عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #6
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


وكانت هناك قبائل من العرب، غير التي ارتدت، لم تقبل ببيعة أبي بكر، فمنعوا عنه الزكاة عن طريق الاحتجاج على خلافته، فقال أبو بكر: " لو منعوني عقالاً مما أعطوا رسول الله لقاتلتهم عليه ". فقال له القوم: " لا نقاتلهم قتال الكفرة "، لكنه أرسل جيشه لحربهم، وتقاتل المسلمون فيما بينهم رغم أن الحديث يقول: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار ". وكذلك الحديث: " كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ". فهزمهم وأخذ منهم السبايا والأموال، والأسرى الذين ظلوا في الحبس حتى جاء عمر بن الخطاب إلى الخلافة فرد السبايا والأموال وأطلق سراح المحبوسين [6]
ويظهر من هذا العرض أن دولة الإسلام لم تبدأ بدايةً موفقةً، فقد خالفت القرآن والسنة في أمرين مهمين: الأمر الأول هو الشورى، فلم يكن اختيار أبي بكر شورى بالمعنى المفهوم، إذ بايعه رجل واحد في مجلس صغير في سقيفة بني ساعدة، ولم تطل الشورى بقية القبائل المسلمة التي تدخل تحت حكم الخليفة. والأمر الثاني هو قتال المسلمين بعضهم البعض لأن بعض القبائل امتنعت عن دفع الجزية، فحاربهم أبو بكر وأخذ نساءهم سبايا، وهو منهي عنه.
وربما يكون هناك أمر ثالث خالف القرآن، ألا وهو حرب المرتدين وإدخالهم عنوة في الإسلام بعد أن تركوه، والقرآن يقول:
" لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي "[7].
وكذلك يقول: " أفانت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" [8].
وأيضاً: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فيكفر "[9].
ومع أن هناك بعض المفسرين الذين يقولون إن هذه الآيات المذكورة قد نُسخت بآية السيف، فهناك من العلماء من يقول إنها غير منسوخة. وهناك كذلك:
" ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافرٌ فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "[10].
وكذلك: " وما محمد إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسلُ أفإن مات أو قُتلَ انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين"[11].
فليس في هذه الآيات ما يخوّل لأبي بكر حرب المرتدين. فالقرآن قال إذا ارتدوا فلن يضروا الله بشئ. ويبدو أن أبا بكر قد اعتمد على حديث يقول: " من بدل دينه وفارق الجماعة فاقتلوه ". وبذا يكون أبو بكر قد خالف القرآن وسنّ سنةً يعاني منها الإسلام حتى يومنا هذا، لاعتماده على حديث يخالف صريح القرآن.
ولم تدم خلافة أبي بكر طويلاً، ومرض بعد سنتين من توليه الخلافة فعهد بها إلى عمر بن الخطاب، وكان قد استشار فيه عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف. وجاء أبو بكر للمسجد وسأل المصلين: هل ترضون بمن استخلف عليكم؟ ولما أجابوا بالإثبات، أخبرهم أنه قد اختار عمر. ويقول ابن عساكر إن علياً وقف في المسجد وقال: لا نرضى إلا أن يكون عمر. فقال أبو بكر: هو عمر فاسمعوا له وأطيعوا. ولما مات أبو بكر تولى عمر الخلافة وتولى عليّ بن أبي طالب القضاء، وتزوج عمر أم كلثوم، بنت عليّ بن أبي طالب، وحفيدة الرسول من بنته فاطمة الزهراء. ومع أن عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب لا يتطرق الشك إلى نزاهتهما، فإن مثل هذا الزواج يفتح الباب لغيرهم إلى تضارب المصالح " Conflict of interest "
والذي حدث في اختيار عمر بن الخطاب ليس شورى، مهما حاولنا جعلها كذلك. فأبو بكر قد استشار رجلين فقط، وحتى لو قال عليّ بن أبي طالب : لن نرضى إلا أن يكوم عمر، فهو كان يمثل نفسه فقط، وليس بالضرورة أن يكون رأي بقية المسلمين موافقاً لرأيه. ماذا عن بقية المسلمين في مكة واليمن والشام وغيرها، فهؤلاء لم يستشرهم أحد. وقد أجاز علماء المسلمين الطريقة الجديدة لاختيار الخليفة- وهي جواز انعقاد الخلافة بعهد من الخليفة السابق. ويعني هذا نهاية الشورى قبل أن تحط جذورها بالمجتمع الإسلامي الجديد، فأصبح اختيار الخليفة الجديد بتوصية من الخليفة السابق.
