عرض مشاركة واحدة
قديم 12/08/2008   #3
شب و شيخ الشباب phoenixbird
عضو
 
الصورة الرمزية لـ phoenixbird
phoenixbird is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
بالاستديو
مشاركات:
3,019

افتراضي


مواطنة الشباب السوري و فعل الحب عن بعد ...!
تحقيق: رشا فائق

د. حسان عباس: تبرز المشكلة عندما لا يشعر الوطن المواطن بأن هذا المكان له
"تزوجت عن طريق الأسرة من طبيب مصري و انتقلت للعيش معه في مصر،بعد الزواج الذي لم يستمر لأكثر من شهر عدت إلى بلدي لألد ابني الوحيد بعد تسعة أشهر، و أبدأ معه رحلة البحث عن جنسية.فوالده لم يرسل لي سوى شهادة ميلاد هي اليوم كل ما يملك لإثبات شخصيته.لم أترك بابا إلا وطرقته،السفارة المصرية،الخارجية و الداخلية و من ثم الهجرة و الجوازات التي منحت ابني تذكرة عبور لمصر في عمر السادسة عشرة و مع ذلك لم يحصل على جواز سفر لأنه قاصر و القانون المصري يشترط موافقة الأب (الذي لم يتعاون معنا)....تعرض ابني لحادث سير مما أعاق تقدمه لامتحان الشهادة الثانوية، و لم نستطع اتخاذ أي إجراء بحق المخالف نظرا لعدم وجود أي أوراق ثبوتية لديه.... "
بهذه الكلمات الممزوجة بالحزن و الأسى تروي السيدة منتهى الهواري حكاية ابنها الشاب الذي ولد في دمشق و درس في مدارسها، تربى في حاراتها وأتقن لهجتها و لم يعرف غيرها وطناً.و مع ذلك فإنه بلغ الخامسة والعشرين دون أن يمتلك حق العمل أو التملك أو الزواج أو حق قيادة سيارة في شوارعها و لا حتى حق قطع تذكرة سفر بالنقل الداخلي لأنه ببساطة لا يمتلك هوية شخصية تثبت انتماءه إلى سورية الوطن الذي ولد على أراضيه ،تربى و عاش فيه منذ مولده و حتى تاريخ بلوغه الخامسة و العشرين من العمر....
“ابني مواطن سوري مثل أي مواطن سوري آخر،انه يشعر بالانتماء إلى كل شبر في سورية التي درس على أرضها و أكل و شرب من خيراتها،و هو على استعداد لتأدية الخدمة العسكرية–رغم انه وحيدي-مثله مثل باقي الشباب السوري الفارق فقط هو أنه لا يحمل الهوية السورية".
نبرة السيدة هواري الصادقة أثارت في داخلي الكثير من التساؤلات،ففي الوقت الذي يحلم فيه ابن هذه السيدة بالجنسية السورية، و يقدم الطلبات تلو الطلبات للحصول عليها نجد آلافا من الشباب السوريين الطامحين بالحصول على جنسية أخرى لا محدد لها سوى أن تكون أجنبية .....هل يشعر هذا الشاب بالانتماء إلى سوريا أكثر منا نحن بقية الشباب الذين نشأنا وكبرنا و درسنا في هذا البلد و نحمل هويته؟ لماذا يناضل هو في سبيل الحصول على الهوية السورية في حين نقاتل نحن سعيا وراء أخرى؟
الانتماء هوى أم هوية:
انس شاب قارب الثلاثين من العمر،اعتاد الجلوس أسبوعياً مع رفاقه في أحد مقاهي دمشق القديمة،إلا أنه و منذ ما يقارب الشهرين اعتاد الجلوس في المقهى بشكل يومي،يدفع عن نفسه مرة واحدة فقط في الأسبوع و باقي الأيام يمضيها على حساب رفاقه و السبب بحسب قوله "عاطل عن العمل" و يعول.
ابتسامته الدائمة تحمل في طياتها إحساسا بالمرارة و الفشل،يقاومه دائماً بالسخرية بكل ما يحيط به بدء من نفسه.و لأنه فاضي وغير راضي– حسب تعبيره-فلم يمانع من دردشة سريعة حول وضعه قبل وصول أصدقائه إلى المقهى" تخرجت من الجامعة منذ ما يزيد عن الخمس سنوات تنقلت خلالها في العمل بين ما يزيد عن ثلاث شركات و أربعة مكاتب و خمسة محلات تجارية فأنا خريج تجارة و التجارة شطارة و لكنها معي و للأسف خسارة فقط... ففي كل مرة أجد فيها عملاً أتركه بسبب تدني الأجر أو حتى غيابه إذ غالبا ما تمر الشهور و صاحب العمل يماطل في تسديد الراتب أو حتى يسدده على دفعات و بالتقسيط مما يضطرني في النهاية لترك العمل….. آخر عمل لي كان في أحد المكاتب التجارية في منطقة راقية،إلا أنني و بصراحة ضجرت من اضطراري للخروج من المكتب والتسكع في الشوارع هربا من حملات التفتيش الخاصة بالتأمينات الاجتماعية إذ أن صاحب العمل اشترط منذ البداية عدم تسجيل أي موظف(كنا قرابة الخمسة عشر موظفاً) في التأمينات. في أخر مرة طفح بي الكيل و رفضت التسلل هربا و كأنني مهاجر غير شرعي في بلد أوروبي فكان مصيري هذه المرة الشارع، و لكن بصورة نهائية ..."
