عرض مشاركة واحدة
قديم 03/02/2005   #3
شب و شيخ الشباب mhmary
عضو
 
الصورة الرمزية لـ mhmary
mhmary is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
U.S.A
مشاركات:
999

إرسال خطاب AIM إلى mhmary إرسال خطاب MSN إلى mhmary إرسال خطاب Yahoo إلى mhmary
افتراضي


فيقول الأحدب بصوته المرتعش وهو يثبت اقدامه ويتنفس في قفا ايونا:هيا عجل! أضربها بالسوط! يا لها من قبعة لديك يا أخي! لن تجد في بطرسبرج كلها أسوأ منها.....
فيقهقه ايونا:هذا هو الموجود....
-أسمع أنت أيها الموجود عجل هل تسير هكذا طول الطريق؟ الاتريد صفعة على قفاك؟...
ويقول أحد الطويلين: رأسي يكاد ينفجر شربت بالأمس أنا وفاسكا عند أل دوكماسوف أربع زجاجات كونياك نحن الأثنين
ويقول الطويل الأخر بغضب: لا أدري ما الداعي للكذب ! يكذب كالحيوان
- علي اللعنة ان لم يكن حقيقة.....
-أنها حقيقة مثلما هي حقيقة ان القملة تعسل.
فيضحك ايونا: هىء هىء هىء سادة ظرفاء
فلتخطفك الشياطين! هل ستعجل ايها الوباء العجوز ام لا!
هل هذا سير؟ ناولها بالسوط ! هيا ايها الشيطان! هيا! ناولها جيدا !
ويحس أيونا خلف ظهره بجسد الأحدب المتململ ورعشة صوته ويسمع السبابا الموجه أليه ويرى الناس فيبدأ الشعور بالوحدة ينزاح عن صدره شيئا فشيئا. ويظل الأحدب يسب حتى يغص بسباب منتقى فاحش وينفجر في السعال. ويشرع الطويلان في الحديث عمن تدعى ناديجدا بتروفنا. ويتطلع ايونا نحوهم وينتهز فرصة الصمت فيتطلع نحوهم ثانية ويدمم:

-اصلاً أنا....هذا الأسبوع يعني...أبني مات!
فيتنهد الأحدب وهو يمسح شفتيه بعد السعال:
-كلنا سنموت...هيا عجل عجل يا سادة أنا لا يمكن أن أمضي بهذه الطريقةمتى سيوصلنا؟
-حسنا فلتشجعه قليلا... في قفاه !
- هل سمعت ايها الوباء العجوز؟ سأكسر لك عنقك! التلطف مع جماعتكم معناه السير على الأقدام....هل تسمع ايها الثعبان الشرير؟ أم أنك تبصق على كلماتنا؟
ويسمع أيونا أكثر مما يحس بصوت الصفعة على قفاه.
فيضحك هىءهىءهىء سادة ظرفاء..... ربنا يعطيكم الصحة
ويسأل أحد الطويلين: يا حوذي هل أنت متزوج؟
-أنا هىءهىء.... سادة ظرفاء ! لم يعد لدي الأن ألا زوجة واحدة: الأرض الرطبة القبر يعني! ها هو ابني قد مات وانا أعيش..... حاجة غريبة الموت غلط في الباب..... بدلا من أن يأتيني ذهب الى أبني....
ويتلفت أيونا لكي يروي كيف مات أبنه ولكن الحدب يتنهد بارتياح ويلعن انهم أخيرا والحمد الله وصلو ويحصل أيونا على العشرين كوبيكا ويظل طويلا في أثر العابثين وهم يختفون في ظلام المدخل وها هو وحيد ثانية ومن جديد يشمله السكون.... والوحشة التي هدأت قليلا تعود تطبق على صدره باقوى مما كان وتدور عينا أيونا بقلق وعذاب على الجموع المهرولة على جانبي الشارع: ألن يجد في هذه الألاف واحد يصغي أليه ؟ ولكن الجموع تسرع دون أن تلاحظه أو تلاحظ وحشته وحشة هائلة لا حدود لها لو أن صدر ايونا انفجر وسالت منه الوحشة فربما اغرقت الدنيا كلها ومع ذلك لا أحد يراها.

