عرض مشاركة واحدة
قديم 14/12/2008   #1
صبيّة و ست الصبايا sona78
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ sona78
sona78 is offline
 
نورنا ب:
Jun 2008
مشاركات:
1,993

افتراضي شيعة الاحتلال وجذور الفتنة




أسعد أبو خليل*
حديث الفتنة ليس جديداً. لقد شَغَل مؤرّخي الإسلام الأوائل واللاحقين. وخطرُ الفتنة وارد أيضاً في كتابات الفكر السياسي الإسلامي. وهناك من خشي الفتنة إلى درجة تسويغ طاعة الحاكم الظالم مخافة البديل المُتجسِّد بالفوضى أو الفتنة، وكانت تلك نقيصة في الفكر السياسي الإسلامي. وفي تاريخ الإسلام هناك مصطلح «الفتنة الكبرى» في إشارة إلى بداية الحرب الأهليّة في الإسلام. الفتنة الكبرى كانت الشرّ المستطير، ولعلّ ذلك ساهم في إهمال الدارسين والمؤرّخين لها. وسبر أغوار الفتنة الكبرى يصيب الدارس بهاجس الفرقة والانقسام، أو بتهييج الأحزان. هشام جعيط (المفكر التونسي الفذ) وضع دراسة قيّمة بالفرنسيّة (نُشرت في ترجمة ممتازة بالعربيّة) ولاحظ (مُحِقّاً) في المقدّمة أن دراسته هي الأولى من نوعها. صحيح أن طه حسين كتب «الفتنة الكبرى» ولكن كتاب حسين كان ذا نفحة أدبيّة، كما أنه روى ما روى الرواة، بقليل من الزيادة أو من الإنقاص. وطه حسين، خلافاً لسمعته الليبراليّة، كان اعتذاريّاً في دراساته الإسلاميّة ولم يُخضِع النصوص التاريخيّة إلى نقد أو تمحيص في ما يتعلّق بتاريخ الإسلام. كما أنه كان يتلقّى دراسات المُستشرقين «بلا كيف» (وليس من الصدفة أن كتاب طه حسين «في الشعر الجاهلي»، وهو الذي دشّن لسجال ومحاكمة أنهكته وأنهكت الثقافة السياسية المعاصرة في العالم العربي، صدر بعد سنة واحدة فقط من مقالة للمستشرق ديفيد مرغليوت نُشرت في مجلة الجمعيّة الملكيّة الآسيوية عام 1925، وتضمّنت شك الكاتب في تاريخ وضع الشعر الجاهلي)، على طريقة حلّ الفقهاء لمعضلة خلق القرآن. لكن حسين أدرك أن الفتنة أرَّخت لما أتى بعدها. كان الصراع آنذاك بين من يُخلِصُ للدين ومن يُخلص للدنيا، كما وصفه حسين. الصراع لم يؤثّر على السياسة وحدها بل على التاريخ، تنازعت الروايات الرسمية بين قراءات مختلفة لـ«الميتا» ـــ تاريخ النبوي ـــ كما سماها جعيط: بين القراءات السنية والشيعية والعثمانية. ومذاك، دخل الديني في الصراع السياسي ولم يخرج منه إلا في استثناءات تحتاج لدراسة حاول هادي العلوي أن ينبّهنا إلى بعضها.
الفصل المعاصر من الفتنة معروف. لم يبتدئ مع حرب العراق. الفتنة جزء لا يتجزأ من العقيدة الوهابية في تاريخها الطويل والدموي. وكانت السعودية تموّل على مر السنوات كتّاباً وفقهاء من أمثال الكاتب الباكستاني إحسان ظهير للتخصّص في تأجيج نار الفتنة ولإيقاظها متى نامت: دارُ نشر في لاهور ضخّت وتضخّ كمية هائلة من التحريض المذهبي على مر العقود بتمويل نفطي عربي. لن نظلم آل سعود. قد يكون التمويل من أجل دعم العلم والمعرفة والتنوير ـــ أليس التنوير الوهابي هو الذي يجذب محبة كتّاب الليبيراليّة العرب ومؤيديها الذين يتقاطرون إلى مهرجان الجنادرية لنهل الفكر الحرّ؟ مثلما يدعم آل سعود مؤتمرات حوار الأديان التي تستجلب إسرائيل من دون علم الداعي. مصنع للفتنة استمرّ وازداد ضراوة بعد الثورة الإيرانية. الثروة الإيرانية بثّت خطاب الوحدة الإسلامية رسميّاً وكلاميّاً لكنها تبنّت عقيدة الفرقة حتى في داخل الصف الشيعي الاثني عشري (لكنّ «أصالتها» جذبت أدونيس وأنور عبد الملك، الذي تنشّق «ريح الشرق»، وحازم صاغيّة قبل أن يكتشف «أصالة» الثورة الوهابيّة في ما بعد). لم تُجمع المراجع الشيعية على صوابية ولاية الفقيه وفرض نظام الخميني الإقامة الجبريّة على من عارض الفكرة، حتى لو كان الخليفة المُعيّن للخميني نفسه، وكان آل سعود بالمرصاد. زادت الولايات المتحدة من حدة تحالفها الخارجي الرجعي الذي استعر في أفغانستان، لكن إيران تلاقت مع هدف محاربة الشيوعية. فتحت الحرب ضد النظام الشيوعي في أفغانستان (الذي مثّل، كالنظام الماركسي في جنوب اليمن، نموذجاً متطوراً من تبني الدولة للنسويّة والتنوير) أبواباً واسعة أمام قوى ظلامية سلفية تنعّمت بأموال النفط للقضاء على الشيوعية. وكانت الولايات المتحدة منذ الخمسينيات شريكة أساسية في بناء الإسلام الرجعي حول العالم، بالتعاون مع الملك فيصل ومرشده بن باز. لكن المرحلة المتقدمة في الفتنة بين السنّة والشيعة بدأت بعد الغزو الأميركي للعراق، أو تحرير العراق كما يسمّيه بلال خبيز المفتون بمدينة تل أبيب. (وصلت رسالة خبيز إلى عنوانها المقصود، أي الصهاينة، وترجمت مواقع صهيونية على الإنترنت في الغرب رسالة غرامه بتل أبيب كاملة، التي نُشرت في «ملحق النهار» الذي يجزم أن ميشيل كيلو هو السجين السياسي الوحيد في العالم العربي، وأثبتها موقع مارتن كريمر الليكودي. لكن خبيز ليس وحده: فنشرة «المستقبل السلفي» وموقع «ناوحريري» بدآ في وقت واحد في نشر مقالات تدعو للسلام والوئام مع دولة العدو الصهيوني، وأبدى اليساري السابق الهائم بالزيدانيّة حماسة مميّزة في الموضوع).
قامت استراتيجيا الحرب الأميركية على العراق على أساس محض طائفي. وقد اعتبر تقرير لمجموعة الأزمات الدولية صدر قبل عام أو أكثر أن الصراع الطائفي والمذهبي هو نتاج لسياسات محدّدة لسلطة الاحتلال الأميركي. حتى لو عدنا إلى تقرير «الفصل النظيف» الشهير، الصادر عن زمرة ليكوديّة أميركية ـــ وقد حُمِّل أكثر مما يحتمل ـــ لوجدنا حجة وتفسيراً طائفياً ومذهبياً لخطط الاحتلال. قسّم الاحتلال الشعب العراقي شراذم وقبائل وعشائر وشيعاً وطوائف وحارات، واستعان بفريق من الانثروبولوجيّين المزروعين، مثلهم مثل الصحافيّين المزروعين في صفوف قوات الاحتلال: الليبراليّون العرب وجدوا في الهوية العشائريّة تعبيراً عن تنوير مستحدث، مع أن صحيفة «الواشنطن بوست» اعترفت أخيراً ومتأخرة بأن سياسة الصحوات ودعم العشائر ساهمت في زيادة قمع المرأة العراقيّة. رأى المحتلّ أن صدّام ظاهرة سنّيّة، مع أنّ حزب البعث اعتمد في طغيانه على تحالف متعدّد الطوائف، كما أنّ قمع صدّام لم يميّز على أساس الطائفة أو العرق: الكلّ مُستهدف دون استثناء. الاحتلال تعامل في خطّته للغزو مع تحالف مفترض من أعداء صدّام من الكرد والشيعة. ولعب السيستاني دوراً مهمّاً في تسهيل الحرب والاحتلال، وإطالة أمدها.

قلي لي احبك
كي تزيد قناعتي اني امرأة
قلي احبك
كي اصير بلحظة .. شفافة كاللؤلؤة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03959 seconds with 11 queries