ولما طعن أبو لؤلؤة الخليفة عمر، جمع عمر ستةً من الصحابة: عليّ بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله، وأمرهم أن يجتمعوا بعد وفاته ليختاروا الخليفة من بينهم، وحدد لهم مهلة ثلاثة أيام لاختياره، وعيّن المقداد بن الأسود حاجباً لهم، وقال له: " إن أجمع خمسة على رجل منهم وأبى الآخر فاضرب عنقه. وإن أجمع ثلاثةٌ على واحد، وثلاثة على واحدٍ آخر، فليكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف. "[12] فعمر ما كان يعلم في تلك الأيام أن الديمقراطية لا تكون دائماً بالإجماع، ويمكن أن تكون بالأغلبية، ولا داعي لقتل المعارضين.
ولما سمع عليّ هذا الكلام ساورته الشكوك في طريقة الاختيار هذه إذ أن سعد بن أبي وقاص ابن عم عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان زوج أخته، ويمكن أن يجتمع الثلاثة ويختاروا الخليفة منهم، وبذا ينتهي دور الثلاثة الآخرين. وقد خمّن عليّ أن عبد الرحمن سوف يختار عثمان بن عفان.
وقبل اتخاذ القرار لقي عمرو بن العاص علياً في ليالي الشورى فقال له: " إن عبد الرحمن بن عوف رجل مجتهد، وانه متى اعطيته العزيمة كان ازهد له فيك، وإن أعطيته الجهد والطاقة، فانه ارغب له فيك ". ثم لقي عثمان فقال له: " إن عبد الرحمن رجل مجتهد وليس والله يبايعك الا بالعزيمة، فاقبل ما يسألك عنه". والمؤامرة واضحة في هذا، فهو يطلب من عليّ أن يُعطي ابن عوف الجهد، لكنه طلب من عثمان أن يعطيه العزيمة.
ووقف عبد الرحمن بن عوف في المسجد وطلب من الحاضرين أن يشيروا عليه، فأشار عليه بنو هاشم بعليّ وتبعهم فريق من المهاجرين فيهم عمار بن ياسر والمقداد بن الأسود، وأشار عليه بنو أمية بعثمان. فدعا عبد الرحمن بن عوف عليّاً أن يقوم إليه فقام اليه فاخذ عبد الرحمن بيده فقال: " هل انت مبايعي علي كتاب الله وسنة نبيه وفعل ابي بكر وعمر؟ " قال عليّ: " اللهم لا، ولكن علي جَهدي من ذلك وطاقتي "، فارسل يده ثم نادى: " قم إليّ يا عثمان "، فاخذ بيده فقال: " هل انت مبايعي علي كتاب الله وسنة نبيه وفعل ابي بكر وعمر؟ " قال: " اللهم نعم "، فرفع عبد الرحمن بن عوف راسه إلى سقف المسجد ثم فال: اللهم اسمع واشهد، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان.[13] فلما بايعوا عثمان خرج عليّ من المسجد وهو يقول: " خدعة، وأيما خدعة ". وكذلك قال: " ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون ".
مرة أخرى لم يطبّق المسلمون " وأمرهم شورى بينهم" في اختيار خليفتهم، ولو كان الأمر شورى، كما يقول القرآن، لطلب ابن عوف من الحاضرين التصويت برفع الأيدي، على عثمان وعليّ، ولطلب من المسلمين في مكة واليمن وغيرها ان يختاروا بين الأثنين. وقد أجاز الفقهاء الطريقة التي تم بها اختيار عثمان كقاعدة أصولية للحكم، وهي أن يعيّن الخليفة عدداً محدوداً من أهل العلم والرأي، فيختارون خليفةً منهم. ولكن طريقة اختيار عثمان هذه كانت مفتوحة لتهمة المحسوبية والفساد لعلاقة عثمان بن عفان بعبد الرحمن بن عوف. وعليّ بن أبي طالب نفسه نوّه بذلك. والذين جلسوا في مجلس الشورى هذا لاختيار الخليفة كانوا ستة رجال، تجاهلوا آراء الآلاف المؤلفة من المسلمين. وقد قال بعض المؤرخين إن عبد الرحمن بن عوف قد طاف بالمدينة يستشير زعماء القوم وقواد الجيش، ولكن حتى إن صح هذا، فالذين استشارهم لا يمثلون إلا جزءاً يسيراً من المسلمين في ذلك الوقت. وواضحٌ من الترشيح في المسجد أن العملية كانت قبلية، فبنو أمية كانوا مع عثمان وبنو هاشم مع عليّ، وكلاهما من قريش. وهكذا همّشوا الأنصار الذين لولاهم لما قامت قائمة الإسلام الذي حاربته قريش بكل جبروتها، ثم صاروا خلفاؤه.
فالفكرة القائلة بتساوي المسلمين- المسلمون سواسية كأسنان المشط- وكذلك الفكرة القائلة بنهاية القبلية – لا قبلية في الإسلام- ما هي إلا حبرٌ على ورق منذ ولادة الفكرة، إذ أن الحديث يقول عن الخلافة: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان "، وأظهرت عملية اختيار عثمان بن عفان للخلافة أن بني أمية لم ينسوا قبليتهم وكذلك لم ينسها بنو هاشم.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04835 seconds with 11 queries