لقد أستطاعت أن تختبىء في صدفة ضئيلة فلن ترى حتى في وضح النهار.......
يلمح ايونا بوابا يحمل قرطاسا فينوى أن يتحدث أليه ويساله: كم الساعة الأن يا ولدي؟
- التاسعة لماذا تقف هنا أمشي؟
يتحرك عدة أمتار ثم ينحني متقوسا ويستسلم للوحشة.... ويرى أنه لا فائدة بعد من مخاطبة الناس ولكن ما أن تمر بضع دقائق حتى يتعدل وينفض رأسه كأنما أحس بوخزة ألم حادة ويشد اللجام ... لم يعد قادرا على التحمل.

ويقول لنفسه ألى البيت الى البيت
وكأنما فهمت الفرس أفكاره فتبدأ في الركض بخبب وبعد حوالي ساعة ونصف يكون ايونا جالسا بجوار فرن كبير قذر وفوق الفرن وعلى الأرض وعلى الأرائك يتمدد ناس يشخرون والجو مكتوم خانق.... يتطلع أيونا الى النائمين ويحك جلده ويأسف لعودته المبكرة الى البيت
ويقول لنفسه: لم أكسب حتى حق الشعير ولهذا أشعر بالوحشة الرجل الذي يعرف عمله الذي هو نفسه شبعان وفرسه شبعى هو دائما مطمئن البال..
في أحدا الزوايا ينهض حوذي شاب ويزحر بصوت ناعس ويمد يديه الى الدلو.
فيسأله أيونا:
-أردت أن تشرب؟
-كما ترى
-طيب بالهنا والشفا... أما أنا يا اخي فقد مات أبني هل سمعت؟ هذا الأسبوع في المستشفى...... حكاية!
ويتطلع ايونا ليرى اي تأثير تركته كلماته ولكنه لا يرى شيئا فقط تغطى الخوذي الشاب حتى رأسه وغط في النوم ويتنهد العجوز ويحك جلده....فمثلما رغب الحوذي الشاب في الشرب يرغب هو في الحديث عما قريب يمر اسبوع منذ أنا مات ابنه
بينما لم يتمكن حتى الأن من الحديث عن ذلك مع أحد كما يجب.........
ضروري أن يتحدث بوضوح على مهل.... ينبغي أن يروى كيف مرض أبنه وكيف تعذب وماذا قال قبل وفاته وكيف مات
ينبغي أن يصف جنازته وذهابه الى المستشفى ليتسلم ثياب المرحوم وفي القرية بقيت ابنته أنيسيا....ينبغي أن يتحدث عنها ايضا.... وعوما فما أكثر ما يستطيع أن يروي الأن ولا بد أن يتأوه السامع ويتنهد ويرثى.... والأفضل أن يتحدث مع النساء فهؤلاء وأن حمقاوات يعولون من كلمتين.
ويقول ايونا لنفسه :فلأذهب لأتفقد الفرس.....أنا النوم فبعدين سأشبع نوماً
يرتدي الملابس ويذهب الى الأصطبل حيث تقف الفرس ويفكر في الشعير والدريس و الجو فعندما يكون وحده لا يستطيع ان يفكر في أبنه....يستطيع أن يتحدث عنه مع أحد ما أنا أن يفكر فيه ويرسم لنفسه صورته فشيء رهيب لا يطاق....
ويسأل أيونا فرسه عندما يرى عينيها البراقيتين
-تمضغين؟ حسنا أمضغي أمضغي ما دمنا لم نكسب حق الشعير فسنأكل الدريس...نعم أنا كبرت على السياقة كان المفروض أن يسوق أبني لا أنا كان حوذيا أصيلا لو انه فقط عاش......
ويصمت أيونا بعض الوقت ثم يواصل:
-هكذا يا أخي الفرس لم يعد كوزما أيونيتش موجودا... رحل عنا....فجاة خسارة فلنفرض مثلا أن عندك مهرا وأنت أم لهذا المهر...... ولنفرض أن هذا المهر رحل فجأة أليس مؤسفا؟
وتمضغ الفرس وتنصت وتزفر على يدي صاحبها
ويندمج أيونا فيحكي لها كل شيء....................

أبو عضل
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03714 seconds with 11 queries