عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2008   #11
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


النتيجة الرابعة:
إننا يجب أن نفرق بين الهروب والمواجهة، وبين النكوص والإقدام، وبين المظهرية والجوهر، فالمجتمع لن يتغير والمسلمون لن يتقدموا بمجرد إطالة اللحية و حلق الشارب، والإسلام لن يتحدى العصر بإمكانيات التقدم بمجرد أن يلبس شبابنا الزي الباكستاني، ومصر لن يتألق وجهها الإسلامي الحضاري بمجرد أن يتنادى الشباب بغير أسمائهم فيدعو الواحد منهم الآخر باسم (خزعل) ويرد عليه الآخر التحية بأحسن منها فيدعوه (عنبسة).


واللحاق بركب التقدم العلمي لن يحدث بمجرد استخدام السواك بديلاً عن فرشاة الأسنان أو تكحيل العينين أو استعمال اليد في الطعام أو الاهتمام بالقضايا التافهة مثل نظرية (حبس الظل) في شأن التماثيل أو الصور أو إضاعة الوقت في الخلاف حول طريقة دخول المرحاض وهل تكون بالقدم اليمنى أم اليسرى، وميقات ظهور المهدى المنتظر، ومكان ظهور المسيخ الدجال، فكل هذه قشور، والغريب أنها تشغل أذهان الشباب وبعض الدعاة بأكثر مما يشغلهم جوهر الدين وحقيقته.

وهو جوهر لا يتناقض مع التقدم بحال، وهي حقيقة لا تتوقف أمام هذه الأمور الصغيرة، ولعلي أعترف لك أيها القارئ أنني حزين أشد الحزن، ومكلوم حقيقة لا مجازاً، وأنا أشهد شبابنا وقد امتلأ رأسه بهذه الأمور التافهة، وأشهد قادته من أصحاب الطموح، ومدعى إحياء الإسلام، وهم يرسخون فيه هذه الأسس، بل ويتجاوزون ذلك إلى دعوته لترك العلوم (الوضعية) أو الأعمال (العلمانية) والتفرغ للعبادة.

هل هذا هو وجه الإسلام الحقيقي، وهل هذا هو ما سنواجه به القرن الحادي والعشرين، وهل هؤلاء الذين يسيئون قيادة أنفسهم وأتباعهم هم الصالحون لقيادة المجتمع، وهل أقبل منهم أو تقبل منهم دعوتهم للدولة الدينية وهم لا يتمسكون من الدين إلا بالقشور، ولا يعرفون من العقيدة إلا مظهرها الذي لا أصل له في كتاب الله، ولا سند له إلا التأسي بالرسول في مسايرته لعصر غير عصرنا، ولمجتمع يختلف جملة وتفصيلاً عن المجتمع الذي نعيشه، وليتهم تأسوا به وهو يدعو للرحمة، ويستنكر قتل المسلم للمسلم، ويدعو لطلب العلم ولو في الصين، ويستنكر اعتزال العمل للعبادة، ويعدل في قسمته بين الدين والدنيا، ويعلن حكمته الخالدة للأجيال التالية له، ومضمونها أنهم أعلم بشئون دنياهم.

هؤلاء قوم كرهوا المجتمع فحق للمجتمع أن يبادلهم كرهاً بكره، ولفظوه فحق له أن يلفظهم، وأدانوه بالجاهلية فحق له أن يدينهم بالتعصب وانغلاق الذهن، وخرجوا عليه فحق له أن يعاملهم بما اختاروه لأنفسهم، معاملة الخارجين على الشريعة والقانون، ووضعوا أنفسهم في موضع الأوصياء على الجميع، وهم أولى الناس بأن يعاملوا معاملة المحجور عليهم، وهم من قبل ومن بعد، أساءوا للإسلام ذاته حين ادعوا عليه ما ليس فيه وأظهروا منه ما ينفر القلوب، وأعلنوا باسمه ما يسئ إليه، وأدانوه بالتعصب وهو دين السماحة، واتهموه بالجمود وهو دين التطور، ووصموه بالانغلاق وهو دين التفتح على العلم و العالم، وعكسوا من أمراضهم النفسية عليه ما يرفضه كدين، وما نرفضه كمسلمين.

هو الهروب لأنه أسهل من المواجهة، وهو النكوص لأنه أهون من الإقدام، وهي المظهرية لأنها أيسر من إدراك الجوهر، وهم في مزايدتهم على المظاهر يغالون في المطالبة بالشريعة، وهي مطالبة تتسق مع ما درجوا عليه واتسق تفكيرهم معه، فتطبيق الشريعة في مجتمعنا الحالي، على ما تركه السلف دون اجتهاد ومراجعة، إنما تمثل مظهراً لا غناء فيه، وظاهراً من الأمر لا جوهر له، ومجرد إطار شكلي لا مضمون داخله، أما الجوهر والإطار والمضمون فهو ما أشرت إليه من قواعد تنظم المجتمع على أساس لا تتناقض مع جوهر الدين في شئ، ولا تصطدم مع معطيات العصر في إطارها العام، وهو مطلب بالنسبة لهم عسير، فهم مطالبون أولاً أن يروا العصر على حقيقته قبل أن ينظروا له، وأن يعيشوه قبل أن يبرمجوه، وأن يتفاعلوا معه قبل أن يخططوا مستقبله، وهم في النهاية سحابة صيف لا أشك أنها إلى زوال، وغيم داكن لا أحسب إلا أنه إلى انقشاع .

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04703 seconds with 11 queries