عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #5
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


الفصل الثاني
الدولة الإسلامية
يدّعي المسلمون أن الإسلام دينٌ ودولة، وفي القرآن و السنة ما يكفي من القوانين لحكم دولة المسلمين، ولا تحتاج هذه الدولة لقوانين وضعية، يصوغها الناس المحكومون أنفسهم. والمفكر المصري سيد قطب، أحد مؤسسي جماعة الأخوان المسلمين في مصر، قال: " الله، وليس الإنسان، هو الذي يحكم. الله هو مصدر كل السلطة، بما فيها السلطة السياسية. والفضيلة، وليست الحرية، هي أقيم المثُل الإنسانية. ولذا يجب أن يكون قانون الله، وليس قانون الإنسان الوضعي، هو الذي يحكم أي مجتمع".[1] فلننظر الآن كيف تكونت الدولة الإسلامية وما آلت إليه اليوم، بسبب قانونها الإلهي.
قبل ظهور الإسلام كانت مناطق نجد وتهامة والحجاز تسكنها قبائل رعوية، بدوية تخضع كل قبيلة منها لحكم شيخ القبيلة، ثم ابنه الأكبر بعد موته. وأما مكة والمناطق التي حولها فكانت تسكنها قبيلة قريش، بأفخاذها وبطونها المختلفة. ورغم ثراء قريش من التجارة ورعاية الكعبة، ورغم اختلاطهم بنظم الحكم المختلفة في البلاد التي كانوا يتاجرون معها، فقد حافظوا على نظام حكم شيخ العشيرة وظلوا متفرقين. ولم يتمكن محمد بن عبد الله من تكوين دولة إسلامية حتى هاجر للمدينة.
أنشأ الرسول دويلة صغيرة في المدينة بعد أن أصلح بين الأوس والخزرج ( الأنصار) وبين المهاجرين معه من مكة، وأصبح لكل مهاجر أخ من الأنصار يقاسمه ماله وعمله. وكتب صحيفةً المشهورة التي عقد بها عهداً مع يهود المدينة أمنّهم بها على حياتهم وأموالهم شريطة أن لا يتعاونوا مع عدو ضده، وأن ينصروا المسلمين إذا داهمهم عدو. و كان الرسول هو رئيس هذه الدويلة وقاضيها وقائد جيشها. وكان الرسول يعرف معظم سكان دويلته بالاسم. وكان إذا خرج في غزوة نصّب أحد الرجال حاكماً على المدينة لحين رجوعه إليها. كان للرسول مجلس استشاري خاص يتكون من الصحابة المقربين من أمثال عمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب وعثمان بن عفان وأبي بكر الصديق وعبد الرحمن بن عوف. وكان الرسول إذا أرسل سرية لغزو أحد القبائل، أمّر عليها أحد قادته الموثوق بهم.
وكانت هذه السرايا والغزوات هي مصدر الرزق الرئيسي للدويلة الجديدة، إذ لم يكن عرب مكة والمدينة يمتهنون الصناعة أو الزراعة. وبدأت هذه السرايا باعتراض قوافل قريش والسطو عليها وأخذ ما أمكن من الغنائم منها. ثم نزلت الآية : " وأما تخافنّ من قوم خيانةً فانبذ إليهم على سواءٍ إن الله لا يحب الخائنين "[2]. فكانت هذه الآية هي الإذن للرسول بحرب اليهود، فوجه الرسول جيشه على يهود المدينة بدءاً ببني قينقاع، فأجلاهم عن المدينة وأخذ أموالهم وزرعهم. ثم دارت الدورة على بني قريظة الذين قُتل رجالهم وسُبيت نساؤهم وأطفالهم. ثم غزا بقية اليهود من يهود خيبر ويهود بني المصطلق
وبعد الخلاص من اليهود استمرت الغزوات على بقية القبائل العربية التي دانت بالإسلام، واحدةً تلو الأخرى. وبعد أن أسلمت قبائل العرب بعث الرسول برسائل لرؤساء الدول المجاورة يدعوهم للإسلام، فاستجاب بعضهم لدعوته كالمنذر بن ساوي، أمير البحرين، ورفض بعضهم، كملك الروم والمقوقس صاحب مصر، الذي أرسل للرسول هدايا من ضمنها مارية القبطية، أم إبراهيم. أما شرحبيل أمير غسان فقد قتل سفير الرسول الحارث بن عُمير الأزدي.
لم يكن بهذه الدويلة بيت مال للمسلمين تُحفظ فيه الأموال التي أصابوها من غزواتهم أو جمعوها من الزكاة، فكانت الأموال توزع على المشاركين في الغزوة بعد أن يُخصم منها الخمس، وهو نصيب الله ورسوله. ولم يكن بالطبع هناك أي جيش نظامي تمده الدولة بالسلاح والعتاد، وإنما كان المفروض على كل جندي أن يُحضر سلاحه وزاده وراحلته. وحتى قبل وفاة الرسول ببضعة أشهر، عندما أراد غزوة تبوك، جاء إليه جماعة من المتطوعين لا يملكون دواباً يترحلون عليها، وطلبوا منه إمدادهم بالدواب اللازمة، فلم يكن باستطاعته أن يمدهم بها، فبكوا لكونهم سيتخلفون عن الغزوة، فسموا بالبكائين. وكان غذاء الجيش في هذه الغزوة يتكون من التمر فقط.
