عرض مشاركة واحدة
قديم 11/08/2008   #1
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي وأذلاه ...يا لتغلب ويا لروسيا!


وأذلاه ... يا لتغلب ويا لروسيا!



توطئة:
بعض المعطيات والأخبار الواردة في هذا المقال عن العرب لا تعدو كونها أساطير وخيالات من وجهة نظري الخاصة، فما نقله لنا التاريخ من أخبار وقصص عن عادات العرب وتقاليدهم، شجاعتهم ومروءتهم، بطولاتهم وكرمهم، لم يكن سوى كلمات ورثتها الأجيال المتعاقبة جيلاً بعد جيل دون التأكد من صدق هذه الرواية أو تلك. ولعل السبب الأهم في هذا الجنوح الديكارتي هو التناقض المهول بين الجذور والفروع وبين السلف والخلف قد بلغ حداً لا يمكن بحال من الأحوال تجاوزه وطرحه من الحسابات التي تحكم التفكير العقلاني المؤصل على قواعد سليمة.

هذا التناقض والتضاد في القيم والعادات والموروث والطباع البشرية بين العرب والعرب يضعنا أمام احتمالين لا ثالث لهما:
- فإما أن تكون تلك القصص والروايات عن كرم وشجاعة ومروءة العرب محض أساطير وخيالات ليس أكثر.
- وأما أن يكون عرب اليوم ليسوا بعرب، فقد يكونوا مجرد عبيد أتى بهم العرب من مختلف أصقاع الأرض إلى هذه المنطقة من العالم، تناسلوا وتكاثروا بالتوازي مع انقراض العرب الحقيقيون. وقد يكونوا مجرد لقطاء.

ونظراً لعدم وجود أدلة تاريخية دامغة تثبت أن سكان هذه المنطقة الممتدة من الأطلسي غرباً حتى الخليج العربي شرقاً هم مجرد لقطاء، فضلت أن أنطلق في مقالي هذا من الاحتمال الأول وأن أتعامل مع قصص وحكايا العرب على أنها محض أساطير وخيالات ليس أكثر.

*********************

يُقال أن هند بنت الحارث أم عمرو بن المنذر ملك الحيرة قد تعمدت استخدام ليلى بنت المهلهل أم عمرو بن كلثوم، فألحت عليها أن تناولها بعض الفواكه، وقد كان ذلك بناء على حيلة ابنها عمرو بن المنذر ليثبت لقومه أن ما من أحدا يأنف أن تخدم أمه أم ملكهم. حينما نفذت هند بنت الحارث حيلة ابنها ما كان من ليلى بنت المهلهل ألا أن تخرج من سرادق النساء وتجهر بصوتها فتقول: (وأذلاه.. يا لتغلب).

سمعها ابنها عمرو بن كلثوم فثار الدم في عروقه وما كان منه إلا أن ينتزع السيف ويضرب عنق مُضيفه عمرو بن المنذر ثأراً لكرامة أمه! ثم خرج لقوم وقال: (يا لتغلب. فانتهبوا ماله وخيله وسبوا النساء ولحقوا بالجزيرة). ثم ينظُم قصيدته الشهيرة ذات الألف بيت والتي يقول فيها:
إذا بلغ الفطام لنا صبي ** تخر له الجبابر ساجدينا

ترى ماذا كان سيفعل الجاهلي عمرو بن كلثوم لو أن ملك الحيرة حاصر بنو تغلب ومنع عنهم الماء والغذاء والدواء لحملهم على الخروج على سيدهم عمرو بن كلثوم؟
أعتقد أن القضاء على العرب العاربة والعرب المستعربة وربما البائدة أيضا سيكون مسألة وقت ليس أكثر، فعمرو بن كلثوم "أبو دم حامي" لن يتوانى عن ضرب أعناق كل العرب رداً على هذه الإهانة.

وماذا لو أن بنو بكر أو بنو قحطان أو غيرهم من القبائل العربية خرج متحدث رسمي باسمهم يهدد ويتوعد بكسر أرجل كل من تسول له نفسه من بنو تغلب بأن يكسر الحصار ويأتي بالغذاء والدواء لجياع قومه؟
لربما أحدث عمرو بن كلثوم طفرة جينية فأصبح البشر جميعاً بدون أرجل بعد أن يكون قد قطع كل أرجل معاصريه رداً على تلك الإهانة!

