عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #2
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


نفس التحدي وصلني وأنا أقرأ القرآن الكريم مع أولادي ثم مع أحفادي قبيل المغرب في رمضان. أتعجب كيف أن هذا الكتاب الذي لا ريب فيه هدي للمتقين، نزل بهذه الصورة الشديدة السهولة ـ خصوصًا إذا قارناه بالأدب السائد في عصر التنزيل ـ تلك الصورة التي تنساب دون شرح إلي عقل طفل صغير، أو وعي عجوز أمية، بمثل ما تصل إلي عقل فقيه حاذق، أو عالم نحرير، يتم ذلك هكذا طول الوقت عبر أكثر من أربعة عشر قرنًا دون أن تزداد الصعوبة، وهو يفجر وعي أعماق من يقترب منه بما يجعله ـ طبعًا ـ ممتنعًا عليه ـ أليس تنزيلاً من رب العالمين.

مريد يتحرك في رحاب شيخه:
حين أتاحت لي الظروف أن أتحرك خلال هذه السنوات الثماني الأخيرة (تقريبًا) في رحاب وعي شيخي الجليل نجيب محفوظ، رحت أعايش هذا المعني الرائع ماثلاً أمامي طول الوقت. كنت قد استشعرت نفس المعني من كتاباته قبل أن أعرفه شخصيا، لكنني لم أكن أتصور أن حضوره اليومي العادي بين الناس هو مَثَلٌ أروع لأجمل صور «السهل الممتنع». كنت أحسب أنه يقضي وقته بين الناس ليزداد احتكاكًا بمادة إبداعه، ليأتنس بهم بعيدًا عن الورق والقلم والكتب والرمز، وإذا بي أكتشف أن وجوده اليومي، هذا أكثر «سهولة»، وفي نفس الوقت أكثر امتناعًا لأنه أكثر إبداعًا متحديا بإعجاز أن يوجد واحد مثله، أو حتي أن ينجح أحد أن يقلده.
ما هو السر في هذا الذي يصلنا منه بهذه الصورة البسيطة الجميلة المتحدية المعجزة في آن؟ للإجابة علي هذا السؤال حاولت أن أضع فرضًا يقول:
إن ذلك لا يتم إلا إذا تقارب الواحد من بعضه البعض، إذا تناغمت مستويات وجوده. (منظومة دماغه) مع بعضها البعض، فتكون النتيجة أن الخطاب يصل إلي المتلقي عبر أكثر من مستوي من مستويات وعيه وفي نفس اللحظة. من هنا يستقبل كل متلقٍ المستوي الذي يناسبه فيبدو له الخطاب سهلاً، فإذا ما اقترب ليفحص الأمر أو يحاوله، فإنه يكتشف أن هذا الذي تلقاه لم يكن خالصًا منفصلاً عن غيره من سائر المستويات، بل كان متضمنًا إياها. من هنا يأتي «الامتناع» لأن هذه المرتبة من التناغم لا يصل إليها إلا مبدع متكامل، يعيش إبداعه بقدر ما يفرزه، وهو يفرز إبداعه من خلال ما يعايشه.
هذا هو المدخل الذي أسهم به في محاولة التعريف بما يميز نجيب محفوظ إنسانًا ومبدعًا بصفتي مريدًا عاجزًا، لم يستطع أن يستوعب إلا بضع ما تردد في وعيه من أصداء حضور شيخه، فأقدم ذلك علي محورين:
المحور الأول: نجيب محفوظ: يمشي بين الناس، مبدعًا لهم.
المحور الثاني: نجيب محفوظ: يستوعب التاريخ ويفرزه.


المحور الأول: محفوظ: يمشي بين الناس مبدعًا لهم.
في أصداء السيرة الذاتية يقول نجيب محفوظ: «تذكرت كلمات بسيطة، لا وزن لها في ذاتها، مثل "أنت"، "فيم تفكر"، "طيب"، "يالك من ماكر".. ولكن لسحرها الغريب الغامض جن أناس، وثمل آخرون بسعادة لا توصف».

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03559 seconds with 11 queries