[توم و جيري]

لك الله يا غزة هاشم..!

"أتمنى أن أستيقظ في أحد الأيام وأرى غزة وقد ابتلعها البحر"..مقولة مشهرة للصهيوني الحاقد رابين, قالها لأن غزة كانت دائما مشتعلة وملتهبة..غزة هاشم منعت الصهاينة من معرفة الراحة والهدوء وكبدتهم الخسائر الجسيمة..غزة اليوم محاصرة حصارا لم يشهد له التاريخ شبيها.إن الموت البطيء الذي يعاني منه أطفال ونساء وشيوخ ومرضى غزة من جراء هذا الحصار الظالم الذي يفرضه الكيان اليهودي على كل ما يديم الحياة فيها جاء وللأسف بمشاركة عربية إسلامية رسمية صرفة لإدامة هذا الحصار عبر إغلاق المعابر والممرات والمنافذ الحدودية على حدود الدول العربية. وها نحن نرى ونسمع كل يوم وسائل الاعلام، وهي تطالعنا بأصناف من العذاب وألوانٍ من المجازر تصب على إخواننا في غزة صبا؛ قصف وقتل، سجن وأسر، تجويع وترويع، حصار ودمار، كل ذلك وغيره كثير، ويوميا وبلا توقف يصيب ابناء شعبنا الفلسطيني بأيدي اليهود الصهاينة المعتدين، وبمباركة وتأييد وأسلحة أمريكية، وبصمت عربي وإسلامي ودولي قل أن تجد له مثيلاً في تاريخ البشرية..ان هذا الحصار العربي وأقول الحصار العربي لأنه بالفعل لم يعد حصاراً إسرائيلياً بل هو حصار عربي بامتياز، يتم تنفيذه بإحكام وحزم يحسدنا عليه أعداؤنا الذين صنعوا الحصار. الرئيس ابو مازن والحصار: بدلا من يقوم السيد الرئيس محمود عباس باتخاذ كل الوسائل مستغلا صلاحياته كرئيس لفك الحصار ورفع المعاناة عن ابناء شعبه, يطل علينا بتصريحات مؤلمة ولسان حالنا يقول"وظلم ذوي القربى"..فردا على سؤال حول تقييمه لسفن كسر الحصار التي تصل الى غزة قال:" هذه لعبة سخيفة اسمها كسر الحصار..السفن تنطلق من ميناء لارنكا القبرصي..صحيح, أولا السفارة الإسرائيلية تأخذ كل جوازات سفر من سيركب السفينة للتأكد من هويات المسافرين ثم تتفحص ما ستحمله السفينة من مساعدات..ثانيا, قطع البحرية الإسرائيلية تعترض طريق هذه السفن وتتأكد من الموجودين على السفينة والبضائع المحملة، قبل ان تسمح لهم بمواصلة الرحلة الى غزة..فأين هو كسر الحصار؟ حصل أن بعض الدول قالت انها ستبعث سفنا..اين هي تلك السفن؟..وتابع السيد ابو مازن:"وبعدين اذا كنت تريد إرسال مساعدات الى غزة لماذا لا ترسلوها عبر مصر أو الأردن..مصر توصل كل شيء وكذلك الأردن, وبالتالي فان هذه دعاية كاذبة ورخيصة ومزاودة لا أول لها ولا آخر..اذا من يصل من لارنكا مراقب بل موافق عليه". سيادة الرئيس:بلاشك ان العمل الإنساني النبيل البطولي من قبل أفراد حملات الإغاثة الدولية التي وصلت إلى سواحل غزة محطمة الحصار، يعتبر درسا عمليا مؤثرا في نصرة الإنسان لأخيه الإنسان، مهما كان الدين والعرق؛ ودرسا للعرب المستسلمين الضعفاء، وفضحا للأنظمة التي تتفاخر بالتمسك بالمنهج الديني وبالانتماء القومي، وبالكرم العربي وبالتباهي بتقديم المساعدات للدول المتضررة في العالم. التي أصيبت بالعمى والصمم بما يقع بالقرب منها في غزة، والتي عجزت عن تقديم أي دعم للشعب الفلسطيني الغزاوي، أو القيام بأي مبادرة لفك الحصار وإرسال معونات وأغذية للقطاع، وممارسة الضغط الدولي على دولة الاحتلال والعدوان. وفي تعقيبه على تصريحات السيد ابو مازن أعرب أسامة قشوع أحد منظمي حملة "غزة الحرة"عن أسفه لهذه التصريحات وقال كان من المفروض ان يقوم الرئيس الفلسطيني بدعم هذه المبادرات عوضا عن التشكيك فيها,ونفى قشوع وجود اي تنسيق، او تعاون مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، حول هوية الاشخاص، او الحمولة التي تحملها السفن, وأضاف قائلا: إن الشعب الفلسطيني بحاجة الى مثل هذه المبادرات والى دعم اعلى هرم في السلطة والمتمثل بالرئيس عباس. شيخ الأزهر والحصار: "غزة إيه وحصار إيه..حصار إيه وقرف إيه..