طيب.. وماذا لو أن بنو تغلب حفروا بعض الأنفاق لكسر الحصار وجلب الغذاء والدواء لجياع قومهم، وعندما نزلوا لتلك الأنفاق تفاجئوا بغازات سامة للحيلولة دون كسر الحصار وعلم أن بنو بكر أو غيرهم قد تكفلوا بتنفيذ هذه المهمة "عربون محبة" مع ملك الحيرة ؟
بالتأكيد لن يستطيع أحد أن يحول دون ضرب شبه الجزيرة العربية كلها بالسلاح النووي والكيماوي والبيولوجي أيضا، فما قام به بنو بكر أو غيرهم يعد في حسابات عمرو بن كلثوم خطيئة لا تغتفر.

كل هذا ونحن نفترض أن العدوان قام به أخوة الدم والتاريخ والمصير المشترك بفعل بعض النزوات والشهوات، ولم نتحدث عن عدوان خارجي قام به الروم أو الفرس فتآمر بنو جلدة عمرو بن كلثوم معه لكسر إرادة بنو تغلب وسيدهم. ولم نفترض أيضا أن عمرو بن كلثوم بصموده وتصديه للعدوان الخارجي إنما يدافع عن مصالح ومصير باقي القبائل العربية التي تآمرت مع موجات الغزو الآتية من الشرق أو الشمال!
هذه الفرضيات لو تحدثنا عنها ربما كانت ستصل بنا إلى مرحلة حرب النجوم وربما توقعنا زوال "درب التبانة" من الوجود بعد سلسلة الردود المزلزلة لعمرو بن كلثوم رداً على العدوان والخذلان والتآمر.

هذا فيما يخص جاهلية العرب في عصورهم الغابرة. قد يقول قائل: أنت تتحدث عن مرحلة زمانية مختلفة في سماتها وطبيعتها وطبيعة أعرافها وذوقها العام عما نعيشه في زماننا هذا، فالعولمة التي جعلت من العالم قرية صغيرة فرضت قيم وأنساق خاصة على العام كله بحيث أصبح كل مجتمع مطالب أن يُكيف أبسط تفاصيله الصغيرة وفق ما يتلاءم مع قوانين العولمة وأعرافها. لذا فإنه من غير المنطقي أن تفرض علينا معايير ومقاييس تجاوز عمرها آلاف السنين لتخلص في النهاية إلى نتيجة مفادها أن آدميي هذا الزمان لا يصلحون للعيش في عصر عمرو بن كلثوم لاختلاف بُناهم الفكرية وتكوينهم النفسي وعاداتهم وأعرافهم عما كان عليه الآمر في ذاك الزمان.

لذلك سأتحدث عن مثال آخر تدور أحداثه الآن في عقر دار جاهلية هذا الزمان، فأوسيتيا ونخوة الروس تجاه أوسيتيا وشعبها تصلح لأن تكون معيار ومقياس نُقيم من خلاله صلاحية الكائنات التي تعيش في منطقتنا "العربية" لحمل صفة الآدمية من عدمها!

أوسيتيا إقليم صغير أعلن استقلاله عن جورجيا في مطلع تسعينيات القرن الماضي ولم تعترف أي دولة باستقلاله. مواطنو أوسيتيا الجنوبية جماعة عرقية مميزة تنحدر أصلا من السهول الروسية جنوب نهر دون، في القرن الثالث عشر دفعت بهم موجات المغول جنوبا نحو جبال القوقاز فاستقروا على الحدود مع جورجيا، ويريد هؤلاء الارتباط بإخوانهم في أوسيتيا الشمالية، وهي جمهورية تخضع للحكم الذاتي داخل الاتحاد الروسي. في العام 2006 عرض الرئيس الجورجي على الإقليم الحوار والحكم الذاتي في إطار دولة جورجية واحدة، لكن شعب أوسيتيا رفض هذا العرض من خلال استفتاء شعبي كانت نتيجته التأكيد على مطالبتهم بالاستقلال الكامل.

تصاعدت الأزمة في الأيام الأخيرة عندما أرسل الرئيس الجورجي جيشه لإخضاع الإقليم بالقوة العسكرية، فما كان من أشقائهم الروس _ في القرن الثالث عشر_ إلا أن يدخلوا على خط المواجهة نصرة لأشقائهم وللحيلولة دون كسر إرادة الأشقاء وإن كانت روابط الإخاء تعود في تاريخها لما قبل أكثر من سبعمائة عام!