حكاية انس و اضطراره مع رفاقه للتسلل من الباب الخلفي للمكتب في كل مرة يزور فيها مندوب التأمينات مقر عمله دفعتني لسؤاله عن رغبته بالسفر للخارج فكان جوابه و بسرعة" إيدي بزنارك بس كيف؟لقد راسلت ابن عم والدي في السعودية و قد وعدني خيرا و لكنني بحاجة إلى كفيل و انشالله بيصير خير" وعن إمكانية عودته في حال نجاح سفره قال انس"حدا بيطلع و بيفكر يرجع ...!"و عندما أخبرته بقصة ابن السيدة هواري و حلمه بالجنسية السورية قال لي ساخرا" الحب شي و الجازة شي تاني".
و قبل أن أبادر أنس بسؤال جديد وصل صديقه جورج الذي بدا ضجرا و ذا مزاج سيئ....بعد السلام و التعارف التفت انس نحوي قائلا":قصتي مملة و عادية و تشبه قصص ألاف من الشباب السوري العاطل عن العمل و الذي إن حالفه الحظ و وجد عملا فإما أن يتحكم به صاحب العمل ممليا شروطه كما حدث معي،أو يجد فرصة في إحدى المؤسسات الحكومية التي تطبق قوانين العمل و لكن من دون عمل، و بالتالي يتحول إلى عاطل عن العمل و لكن بدوام رسمي(يضحك)لذا أنصحك بالكتابة عن جورج فقصته أكثر طرافة".
التفت نحو جورج الذي بدا خجلاً و بعد تردد قال"أنا حمصي الأصل قدمت إلى دمشق قبل حوالي العشر سنوات بهدف الدراسة و بقيت فيها بعد التخرج من كلية الفنون الجميلة قسم التصوير،اعمل حاليا في مخبر لتحميض الصور و حلمي أن أنجز معرضاً للتصوير الضوئي خاص بي و لكنني بصراحة لا أجد الوقت الكافي لتنفيذ هذا الحلم فأنا مضطر لتغيير منزلي كل ثلاثة أو أربعة أشهر بحسب الظروف،خاصة و أنني لا أستطيع تسديد الاجار بصورة مقدمة و إنما كل شهر بشهره مما يدفعني إلى حمل أغراضي بحثا عن مكان جديد في كل مرة يقرر فيها صاحب المنزل زيادة الأجرة...هل تصدقين أنني و خلال العام الماضي تنقلت بين خمسة بيوت(طبعا اقصد بالبيت غرفة و منافع)في النهاية قلت يا ولد ارجع إلى بلدك حمص و استقر هناك و لكن أخي تزوج هناك وخسرت حتى غرفتي في منزل العائلة"
و عندما سألت جورج هل يشعر بالحنين إلى مدينته حمص أجابني"أنا في دمشق منذ أكثر من عشر سنوات و أعرف شوارعها و حاراتها كابن دمشق إن لم يكن أكثر،أحياناً اشعر أنها تخصني أكثر من حمص التي قضيت فيها طفولتي وجزءاً من شبابي في حين أمضيت معظم شبابي هنا في دمشق، و لكنني و بصراحة اشعر بالحنين إلى أي مكان استقر فيه،أي مكان لا اضطر لمغادرته كل ثلاثة شهور أو أربعة في أحسن الأحوال... أشعر بالحنين لأي أربعة جدران تحتضنني أنا و كراكيبي و تفسح لي مجالاً لأعلق ثيابي في خزانة و أنا مطمئن إنها لن تخرج منها قبل عام على الأقل أنجز خلاله المعرض الحلم".
"هل تفكر في السفر؟؟"سألت جورج،فقال"و من لا يفكر في السفر في هذا البلد– يلتفت نحو أنس الذي بدا مطرقا– هل تعرف أن صديقنا عمار سيسافر إلى السعودية الأسبوع المقبل- يعود لتوجيه الحديث لي- عمار خريج هندسة و حاصل على دبلوم عال و قد حصل بشق الأنفس على فرصة عمل براتب جيد في إحدى الشركات الكبرى في المنطقة الحرة و لكنه سيترك كل هذا ليسافر إلى السعودية و براتب لا يزيد كثيرا عن ما يحصل عليه هنا....""ما السبب ؟؟"تساءلت،فأجاب ببساطة"العسكرية خدمة العلم،عمار شارف على الثلاثين وإذا التحق بخدمة العلم فسوف يخسر الوظيفة و لن يجد مثلها بعد انتهاء الخدمة لأنه سيكون قارب الثالثة و الثلاثين و من دون خبرة عملية و لن يجد وقتها حتى وظيفة في الدولة....".
قلت لجورج"و لكنك سوري و من واجبك أن تؤدي خدمة العلم لبلد أنت تحمل هويته؟؟؟قاطعني انس"من واجبي نعم و لكن أليس من حقي أن أجد عملاً يؤمن لي دخلاً مقبولاً؟؟أليس من حقي أن اعمل في ظروف و شروط تحترم دراستي و مؤهلاتي؟؟ أليس من حقي أن أجد مسكناً بشروط صحية اسكن فيه ؟؟أنا سأقدم عامين من عمري، و لكن على ماذا سأحصل في المقابل؟ الأسعار ترتفع يوما بعد يوم...أسعار الإيجار في الضواحي تنافس الأسعار في وسط المدينة؟؟أنا اليوم أقارب الثلاثين و لا املك دخلا ثابتا...ساعديني في تأمين عمل بدخل جيد بعد الخدمة و مسكن لائق في الضواحي و أنا على الاستعداد لخدمة العلم لثلاث سنوات....أنا سوري الهوى قبل الهوية و لكن هل تهواني سورية كما أهواها أنا؟هل تفكر بي كما أفكر بها أنا....؟ هل تقاتل من اجلي كما سأقاتل أنا ؟"

