عرض مشاركة واحدة
قديم 20/05/2008   #24
شب و شيخ الشباب مالك الحلبي
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ مالك الحلبي
مالك الحلبي is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
حلب
مشاركات:
990

افتراضي


بعيداً عن السياسة النساء يغنّين!!
د.بثينة شعبان - 19/05/2008

في ذكرى النكبة اتضح أكثر من أي وقت مضى أن هناك عالمين ومفهومين وتوقعين مستقبليين للتوجه الذي سوف تتخذه منطقتنا وخاصة حيال الصراع العربي الإسرائيلي.

فالإعلام العالمي منشغل بالذكرى الستين لولادة إسرائيل بقرار من الأمم المتحدة بينما الفلسطينيون يحصون ضحاياهم على مدى ستين عاماً ويسلم الأجداد المفاتيح للأحفاد لبيوت هدمها الاحتلال الإسرائيلي منذ زمن واستبدل تصميمها العربي الجميل بمستوطنات اسمنتية بشعة وبمستوطنين مسلحين هدروا كرامة العربي منذ زمن واعتبروا الحصار والاستيطان والتهجير وتجريف الأراضي واقتلاع أشجار الزيتون وتسميم الآبار أدوات لا بد منها لتحقيق حلمهم في بلاد الميعاد ولتأسيس دولتهم القومية في فلسطين، كل ذلك مع تطوير وعد بلفور نفسه الذي اعترف أن هذا الكيان سيؤسس في فلسطين، والذي أكد في الوعد نفسه «أنه من الواضح أنه لن يتم القيام بشيء يمكن أن يؤثر على الحقوق المدنية والدينية للمجموعات غير اليهودية في فلسطين». ولم يقل للأقليات ذلك لأن المجموعات غير اليهودية أي المجموعات المسلمة والمسيحية في فلسطين لم تكن أقليات بل كانت الأغلبية، ولو كانوا أقليات لما تردد بلفور باستخدام كلمة «أقليات» Minorities بدلاً من Communities. ‏
يتم تطوير أو تجاوز وعد بلفور باتجاهين رئيسيين اليوم: الأول هو محاولة طمس معالم فلسطين وهوية فلسطين التراثية والزراعية والاجتماعية والفنية والثقافية، والأمر الثاني هو التعدي المزمن والمدمر للحقوق المدنية والدينية للمجموعات غير اليهودية أي لمسلمي ومسيحيي فلسطين بحيث يمنعهم التنكيل، حتى من الصلاة في الجامع والكنيسة، وحتى من زراعة أرضهم ومن قراءة كتبهم أو استكمال تعليمهم في المدارس، وإذا كانت إسرائيل تحتفي بحضور رئيس الولايات المتحدة بذكرى تأسيسها الستين فماذا على العرب أن يفعلوا؟! ‏
لقد صنع الفلسطينيون رموزاً جميلة لقضيتهم ووضعوا المفتاح والكوفيّة في لوحات تقشعر لها الأبدان لكي يسلمها الأجداد للأحفاد ولكن السؤال الجوهري هو هل قضية فلسطين تخص الفلسطينيين فقط؟ وهل الصراع هو فقط على تلك الأجزاء من الأراضي العربية المحتلة أم إنه صراع على التراث والهوية العربيين وعلى نوع المستقبل الذي تطمح له هذه الشعوب؟. ‏
وعلّ أفضل وأهم قرار اتخذ في الذكرى الستين للنكبة هو قرار وزراء العدل العرب الذي اجتمعوا في القاهرة بتشكيل لجنة قضائية عربية لجمع وتوثيق الأدلة على جرائم الحرب والإبادة الإسرائيلية، وطبعاً هناك قرارات مماثلة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ولكنها لم تنفذ، أهمية هذا القرار لوزراء العدل، في أنه يجب توثيق ونشر الأدلة على جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، ووضع آليات العمل لتحديد أنجع السبل لملاحقة ومحاكمة المسؤولين عن ارتكاب تلك الجرائم وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، لو كانت إسرائيل واثقة أن الآليات والتمويل سوف توضع لهذا القرار لأثار الرعب فيها كما أن هناك عشرات القرارات على مستوى مجالس وزراء العرب في مختلف المجالات التي لم تر طريقها إلى النور، لأن العرب لم يضعوا الآليات السليمة والتمويل اللازم لتنفيذ هذه القرارات. ‏
هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا بد من تسليط الأضواء على عناصر القوة العربية المعروفة والموجودة في ثنايا هذه الأمة الغنية لإخراج أجيالها من الشعور بالاحباط والدونية تجاه عدو يتقن فن الدعاية والإعلام مقابل عجز عربي واضح في هذا المجال. ‏
فقد أشرت قبل مرة إلى أعمال وندوات ومؤتمرات عربية تعقد وترى أن العمل الفكري والثقافي والاقتصادي يأخذ مساراً عربياً متكاملاً وموجوداً في كل عاصمة عربية، ولكن الأضواء لا تسلط عليه فيأتي ويذهب وكأنه غير موجود. ‏
في الأسبوع الماضي احتضنت مدينة دمشق عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، مؤتمراً للمدينة والثقافة وحضر المفكرون من فلسطين والأردن ومصر ولبنان جميعهم يكتبون بفضاء عربي وبلغة عربية مستندين إلى التاريخ والأبحاث العربية في هذا الصدد، وكانت الأبحاث على مستوى راق فقد حضر كمال أبو ديب من لندن وسحر خليفة من فلسطين ومحمد شاهين من الأردن وفريدة النقاش من مصر وعبد الله إبراهيم من العراق بالإضافة إلى أسماء أخرى من سورية وغيرها ولكن الحضور كان متواضعاً والإعلام لم يحتفِ على الإطلاق بهذا الحدث الهام، وبعد ذلك أقامت أيضاً الأمانة العامة لدمشق عاصمة الثقافة العربية أسبوعاً بعنوان «النساء يغنين» في قصر العظم في دمشق أجادت به لبانة قنطار من سورية وكريمة صقلي من المغرب وفريدة العلي من العراق ومي فاروق من مصر وجاهدة وهبة من لبنان وجميعهن انصهرن مع جمهور لم يميز يوماً بين لبنان والمغرب ومصر والعراق بل توجه إلى قصر العظم كل يوم بالزخم ذاته وبالمحبة ذاتها وبالعشق ذاته لطرب عربي وحيد متعدد الظلال و أوجه الإبداع فقط في بلدان عربية مختلفة. ‏
في الثقافة والفن والأدب، الهوية العربية متينة ورصينة ومصدر فخر لنا جميعاً فلماذا لا تكون إحدى أدوات المقاومة الصلبة لهذا الطغيان الشرس الذي يحاول النيل من هويتنا وأمتنا ولغتنا ومستقبلنا؟ علّ ما أود قوله هو أن السياسة وحدها لم تعد كافية لمواجهة التحديات التي تواجهها هذه الأمة، وأحد هذه التحديات هو الاحتلال والاستيطان، بل نحتاج إلى شد أزر كل القوى المؤمنة من كتاب ومثقفين وأدباء ومفكرين وقضاة ومحامين لمعالجة الملفات المطروحة على جيلنا هذا والتي لن يسامحنا جيل المستقبل إذا لم نعالجها بكل أناة واقتدار، لو كانت كل هذه الملفات حاضرة في وعي العالم لما تجرأت إسرائيل على طلب شطب «النكبة، إذ إن «النكبة» ليست كلمة تشطب بل هي تاريخ عدوان وجرائم واغتصاب حقوق، ولما تجرأت بعثة الكيان لدى الأمم المتحدة أن تطلب توضيحات حول استخدام كلمة «النكبة» في بيان أصدرته الناطقة بلسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فهل نلتفت جميعاً إلى التوثيق والإعلام والتحصين لكل ما يمدنا بالقوة والمناعة بحيث يصبح العمل السياسي جزءاً من العمل المقاوم ترفده أعمال أخرى في غاية الأهمية وتضع على طاولات صنع القرار في العالم جرائم إسرائيل وصورتها الحقيقية بهدف دفع العالم إلى اتخاذ موقف مع الحق العربي وهذه مسؤولية كل عربي في كل بلدان العرب؟. ‏
د. بثينة شعبان : تشرين

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النور:19]
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05008 seconds with 11 queries