روسيا الآن تضغط بقوتها السياسية والعسكرية والدبلوماسية في مواجهة جورجيا للتأكيد على حق إقليم أوسيتيا تقرير مصيره وإعلان استقلاله الكامل عن جورجيا، وأعتقد أن اعتراف دول العالم باستقلال الإقليم سيكون مسألة وقت ليس أكثر، فضمن معادلة مقايضة المواقف التي تحكم السياسة الدولية، سيكون الاعتراف باستقلال أوسيتيا مطلباً أساسياً ستضغط موسكو باتجاه تحقيقه في مواجهة دول العالم في مقابل تبنيها بعض المواقف لتحقيق مصالح هذه الدول، حتى الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي الذي يعتقد الرئيس الجورجي أنه يتكئ عليهما في مواجهته الأخيرة، سيضطرون للاعتراف باستقلال الإقليم في مقابل تنازل موسكو عن بعض المواقف لمصلحتهم. وربما يكون الملف الإيراني واحداً من الملفات التي ستقدم موسكو تنازلاً فيها.

لنطرح السؤال التالي؛ الآن هل تملك أي دولة أو منظمة أو حلف في هذا العالم فرض الحصار الجائر على إقليم أوسيتيا لحمله على تنفيذ رغبة هذه الدولة أو تلك فيما يخص سياسة الإقليم الخارجية أو الداخلية؟ ولو أن أحدهم فعل ذلك سواء جورجيا أو غيرها ماذا ستكون ردة فعل موسكو تجاه هذا الحصار الذي سيعرض أشقائهم الذين يرتبطون معهم بروابط إخاء منذ ما يزيد عن سبعمائة عام للموت جوعاً أو عطشا أو بسبب نقص الأدوية؟!
الإجابة بسيطة ولا تحتاج لتفكير عميق فلا توجد دولة على ظهر هذا الكوكب تجرؤ على تجويع أشقاء الروس! ولو أن أحدهم خُيل له أن هذا الأمر يمكن تنفيذه ربما تشتعل الأرض بحرب كونية تأكل الأخضر واليابس، فالسبعون ألف نسمة الذين يُراد فرض الحصار عليهم وتجويعهم يرتبطون مع الروس بروابط إخاء تمتد لما قبل سبعمائة عام "يعني مش حيا الله ناس"!!

تحدثنا عن جاهلية العصور الغابرة وتحدثنا أيضا عن جاهلية هذا الزمان، ورأينا كيف أن قتل ملك الحيرة كان رداً على إهانة مبطنة كان بالإمكان تجاوزها طالما أن عمرو بن المنذر لا يجرؤ أن يُذل أم سيد تغلب جهاراً نهارا. ورأينا أيضا كيف أن روسيا ترسل قطعان جيشها متتابعين لنصرة أشقاء يرتبطون معهم بروابط إخاء تعود للقرن الثالث عشر.
فماذا عن الذين يدعون أنهم أحفاد العرب وحملة رسالة الإسلام العظيم؟! وأين مواقفهم تجاه جرائم تتار العصر الذين يفرضون على المستضعفين في أرض غزة وفلسطين الحصار الجائر لكسر إرادتهم وحملهم على التعاطي مع معطيات المشروع الصهيوني في أرض فلسطين وأرض الإسلام و العرب؟!

انتظرنا ما يزيد عن نصف قرن من الزمان للإجابة عن أسئلتنا تلك، وبعد ما يزيد عن نصف قرن من الزمان اختلفت كل الصيغ وكل المواقف، ولم يعد الأمر استجداء مواقف من الأشقاء لمواجهة عدو هذه الأمة، بل أصبحت مطالب المستضعفين من أشقائهم تنحصر في الكف عن التخندق مع أعداء أمتنا لكسر ما تبقى لنا من إرادة، وأن يكفوا عن التباهي بأن معبر رفح هو شأن داخلي فلسطيني مرة وأزمة تحتاج لتوافق ثلاث أطراف رئيسية مرة أخرى، وأن المفتاح لدى"إسرائيل" في ثالثة! بل أن يكفوا عن وضع الغازات السامة في الأنفاق التي تدخل حليب الأطفال والدواء لجياع غزة المحاصرة!

فإن كان معيار مواقف "العرب" الآن ينبع من قول الشاعر الجاهلي:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت **** غويتُ. وإن ترشد غزية أرشد

فلا أقل أن نستنتج حتما أن هؤلاء جميعا ليسوا بعرب، بل هم مجرد لقطاء أتى بهم الزمان إلى هذه المنطقة فنشروا فيها الفساد وسيحط ربك عليهم صوت عذاب عاجلاً غير آجلا، أما نحن فليس لنا إلا أن نؤمن بما قاله ربنا جل وعلا: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) صدق الله العظيم.

فإلى نصر وعزة بإذنه تعالى للفئة القليلة المستضعفة، وإلى ذلة وهوان وخسران للقطاء هذا الزمان، (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) صدق الله العظيم.

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04437 seconds with 11 queries