عرض مشاركة واحدة
قديم 08/02/2008   #39
شب و شيخ الشباب خوليو
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ خوليو
خوليو is offline
 
نورنا ب:
Apr 2007
مشاركات:
21

افتراضي


اقتباس:
كيف بدنا نطلب من دولة عالم ثالث يكون فيها معارضة وموالاة .. وحكم ديمقراطي . .وما يكون فيها معتقلين سياسيين ؟
نحن أنبياء لحتى نقفز المراحل اللي ضلت أوروبا تكح فيها سبع قرون ؟

جاوبني.. ازا ممكن .
مرحباً موسيقار ..
سأجيبك على ما أذنتني بالإجابه عليه .. لكن دعني أحدّثك عنّي قليلاً ..
في البدء .. أنا لست مداوماً على نشرات الأخبار .. ولا أتتبّع "السياسة" إلا ما ندر .. ولا أحفظ من أسماء وزرائنا إلا اثنين أو ثلاثة .. ولست أعلم عن أغلب المعارضين أكثر من أسمائهم .. هذا إن علمت أسماءهم ..
بل وأؤمن بمقولة كونفوشيوس : أخلاق الناس تتبع سلوك الحاكم .. كما أعلم أنّ ما أتى به "غرامشي" في قوله (بما معناه) : سلوك المعارضة يتبع لسلوك الحكم .. فإن كان الحكم دكتاتورياً كانت المعارضة مثله ..
أقول أنّي أعلم أنّ هذا القول بديهيّة قديمة قدم "كونفوشيوس" .. وأنّ الفلسفة استفاضت بها حينما تحدّثت عن جدليّة تأثر الفرد بالمجتمع .. وتأثير الفرد بالمجتمع .. وافترضت أنّ "الدولة" هي الناظمة لهذه العلاقة ..
لذا .. لست أجدّ كثيراً في الدفاع عن التهم التي كلتها للمعارضين .. حتّى وإن لم أقتنع بها .. بل إنّي أنأى بنفسي أنّ أتّبع أي تيار من تيّاراتهم .. ولا أشاركهم آراءهم وأعارضهم في أغلبها .. هذا إن علمت ما هي أصلاً .. !!

لكن ألا تجد معي .. أنّك "سفسطت" في الأمر كثيراً .. حتّى جعلتنا لا ندري ماذا نريد وماذا نفعل .. !! .. ولا حتّى ماذا يجب أن نفعل .. !! ولست أنا أدري حتّى .. عن ماذا تدافع وإلى ماذا تدعو .. !! .. لكنني أجد أنّك تهوى أن "تحبطنا" .. وتسفسط لذلك .. !!

ما رأيك أن أسفسط قليلاً أنا أيضاً .. !!

يا سيّدي .. أنا أؤمن أيضاً أنّ علوم التحليل النفسي أيّدت تبعيّة الفرد للمجتمع .. وضيّقت مجال "فردانيّة" الإنسان .. بل إن حيّدت نظري قليلاً عن إله التحليل النفسي "فرويد" .. وتكلّمت عن "يونغ" .. فإنّ يونغ يرى أنّ تاريخ الإنسانيّة "اللاوعي الجمعي" سيظلّ حاكماً للإنسانيّة ما استمرّت .. وأنّ "دينيّة" هذا التاريخ ستلقي بظلالها دوماً في استيهامات الفرد .. فإن كان الفرد لادينياً .. ملحداً .. فهو يمشي على عكس تيّار هذا التاريخ .. وسيكون أكثر عرضة للاختلالات النفسية ..
يحبطني هذا كلّ يوم .. حينما أصلّي لله شاكراً على نعمة "الإلحاد" التي ابتلاني بها ..

هل تودّ أن أحبطك و"نفسي" أكثر !! .. لأبرهن لك "مثلاً" أنّ "الفكر" ما هو إلا ظاهرة ثانويّة أصولها غريزيّة .. وأنّ حياديّة "الفكر" ما هو إلا كذبة نكرّرها أوّل كلّ نيسان .. وما الفكر الفردي إلا تابع "لعقد الفرد" و"تصعيداته" الجنسية .. !! .. وأنني وإلحادي تابع لجمله سببيّة و"جبريّة" قادتني لهنا دون أن أملك أي فردانيّة .. !!

وأنّ الإنسانية ستتبع مهما حييت تاريخها الأسود .. بل أنّ "الديمقراطيّة" هي بذاتها شكل من أشكال "الاستبداد الكنسي" (وجزء من التاريخ الأسود) وإن أردت الاستدلال فاقرأ عن مصير من يعارض الديقمراطيّة في الغرب .. (أوليست معارضة الديمقراطيّة شكل من أشكال الحريّة .. أوليس تاريخ الفلسفة في أغلبه معارض للديمقراطية) .. !! ..