وكان الرسول هو القاضي الذي يحكم بينهم بالعدل ويقبلون حكمه: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً "[3]. وكانت القضايا بسيطة، حسب بساطة الحياة، فما كانت تستدعي غير شاهدين عدلين من رجالهم، وكان الحكم نهائياً، لا استئناف فيه، إذ كان الرسول يستمد أحكامه من القرآن، وإذا جابهته مشكلة لم ينزل بها قرآن ٌبعد، كان جبريل حاضراً عنده بعد حين بالحكم الإلهي الأمثل.
وألمت بالرسول وعكة شديدة في العام الحادي عشر بعد الهجرة، وكان يغيب عن الوعي فترة ثم يصحو، وفي إحدى صحواته قبل أن يموت، قال للحاضرين، وفيهم عمر بن الخطاب: " ائتوني بدواةٍ وقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي" [4]. فقال لهم عمر: " قد غلبه المرض، حسبنا كتاب الله "، واختلفوا فيما بينهم، منهم من يقول آتوا له بالقلم، ومنهم من يقول لا. وارتفعت أصواتهم بالجدال مما أضطر الرسول إلى طردهم من غرفته، ومات دون أن يترك لهم وصيةً بمن يخلفه، أو كيف يختارون خليفةً من بعده.
و بموت الرسول فقد المسلمون قائدهم ومرشدهم وقاضيهم ومصدر قانون دولتهم الجديدة. ولما كانت معظم القبائل، بما فيها قريش، قد دخلت الإسلام تحت حد السيف، ولم يكن الإسلام قد ترسخ فيهم بعد، ارتد بعضهم عنه. وأول من ارتد كانت قبائل في اليمن يتزعمها عيهلة بن كعب العنسي، المعروف بالأسود العنسي. ثم ارتدت اليمامة بقيادة مسيلمة بن ثمامة ( مسيلمة الكذاب).
ولدرء هذا الخطر كان لابد للمسلمين من اختيار خليفة للرسول يقود الدولة الحديثة قبل أن تتفتت، ولما لم يكن الرسول قد ترك لهم طريقة لاختيار خليفته فقد لجاءوا إلى الطريقة التي عرفوها قبل الإسلام – التحزب القبلي. وظن الخزرج أن الخليفة سيكون منهم لأنهم هم الذين نصروا الرسول عندما كان مستضعفاً في قريش، ولولاهم لما ساد الإسلام. فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، واختاروا زعيمهم سعد بن عبادة. والمهاجرون من جانبهم اعتقدوا أن الخليفة يجب أن يكون منهم، اعتماداً على حديث الرسول " الأئمة من قريش " [5]. وكذلك الحديث " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى منهم اثنان ". وكاد زمام الأمور أن يفلت وتشتعل الحرب بين الأنصار والمهاجرين لولا أن انحاز الأوس إلى المهاجرين فرجحوا كفتهم. ووقتها بايع عمر أبا بكر الصديق، فبايعه بقية المسلمين الحاضرين، ما عدا علي بن أبي طالب، وعمه العباس، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام.
ولما لم يكن للدولة الجديدة أي نظام لاختيار حكامها، فقد أقر العلماء الطريقة التي تمت بها بيعة أبي بكر، أي تنعقد البيعة ببيعة واحد يتبعه الحاضرون في بلد الأمام، ولا تتوقف على الغائبين عنها. وهذا يعني إهمال كل المسلمين الذين يسكنون خارج مدينة الإمام، وهم الغالبية. وأقر العلماء هذه الطريقة لاختيار الإمام رغم أن الإسلام يقول: " وأمرهم شورى بينهم "، و " شاورهم في الأمر ". فأصبحت الشورى استشارة القلائل وإهمال الكثرة. فكانت بيعة أبي بكر بداية الشقاق بين المسلمين ولم يمض على إنشاء دولتهم أكثر من عشرة سنين.
أما بني أمية الذين حاربوا الرسول بقيادة زعيمهم أبي سفيان بن حرب، لم يكن لهم أمل في الخلافة ولكنهم سعوا في إشعال نار الفتنة والخلاف بين أبي بكر وعمر بن الخطاب من جهة، وعلي بن أبي طالب وبني هاشم من الجهة الأخرى. فخرج معاوية يصيح: " إني لأرى عجاجة لا يُطفئها إلا دمٌ. يا آل عبد مناف، ما بال هذا الأمر في أقل حيّ من قريش؟ ". وذهب إلى علي بن أبي طالب وقال له: " ابسط يدك أبايعك، فوالله لو شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجالاً "، وكان يقصد أبا بكر.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05207 seconds with 11 queries