أتناول الجواز ، يستقرّ على البلاط الناعم بعيدا عن يدي المرتعشة . أمسح غبار الروح عنه تطالعني صورتي التي التقطت منذ سنوات ، أفهم نظرات الموظف ، أبتسم لنفسي بمرارة ، وأنا أحاول إغلاقه تلسعني جمرة التواريخ والأمكنة بقوة ، الولادة ، المهنة ،الإقامة ، كلّ ما في جواز سفري من معلومات باردة حيادية ، تغسلني بمياه الصحو الباردة ، ويصفعني السؤال :
ـ ماذا تريدين من الزمن بعد وأنتِ على أعتاب الأربعين ؟
بأصابع أحرقتها الحقائق فتحت جوازي ثانية ، دققت فيه بحثا عن تاريخ الحب ! الجواز الأصم بصق بروده في وجهي ، لا وجود لهذا المسمى الغريب الذي تبحثين عنه !
حين أوشكت الطائرة على الإقلاع ..
رميت جواز السفر ، ودموعي ، وارتعاشي ، وأحلامي في قاع الحقيبة المظلم ، أغلقتها بحياد ، وخرجت مع العائدين ، تنفست هواء المطار البارد بعمق ، ملأت رئتي ، وسرت باتجاه السيارة



انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05754 seconds with 11 queries