طيّب .. ما رأيك بهذه النظرة أيضاً .. !!
دائماً وأبداً .. هناك الحاكم والمحكوم .. ودائماً كان الحاكم مستبداً .. والفرد اليوم ما هو إلا "آلة" .. "آلة" بكل معنى الكلمة خاضعة لحاكم "كبيييير" و"مستبد" .. فهل يستطيع "الموظّف الأمريكي" أن يحكّ رأسه اليوم لو كانت لوائح وظيفته لا تبرّر ذلك .. وماذا إن أراد الاستجمام .. إن غاب عن وظيفته فهل سيعيش بعدها ويأكل .. !! .. أوليس "النظام" بصرامته وجموده حاكم مستبدّ جديد للروح البشرية الجانحة .. !! .. كم معدّل المنتحرين في الغرب .. !! .. وكم عدد الناس في الغرب الذين يملكون الحريّة فعلاً في .. في تغيير وقت غدائهم مثلاً .. والخروج عن رتابه يومهم .. كم عدد الناس الذين غدهم مختلف عن يومهم .. !! والذين يشعرون بإنسانيّتهم وأرواحهم الجانحة .. !!
إنسان اليوم .. شبيه جداً بـ"قسّ" القبائل الطوطمية التي ابتدأ بها التاريخ .. كان يملك سلطة شكليّة ويقدّسه الجميع ومميّزاً بثيابه والهالة من حوله .. بل إن "لمسه" من العامّة ممنوع وإن حصل مات "من تجرّأ ولمس" من تلقاء نفسه خوفاً .. لكنّه "القس" لم يكن يجرؤ حتّى أن يقوم عن مقعده وأن يتوقّف عن تأمّله .. لأنّهم يظنّون أنّه إن توقّف لحظة عن التأمّل والتواصل مع "المجال الغيبي" .. اختل التوازن ووقعت بالقبيلة الكارثة .. وقتله "الإثم" ..!!
هذه هي الحريّة الزائفة .. قف .. تستطيع الوقوف .. لكن إن كنت رجلاً فقف .. وغيّر موعد غداءك

ما رأيك بالإحباط .. كيف ترى نفسك الآن حينما تكتشف أنّ حياتك خدعة وأنّك "محكوم" .. "محكوم" .. مهما ادّعيت من حريّة .. وأن نبض المجتمعات "ميت" .. فما هي إلا قطيع يتبع للسياسة والاقتصاد .. وأنّ الإنسان عدم أمام وحش الجماعة .. وأنّ البشريّة مهما تقدّمت لن تتخلّص من "التبعيّة" .. سوى أنّ "المتبوع له" يتلوّن في كلّ عصر .. !!
فإن لم يكن "حاكماً" .. ربّما كان وحشاً أكبر بكثير ..

هل تظنّ مثلاً أنّ "إحباط" الآخر عمليّة صعبة .. بل يا أخي هي عمليّة "علميّة" و"فكريّة" و"منطقيّة" .. فبرهان "عبثيّة" العالم ليست بالأمر الصعب أبداً في أيّ مجال مما ذكرت .. فما بالك ببرهان "العبثيّة" في قطعة صغيرة من العالم يسكنها "فقط" عشرون مليون نسمة ..

أطلت .. وخرجت عن الموضوع .. أليس كذلك .. !!
وربّما "سفسطت" كثيراً .. لكن قل لي أنت أوّلاً .. ماذا تريد .. !! ..
هل تريد أنّ تبرهن لنا أننا نناطح "طواحين الهواء" .. وأنّ "صوفيّة" التأمل .. والتواكل .. والاستسلام .. أبلغ من "محمّديّة" الدعوة .. والهجرة .. والبناء .. !! .. وأنّ "التوكّل" أبلغ وأهمّ من أن "تعقلها" .. !!
لم أفهم فعلاً ماذا تريد .. !!
هل تريدنا أن نتوقّف عن الدعوة إلى "الديمقراطيّة" .. وألا ندين الأعمال التي تعارض هذه الديمقراطيّة !! ونهلهل لاعتقال كلّ معتقل جديد لأنّنا "كما قلت" عالم ثالث ونستحق ذلك .. !!
وأن نموت وندفن معنا أحلامنا وآمالنا .. لأننا بشر نعيش في كتلة كون "عبثي" ..!! ..
أم أنّك "ما تسعى" إلا للتبرئة .. والدفاع .. وتبرير كلّ ما يقع من ظلم .. لدوافع فرديّة ربّما ..
وهل "من يعتقِل" .. عالم "أوّل" .. ونحن "الثالث" .. !!
لا أدري لما أرى العكس .. !!