الموطنة مفهوم حياتي:
غادرت المقهى و أنا أفكر بحال هؤلاء الشباب، أنس الذي خسر عمله لأنه رفض أن يعامل كغريب،كمجرم فار من العدالة أو كمهاجر غير شرعي، و هو ابن البلد و مواطن فيها له من الحقوق كما عليه من الواجبات....جورج و رحلته بحثاً عن جدران أربعة تلملم إحساسه بالاغتراب داخل بلده... حلم انس بالسفر و رغبة جورج بالاستقرار في أي بقعة في العالم و إن كانت خارج الوطن...
ترى لماذا يحلم معظم الشباب السوري بتذكرة سفر توصلهم للخارج أيا كان عربياً أو أجنبياً؟؟ربما يبدو الحلم مشروعاً عندما يرتبط بمحاولاتنا لتحسين ظرفنا المعيشي و الحياتي.و لكن الأمر يبدو مختلفا عندما يصبح حلم السفر للخارج مرتبطا بحلم الحصول على جنسية أخرى،ترى لماذا نسعى نحو تغيير جنسيتنا؟؟؟أو بمعنى أدق ما الذي يدفعنا إلى طلب تغيير هويتنا و ما يعنيه ذلك من تغيير انتمائنا الذي استمر لما لا يقل عن عشرين عاماً في سبيل الحصول على هوية أخرى و انتماء آخر لا يمت لنا بصلة يوماً واحداً ؟؟؟
يقول أمين معلوف في كتابه (الهويات القاتلة)" نعم،في كل خطوة في الحياة نصادف إحباطا و خيبة و إهانة فكيف لا تصبح شخصيتنا ممزقة ؟ و كيف لا نشعر بهويتنا مهددة ؟كيف لا نشعر بأننا نعيش في عالم يمتلكه الآخرون و يخضع لقواعد يمليها الآخرون،عالم يشعر فيه المرء انه بات غريباً أو دخيلاً أو منبوذاً؟ كيف نجنب الآخرين الانطباع بأنهم قد خسروا كل شئ و أنه لم يعد لديهم ما يخسرونه حتى باتوا يتمنون على طريقة شمشون أن ينهار الهيكل ،يا رب عليهم و على أعدائهم؟ ".