إسرائيل عاملة حصار على غزة وإحنا مالنا"..هذا ما صرح به سيد طنطاوي الذي يقف على رأس هرم أكبر مرجع اسلامي سني الا وهو الجامع الأزهري..هذا الشيخ الذي قام بمصافحة رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريس في مؤتمر ما يسمى حوار الأديان والذي انعقد مؤخرا في نيويورك والذي دعا اليه الملك السعودي وبرعاية امريكية, وبعد أن تعالت الأصوات المطالبة باستقالة طنطاوي نتيجة لتصرفه الأحمق هذا قال لأحد الصحافيين:"أنا سلمت على عدد من الأشخاص لكن الوجه ده مش غريب علي، وافرض إني باعـــرفه..دي فيــــها إيه؟ افرض إن أنا اللي سلمت عليه، اتهدت فلســـطين؟ ليه ما هو من دولة إحنا معترفين بيها، ومن شهرين كان هنا وقاعد مع الرئيس، إنتم ردوا، بتسألني السؤال السخيف ده ليه؟ إيه يعني لما واحد سلم على واحد؟..انه فعلا عذر أقبح من ذنب..ولا أعرف هل أبكي أم أضحك؟. أيها الشيخ"الفضيل",أقول لك ولرئيسك بأن أطفال غزة مر بهم العيد، العيد مر من هنا، ولكن الفرحة لم تكن في حواشيه والبسمة لم تكن مسكونة فيه، لقد كان مناسبة للبكاء على الأطلال، أطلال أمة كانت ذات يوم تفرض احترامها على العالمين، أمة سار ملوك العالمين نحوها طوعاً يؤدون الخراج.وأذكرك وأذكر رئيسك ايضا بأن اتفاقية المعابر التي وقعتها مصر تفرض التزامات متقابلة، منها أن تعمل المعابر بشكل متواصل‏,‏ وأن تسمح"إسرائيل" بتصدير جميع المنتجات الزراعية بالقطاع‏,‏ وأن تضمن انسياب حركة مرور الأشخاص والبضائع والمنتجات عبر المعابر التي تصل الأراضي الفلسطينية ومنها أيضا النص على تشغيل ميناء غزة مع تعهد"إسرائيل" بعدم التدخل في عمله‏.. ولأن"إسرائيل" لم تف بشيء من تلك الالتزامات فإن من واجب مصر إما أن تنهي هذه الاتفاقات من جانب واحد أو أن توقف العمل بها‏. ومن العجائب يا شيخنا ويا زعماء هذه الأمة, أن تكون مشاعر بعض الشعب البريطاني ـ رغم مسؤولية حكومتهم في قيام دولة العدوان على ارض فلسطين من خلال وعد بلفور المشؤوم ـ أكثر إنسانية وتأثرا بما يحدث في غزة من مشاعر العرب الخاضعة، إذ قام عدد من الطلبة البريطانيين في جامعة اوكسفورد، بحملة احتجاجية وهتفوا ضد رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريس أثناء إلقائه محاضرة في الجامعة، وهتفوا في وجهه وهو ضيف في بلادهم بأنه: مجرم وقاتل، وانه يقوم بعملية قتل جماعي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة <وأنهي بقول من قال:اذا كان رب البيت بالدف ضاربا**فشيمة اهل البيت كلهم الرقص..!. هاني شاكر والحصار: من المعروف أن الفنان هاني شاكر قام باحياء حفل غنائي دعما ليوم السياحة الفلسطيني رابع أيام عيد الأضحى الأخير ودعما لفك الحصار عن غزة على حد أقواله..ومن المعروف ايضا أن تكلفة استضافتة بلغت حوالي 160 ألف دولار وقد حضر الحفل الاف الأشخاص.والسؤال الذي يطرح نفسه, هل نحن بحاجة الى عروض استعراضية في الوقت الذي يعاني فيه شعبنا وأينما تواجد الويلات..فالضفة محتلة وحملات الاعتقالات والقتل والارهاب وهدم المنازل ومصادرة الأراصي على قدم وساق..وغزة هاشم تموت جوعا وعطشا ومغلقة عليها كل الأبواب والنوافذ..انه توقيت متعمد لاحياء مثل هذا الحفل في مدينة أريحا وذلك لكيد غزة المحاصرة..فهنيئا لكم يا قادة الشعب..!. فعلا, شتان ما بين الثرى والثريا..فعندما قامت الفنانة الملتزمة جوليا بطرس بغناء أغنيتها المشهورة"وين الملايين" والتي حفظها العرب عن ظهر قلب لم تلاقي ترحيبا في الأوساط الرسمية,لأن كلماتها محرجة للموقف الرسمي العربي الصامت والمتخاذل..جوليا بطرس في اغنيتها هذه كانت تلهب مشاعر الجميع, وكانت مزعجة جدا للبعض..فالإذاعات العربية كانت تذيعها على حذر وفي أوقات اللزوم فقط ..ثم تقوم باخفائها بعد زوال الغرض.