نعم .. الغرب ناضل ودفع ثمن "ديمقراطيّته" .. اعترفت بذلك ..
لكن هناك ملاحظتين جديرتين بالذكر هنا :
- أوّلاً .. فلاسفة التنوير في الغرب عاشوا الاضطهاد الفكري والمعنوي والمادي .. ليس من قبل سجن "الباستيل" فقط .. بل من قبل المجتمع .. ثانياً .. وكم من فيلسوف تعرّض للنفي والملاحقة من جماعته الدينيّة .. وكم منهم من اضطرّ للانفراد في صومعته ومتابعة عمله بشكل سريّ .. !!
بل إنّهم تحت الضغط الجماهيري "اضطروا" للمجاملة الفكرية أيضاً .. من "المضحك" أنّ "كانط" الذي لم يجد في كلّ فلسفته عن العقل ما يدلّ على وجود الله .. بل إنّها تنفيه عن بكرة أبيه .. اخترع فلسفة خاصّة .. وغريزة خاصّة ليبرهن وجوداً لله تفرح له العامّة وأنّ ذات الفلسفة (غريزة الواجب) استخدمها "فرويد" ليبرهن عدم وجود الله .. في وقت ليس بالبعيد ..
وأنّ موليير بكلّ زندقته الفلسفية والأدبيّة .. كان يدّعي إيماناً كنسياً خاصاً ..
وأنّ "سبينوزا" أبيح دمه .. وأنّ "كوبرنيكوس" صُلب .. !!

هذا إن دلّ إلى شيء .. يدلّ على ما يلي : عالم الفكر متجرّد عن حركة المجتمع والمفكّر لا يتبع للعامّة بل إنّه متجرّد عنهم .. فنحن اليوم حينما نتحدّث عن فلاسفة النهضة نتحدّث عن أناس مشوا عكس التيّار و اضطهدوا وتعذّبوا وعاشوا فقراء .. هذا إن سمع بهم أحد في عصورهم ..
عمليّة بناء الفكر الذي فلسف "للديقمراطيّة" مرّ بقرون طويلة .. وهو ما احتاج كل هذا الزمن وكل هذا التاريخ .. ونحن اليوم حينما نتحدّث عن "الديمقراطيّة" لسنا بحاجة لبناء فكر جديد من نقطة الصفر .. بل الاقتباس والتجديد .. ولسنا بالتالي بحاجة لعصور طويلة من النهضة الفكرية المتجرّدة عن المجتمع .. وأن نبدأ من حيث كان "أفلاطون" لنبني فوقه .. نحن نملك زخماً كبيراً من "الفكر" .. ما ينقصه هو فاعليّته على الأرض ..
أي أنّ تاريخ النهضة الغربية (سبع قرون كما ذكرت) .. هو تاريخ انتاج فكر قبل أن يكون تاريخ تغيير اجتماعي .. ونحن من حقّنا أنّ نتبع أين وصل الفكر في ذروته اليوم .. حتّى لو تمّ هدم هذا الفكر في الغد وقام محلّه فكر جديد ..

- ثانياً .. فاعليّة الفكر في حركة المجتمعات .. تقوم من خلال ابتكار آليّات تسهّل عمليّة تواصل المفكّر بالمجتمع .. وهذه وظيفة "المثقّفين" .. "السياسيّين" .. "الإعلاميين" .. "المنظّمات المدنيّة" .. "كتّاب المسرح والمسلسلات" .. وطبعاً هو أيضاً من وظيفة "الدولة" إن امتلكت هدفاً ورسالة ديمقراطيّة .. وقدّمت تسهيلات أمام عمليّة انتاج الفكر ونشره ..

من قال أنّ عمليّة تهيئة المجتمع للديمقراطيّة لا يتطلّب تغييراً في الثقافة الشعبيّة .. !! ومن قال أنّ ذلك لا يتطلّب وقتاً .. !! .. لكن من قال أنّ الاستبداد لا يخلق استبداداً .. !! .. وأن "الانفتاح" يخلق انفتاحاً .. وأنّ أقصر الطرق للديمقراطيّة هو بإطلاق سراح "المثقّف" و"السياسي" .. من سجن تدمر .. وتركه يعمل على الأرض .. !! .. وهو أيضاً ابتكار آليّات في هيكليّة الدولة تسير باتجاه الديمقراطيّة .. !!

أخلاق الناس تتبع سلوك الحاكم
صدق كونفوشيوس فيما قال



أخيراً .. عبثيّة العالم .. يجب أن لا تمنعنا من أن نجد موطئ قدم لنا به .. بل هي ليست حجّة لتمنعنا عن ذلك ..

هذا أطول ردّ كتبته في حياتي كلّها .. أتمنّى ألا يكون مملاً كما أراه ..
وآسف للإطالة .. فقد مللت من نفسي أنا .. من كثرة ما كتبت ..


خوليو
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05286 seconds with 11 queries