كلمات معلوف و قصص الشباب دفعتني لزيارة الباحث و المفكر د.حسان عباس، بحثاً عن إجابة لتساؤلات الشباب و تساؤلاتي أنا أيضا.ماذا نفعل نحن الشباب سوريو الهوى قبل الهوية و نحن نتعرض يومياً لاختبارات لمدى صدق هوانا وقوة مشاعرنا تجاه وطننا؟؟ماذا نفعل و نحن نرى وطننا يقزم أحلامنا يوماً بعد يوم؟؟ماذا نفعل ونحن نعيش كل يوم صراع البقاء من دون حب أو الهروب نحو المجهول...و لكن مع كل الحب؟؟؟
يقول د.حسان عباس"المواطنة مفهوم يحمل بالضرورة بداخله مفهوم العلاقة،فلغوياً المواطنة من المفاعلة(أي أن هناك أكثر من فاعل)،والعلاقة هنا هي بين الكائن المواطن و مكان الكينونة و هو الوطن.هذه العلاقة إذا لم تكن مشدودة من قبل الطرفين فإنها حتما ستكون علاقة ضعيفة تخمد انتماء المواطن و شعوره بالانتماء إلى الوطن.والشد من جانب الوطن يكون من خلال القانون الذي يكفل حماية الحقوق بالعدالة والمساواة الاجتماعية و تكافؤ الفرص في حين أن الشد من قبل المواطن يكون من خلال احترام القانون و ما يفرضه من واجبات و أسلوب التمتع بالحقوق. و تبرز المشكلة عندما لا يشعر الوطن المواطن بأن هذا المكان له و من أجله من خلال حماية حقوقه المدنية،السياسية والاجتماعية مما يؤدي بصورة طبيعية إلى أن يخفت شعور المواطن بانتمائه و مواطنته.وهنا أود أن أؤكد بشدة على أن المواطنة مفهوم حياتي وليس سياسياً أو اجتماعياً...و بالتالي السؤال هو هل كفل الوطن للمواطن الشاب أساسيات أموره الحياتية؟؟؟هل منحه فرصة عادلة و منطقية لاختيار دراسته الجامعية؟؟؟هل المعايير المعتمدة اليوم للمفاضلة الجامعية تضع الطالب الصحيح في الموقع الدراسي الصحيح؟؟؟بعد التخرج،هل يحصل الشاب على فرصة عمل تناسب إمكاناته و مؤهلاته العلمية ؟؟أين هي المنابر الحرة التي تكفل للشباب التعبير عن رأيهم و مواقفهم بعيداً عن الأقنية الرسمية الحكومية؟؟؟لنكن واقعيين الشباب السوري يبدأ حياته العملية بالإحباط بدءاً من موضوع الدراسة الجامعية مرورا بموضوع خدمة العلم و انتهاء بإيجاد فرصة عمل مناسبة، و هذا ما يبرر ارتفاع نسبة الشباب الراغبين في السفر و الاغتراب و العمل في الخليج ليس بسب ما يقدمه العمل هناك من مزايا مادية و إنما لأن الشباب ببساطة لا يشعرون بالاستقرار و بالتالي لا يمانعون في الغربة إلى الخارج البلد طالما أنهم مغتربون أساساً في الداخل.أنا أجزم أن غالبية الشباب السوري يرغب بالعمل و البقاء في سورية و لكن هل تتاح لهم الفرصة؟؟الشباب و مع الأسف لا يقيمون باعتبار ما هم (ماذا يحملون من معرفة،قدرة على العمل...)و إنما يقيمون باعتبار من هم (أي إلى من ينتمون عائلة،حي،قبيلة،مدينة....)و من الطبيعي أن يحبط كل من يملك الما الحقيقية و لكن لا يستطيع تقديم المن الحامية ....
ماذا يفعل الشباب؟حقاً لا أعرف،بالطبع لن نطلب منهم شهادة جماعية أو تضحية كاملة و لكن ربما يمكننا أن نطلب منهم أن يسعوا للتشبه بالمسيح بمعنى أن عدم الحصول على كامل الحقوق لا يجب أن يؤدي بالضرورة إلى عدم القيام بالواجبات،نحن بحاجة إلى نوع من التضحية حتى لا نراكم الأخطاء....المطلوب من الشباب اليوم العمل بمقولة(تشاؤم العقل و تفاؤل الإرادة)نحن لا نمتلك بديلاً لمجتمعنا ولكن لابد أن نعمل و لو لمجرد الإحساس بالحياة،أن نكون فاعلين أفضل بكثير من أن نكون مفعولاً به أو فيه، فالتراكم لابد و أن يؤدي إلى نتيجة و لو للأجيال القادمة... البعض ربما يفضل الابتعاد و عدم المشاركة و هذا من حقه و لكن ليس من حقه أن يلومنا لاحقا و يتساءل لماذا لم يتغير شيء في البلد...البلد لن يتغير إلا بيد شبابه...".

وحياة سواد عينيك يا حبيبي غيرك ما يحلالي
we ask syrian goverment to stop panding akhawia
نقسم سنبقى لاننا وارضنا والحق اكثرية
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07897 seconds with 11 queries