[ماما منوشه]

نقول كمان عن الكلاب‏:‏ عندي كلب وقد اشتبك مع بعض الكلاب الضالة‏,‏ وعقروه‏,‏ وتولاني رعب شديد‏,‏ وسألت عن أقرب مستشفي‏,‏ وبعثت بالكلب إلي هناك‏,‏ ولا أعرف من الذي حقنه أو عالجه‏,‏ وفوجئت بالسيدة أمينة ابنة الأديب الكبير ثروت أباظة أنها صاحبة المستشفي أو المركز‏,‏ ولم أكن أعرف أن الكلاب تلقي مثل هذه العناية السريعة‏.‏

وسافرت‏,‏ وتركت الكلب في أحد المستشفيات الخاصة‏,‏ ولما عدت فوجئت بأن الطبيب والممرضين قد أطلقوا عليه اسم هريدي أحد أبطال المسلسلات الصعيدية‏,‏ شيء غريب‏,‏ مع أن هذا الكلب ليس من صعيد مصر وإنما من صعيد اليابان‏,‏ ولم يعرف الطبيب الصعيدي أن أجدادنا الفراعنة كانوا يتباهون بأنهم صعايدة‏..‏ فالأسرة المالكة الفرعونية كلها من الصعيد أو من النوبة‏,‏ أما الوجه البحري فهو لا يلقي الاحترام‏.‏

وكان الملوك الفراعنة يضعون علي رأس الصعيد حكاما وقادة‏,‏ لأن الصعيد عنيف ومشاكس‏,‏ أما الوجه البحري فلم يعينوا له حاكما‏,‏ فأبناء الوجه البحري‏,‏ مسالمون أو سلبيون‏,‏ وأكبر دليل علي ذلك كثرة المباني‏,‏ والسبب هو أنهم يحبون أن يمشوا إلي جوار الحائط‏,‏ أي حائط‏!‏

وكان المفروض أن يتعلم كلبي شيئا عن السلوكيات المهذبة‏,‏ ولكن عاد الكلب إلي حركات عنيفة كأنه كلب ضال‏..‏ يعني حتي الأطباء لا يعاملون هذه الحيوانات معاملة لائقة‏,‏ أو معاملة واعية‏,‏ مع أن أصحاب الكلاب يعاملونها كأنها أولادهم‏,‏ ويسهرون علي طعامها وشرابها‏,‏ وإذا مرضت حزنوا وبكوا عليها‏..‏ بل إن بعض الأثرياء في أمريكا قد تركوا ثرواتهم لكلابهم‏..‏ أو لمستشفيات الكلاب‏,‏ وما أزال أذكر أنني عندما ذهبت أتفرج علي المقابر في مدينة جنوة الإيطالية وجدت عددا كبيرا من القبور تصدرتها الكلاب‏..‏ وهي أعز ما لدي أصحابها‏!‏