الشرف العربي وين؟ ذكرتنا بأن لنا شرف ونحن ننساه ونتناساه عامدين..الغضب العربي وين؟ وهل يغضب الزعماء العرب..لا شيء يغضبهم, فقد ضاع كل شيء ولم يغضبوا..الشعب العربي وين؟ لقد ضبع الزعماء العرب شعوبهم, ولم يعد بمقدورهم النقد وحتى الكلام, فالزعماء العرب "أمر من الله"..الدم العربي وين؟ لقد تغير لون الدم العربي ولم يعد صالحا لنقل أوكسجين الحياة الكريمة والشريفة.
طافت اغنية وين الملايين بالوجدان العربي كله ووحدته رغم انشطاره الشهير..فعلت ذلك مع مجموعة أغان رافقتها مثل " يا حمام القدس"..كانت بديلا للقصائد التي تخاذلت وانشغلت بالتخاريف وخانت الشرف العربي والدم العربي. وين الملايين؟ الله معانا أقوى وأكبر من بني صهيون..يشنق يقتل يدفن يقبر أرضي ما بنهون..دمي الأحمر راوي الأخضر في طعم الليمون..نار الثورة تقوى تصعد نحنا المنتصرين..نعم يا"جوليا", وين الملايين لانقاذ غزة وفك الحصار عنها. وصدق من قال: أقول من التعتب:ليت شعري**أأيـقاظ أمـيـة أم نيـام..فإن كانـوا لحينهم نيـامًا**فقل:قـوموا؛ فقد حان القيام. هل يعقل أن تستمر المجازر يوميا في غزة في حين أن الأنظمةَ العربيةَ والإسلاميةَ تقف مكتوفةَ اليدين، وتمارس حياة الترف، وكأن الذين في غزة ليسو عربا ولا مسلمين ولا بشرا؟هل يعقل أن يصل الحال في غزة إلى أن يطلبوا من الأنظمة العربية أن ترسل لهم أكفانا ليدفنوا شهداءهم؛ إذْ نفدت الأكفان بعد أن نفذ الطعام والشراب، والدواء والكهرباء، والوقود وكل شيء؟ هل يعقل أن تستقبل العديد من الدول العربية الرئيس الأمريكي بحفاوة منقطعة النظير، وهو الشريك الأكبر والفاعل المؤثر في المجازر التي ترتكب في غزة وفلسطين والعراق وغيرها؟
وكيف طابت النفوس أن تضاحك وتسامر بل وتراقص من كان سببا في سفك دمائنا وحصار إخواننا، وتدمير بلادنا ونهب ثرواتنا؟ ولكن وكأني بالشيخ أحمد ياسين- رحمه الله- وهو يخاطب هذه الأمة بعد محاولة فاشلة لاغتياله عام 2003م، ويستثير عزتها وكرامتها، وشرفها وإباءها ونجدتها، فيقول"أحقا هكذا أنتم أيها العرب؛ صامتون عاجزون، أو أموات هالكون"؟. وفي الختام أقول لاخواننا في غزة هاشم:"غزة قومي وأزيلي عنك ثوب العزاء، كفكفي الدمع فما عاد يجدي صريخ أو نداء، وارتدي عمامة عز فمكانك مقام الشرفاء، لا تملّي من ردِّ عدو لفه الذعر وقيده الشقاء، أنت للصمود رمز وأم لآلاف الشهداء، إن يغب عنك بنوك فهم في الملعب سجناء، يا بني الإسلام أفيقوا وارتدوا ثوب الرجاء، فلعل الله يغفر ما عهدتم من بعدٍ وجفاء".

د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة