عرض مشاركة واحدة
قديم 14/11/2007   #19
شب و شيخ الشباب فاوست
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ فاوست
فاوست is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
في وطني السليب
مشاركات:
655

افتراضي


د
مع مرور الوقت راح محدثنا يشهد على وقائع تؤكد له أن "تنبؤات" الشيخ حقيقة اكثر من كل مخاوفه. لذا راحت كاريزما الشيخ وهيبته تنتشران بين نزلاء الغرفة، الذين بدأوا بالاقلاع عن تحفظهم وتحولوا تدريجياً أتباعاً خلصاً للشيخ يعبرون عن حماستهم له على الملأ. فقد كان لكلام الشيخ وقع مؤثر في نفوسهم، ولا سيما حين راح يخبرهم قصص سجناء آخرين كان التقى بهم في سجن أخر قبل شهر من نزوله بينهم، وكيف ان أبواب السجن راحت تفتح في وجوه هؤلاء ما ان صفت نياتهم وعزموا على "الجهاد في العراق نصرة لدين الله".
وتابع الشيخ قيامه بما يشبه استدراج العروض للجهاد في العراق من غير أن يفصح للراغبين عن الطريقة التي سيتمكنون بها من الخروج من السجن. وحين كان يسأله أحدهم عن ذلك كان يجيب "اعزم وتوكل فلا شيء يسعه الوقوف في وجه إرادة ربك". هكذا، فجأة ومن غير سابق تمهيد، بدأت الاستدعاءات تصل إلى الراغبين في الجهاد، فيتم نقلهم من السجون إلى مراكز توقيف أخرى يمضي واحدهم فيها ما لا يزيد على الشهر، قبل ان يغادر إلى العراق.
يرفض محدثنا فرضية ان يكون الشيخ عميلاً للاستخبارات السورية، وخصوصاً انه بعد خروجه من السجن تمكن من معرفة الكثير عن الشيخ، وكل المعلومات تؤكد انه من الصعب أن يكون جهاز الاستخبارات قد جنده ليجند بدوره السجناء ويحثهم على الذهاب إلى العراق. ما يرجحه محدثنا فرضية من اثنتين: أما أن يكون قد تم أستخدام الشيخ من غير علمه، على الوجه الذي يلبي ارادة النظام السوري وحاجاته، أو ان الشيخ كان يعلم انه يُستخدم، وموقناً أنه بعمله هذا ينال الثواب من الله، ويساعد اخوته السجناء. فهو أولاً يخلصهم من ظلم "نظام كافر" ومن ثم يفتح لهم باب الجهاد. وهذه الفرضية الأخيرة أقرب إلى التصديق في رأي محدثنا. فقد توفرت لديه معلومات بعد خروجه من السجن عن قيام جهاز ادارة السجون السورية باختيار عدد من خيرة الدعاة الإسلاميين في سجونها وعملت على نقلهم المتكرر بين السجون ووضعهم في الغرف التي يقبع فيها إسلاميون. وهؤلاء الدعاة يملكون كل مستلزمات الدعوة الى الجهاد، والكاريزما وفن الإقناع. وكل ما على السجانين فعله هو التغاضي عن نشاط هؤلاء الدعاة داخل السجن، وملاقاة الجهد الذي يبذلونه بتسهيل الإفراج عن الراغبين في الجهاد وتلزيم إيصالهم إلى العراق إلى جهاز آخر يتصدر اسلاميون متشددون واجهته، ويقبع في الخلفية ضباط وعناصر من الاستخبارات مولجون بهذه المهام.
تتقاطع هذه الرواية مع روايات أخرى لسجناء آخرين يخبرون فيها كيف كان يُستدعى بعض رفاق الزنزانة بذريعة الذهاب إلى التحقيق او الى المحاكمة أو لنقلهم الى سجن أخر، ليكتشفوا فيما بعد أنه تم الإفراج عن هؤلاء المساجين الذين توجهوا مباشرة بعد اطلاق سراحهم إلى العراق، من غير ان يتاح لهم حتى مجرد الاتصال بأهلهم لإخبارهم. وهذا ما يفسر شيوع ظاهرة اختفاء عدد من السجناء من السجون السورية وبقاء أهل هؤلاء المختفين شهوراً من دون معرفة مصير أبنائهم الذين يستمرون في البحث عنهم في السجون السورية التي تنتشر في طول البلاد وعرضها، ليعلموا متأخرين عبر أحد المرسلين من جانب أولادهم بأنهم خرجوا من السجن وصاروا في العراق.
طبعاً ليس من وثائق تثبت ما يقوله سجناء سابقون وعارفون بأساليب عمل الاستخبارات السورية. فضلوع النظام الامني السوري في تحويل سجونه ساحة لتجنيد الأرهابيين يستحيل أن يكون موثقاً. والمطالبون بوثائق، ولو أنهم يقدمون أنفسهم طلاب حقيقة، لا يخلو طلبهم هذا، بحسب السجناء السابقين، من خبث ما، بهدف تبرئة النظام في سوريا ليس إلا. فالجميع يعلم أن أموراً كهذه لا يتم توثيقها، وان مقايضة كهذه لا تتم في حضور كتاب عدل ولا تجري وفقاً لعقود قانونية مكتوبة.
قصص الأهل الذين اختفى أبناؤهم فجأة من السجون السورية يخبرها أحد السائقين العاملين في النقل البري على خط لبنان – سوريا – الأردن – العراق. روى السائق أنه التقى أكثر من مرة من طريق عمله، بأهالي سجناء سابقين في سوريا يبحثون عن أبناءهم في العراق. أحد السجناء الذي أعتقل لمدة تسعة أشهر العام الفائت في سوريا ينقل عن سجين آخر كيف ان زميلاً له في الغرفة استدعي لنقله إلى سجن أخر، ثم انقطعت أخباره، ليعلم فيما بعد ان زميله "أستشهد" في العراق. اما كيف ذهب الى هناك وكيف خرج من السجن ومن تكفل بالعملية، فلا أحد يعلم. وجل ما يعلمه السجناء السابقون انهم اعتادوا، منذ سقوط نظام صدام حسين، على ظاهرة اختفاء سجناء من بينهم ليكتشفوا لاحقاً أن هؤلاء صاروا في العراق وان بعضهم قد قتل. ولكثرة ما تكررت مثل هذه الأمور، صار السجناء يتندرون في ما بينهم، لحظة المناداة على سجين لنقله إلى سجن أخر، فيقول احدهم لزميله الذي نودي عليه: "سلّم على الشباب في العراق".

"سلّم على الشباب في العراق" كان يقول السجناء السابقون في وداع زميل لهم لحظة المناداة عليه لنقله إلى سجن آخر، قبل الانسحاب السوري من لبنان. لكن اليوم ربما صار على السجناء ان يعرفوا مسبقاً وجهة زميلهم قبل تحميله السلامات. ذلك ان العراق لم يعد الوجهة الوحيدة التي يرسل إليها الإرهابيون من سوريا. فإلى العراق اضيف لبنان كوجهة يحتمل ان تكون وجهة الارهابيين. وظاهرة تنظيم "فتح الإسلام" الإرهابي هي دليل راجح على ذلك. ومما بات معروفاً الآن ان من القادة الميدانيين لإرهابيي "فتح الإسلام"، ثلاثة اعضاء كانوا سجناء سابقين في السجون السورية، منهم قائد التنظيم شاكر العبسي الذي سبق مجيئه الى لبنان خروجه من السجن في سوريا، اضافة الى أبو هريرة وصدام ديب. وهذا الاخير تولى الداعية فتحي يكن مهمة نقله من سوريا إلى لبنان في سيارته الخاصة.
وينقل بعض السجناء السابقين في سوريا بعدما أفرج عنهم قبل الانسحاب السوري من لبنان، أن تجنيد السجناء وإرسالهم إلى لبنان كانا يجريان على أيامهم، لكنه بقي وقتها مقتصراً على تجنيد المخبرين الذين كانوا ينتقون السجناء من جنسيات مصرية وسودانية وحتى صومالية ممن لا يمكن ان يثيروا شبهة اللبنانيين حول كونهم مخبرين لمصلحة الاستخبارات السورية. كان هؤلاء يعتقلون وهم في طريقهم للدخول الى لبنان خلسة، فيجري احتجازهم ولا يتم الإفراج عنهم إلا بعد استيعابهم من أحد أجهزة الاستخبارات الكثيرة في سوريا ليجري بعد ذلك فرزهم وإرسالهم إلى لبنان شريطة بقائهم على اتصال مع أحد مراكز الأمن السورية في لبنان. حتى ان بعض ضباط الاستخبارات السورية كانوا يستعملون نفوذهم أحياناً في التوسط لإيجاد أعمال لهؤلاء بناء على حاجتهم الى مخبرين في أماكن محددة. ويجمع سجناء سابقون على انهم شاهدوا بعد الإفراج عنهم عمالاً مصريين وسودانيين يعملون في مهن مختلفة في لبنان، بعدما سبق ان التقوهم في السجون السورية خلال فترة سجنهم. وفي هذا المجال يذكر أحد محدثينا السجناء واقعة توسط أحد العمال الأجانب المصريين له لدى أحد فروع الاستخبارات في لبنان على أثر إشكال وقع فيه بعد خروجه من السجن. سجين آخر يعقب قائلا أنه لم يكن امام هؤلاء آنذاك، اذا ارادوا العمل في لبنان، سوى الرضوخ لإرادة جهاز الاستخبارات السوري، حالهم حال اللبنانيين الذين لم يقووا على مقاومة تسلط جهاز الاستخبارات السوري. فكيف بأولئك الذين بسبب وضعهم غير القانوني يبقى سيف السجن أو الترحيل من لبنان، مسلطاً على رؤوسهم ولا يملكون حماية من سلطة القانون اللبناني؟! لذا يخضعون لسلطة جهاز الاستخبارات السوري ويتعاونون معه، ليبادلهم تعاونهم بتقديم الحماية لهم من تعقب جهاز الأمن العام اللبناني.
كان هذا قبل الانسحاب السوري من لبنان. يومها كانت سوريا تحتل لبنان وتسيطر على كل مقدراته وكانت الحاجة السورية في هذا البلد لا تتعدى الحاجة إلى مخبرين واتباع. والمعروف ان مراكز الاستخبارات السورية وسجونها في لبنان كانت تغص بالكثيرين من هؤلاء. وما المانع من ان تكون الاستخبارات السورية اضطلعت في تجنيد هؤلاء البائسين وارسالهم الى العراق، لتعيدهم، بعد جلاء الجيش السوري عن لبنان للعمل فيه. فبعد الانسحاب تبدلت حاجات الاستخبارات السورية وأهدافها في لبنان، تبعاً لتغيير نظرتها إلى الواقع اللبناني الذي تقف منه اليوم موقف العداء على ما يتبين من متابعة سريعة لسلوك النظام السوري ومواقفه.
وان كان عمل جهاز الاستخبارات السورية لا ينفصل عن التوجه العام للنظام، فالسؤال الذي يفرض نفسه اليوم في ضوء تبدل النظرة السورية إلى لبنان بعد 27 نيسان 2005، التاريخ الرسمي لخروج الجيش السوري منه، هو الحاجات المستجدة للاستخبارات السورية في لبنان. بعض العارفين يجيب عن هذا السؤال بطريقته الخاصة بالقول: "لو كانت أجهزة الاستخبارات تنشر إعلانات في الصحف تعلن فيها عن حاجاتها، فان هذه الاعلانات ستكون على النحو الآتي: "نظراً الى تبدل الحاجات والى الفائض الكبير في عدد المخبرين في لبنان، فان جهاز الاستخبارات السورية، فرع العمليات الخارجية، يعلن عن حاجته إلى مخربين في لبنان".
عليه فمن تابع مواقف حلفاء سوريا اللبنانيين لحظة صدور القرار اللبناني بالقضاء على تنظيم "فتح الإسلام"، والتي سعت في مجملها إلى تأمين غطاء سياسي للإرهابيين، جاز له القول إن مخبري الأمس يغطون مخربي اليو

الحرية لسوريا من الإحتلال الأسدي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03937 seconds with 11 queries