الموضوع: ثلاثائيات
عرض مشاركة واحدة
قديم 21/10/2008   #79
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


طوبى ليومِك وطوبى للثلاثاء الذي صار واحةً تقصدُها قوافلُ القرّاء من كلّ مكان!

تحيّة عابقة بالتقدير والحُبّ، أمّا بعد.

صباحُك كان له وقعٌ جميل في نفسي، فبرغمِ انتمائك، لم تتوانَ عن الوقوف في وجه عادةٍ باليةٍ فسدتْ وفاحتْ روائحُها! وغدتْ من ماضٍ يريدُ البعضُ تأوينَه، لا بل يريدُ أن يجعلَ منه حاضراً بلا انتهاء!
كلمتُك في مواقف الدينيّين جاءتْ كسيفٍ قطعَ نزعاتهم. فكيفَ استطاعوا أن يجمعوا بين تلك "المادّة" و"الزّنى"؟! أصلحهم اللهُ وردّهم إلى جادة الصّواب! إنَّ الخوفَ على مقاليد السّلطة التي يرزحُ تحتها الملايين، لهي كافيةٌ أن تغشي عيونَ المُبصرين، فلا يعودوا معها يميّزون بين الخيرِ والشرّ، وبين الشرّ والأشدّ شراً!

وظهرُك غدا شوكةً في حلقِ أصحابِ المكاسبِ، وأبانَ كيفَ أنَّ الجمهوريّة العربيّة السوريّة محكومةٌ -شاءَ من شاءَ وأبى من أبى- بقوى عسكريّة ليس فيها حسٌّ سياسيّ ولا شعورٌ إداريّ ولا حتّى عاطفة قانونيّة (قضائيّة) تدرأ عن أنفسِ مواطنيها ظلماً بغير حساب!
هذا ما بدأ في سنة 1949 وحتّى اليوم.

وعصرُك جاءَ مع رغبةٍ تطيبُ لهمسها الآذانُ وتنتشي بحلولِها القلوب! قالَ المعلّم يوما: "عامل الناسَ كما تُحبّ أن يعاملوك"، و"بالكيلِ الذي تكيلُ يُكالُ لكَ ويُزاد"، وما أُخذَ بالسّيف فبالسّيفِ يُردُّ". وهذا واقعُ اليهودِ والبرلمانيّ اليهوديّ!

وكانَ غروبُك حزيناً، أشاحَ ثوبَ الأفقِ عن وجهِ الغروب، وتركني أتذوّق بقايا عظام الآلامِ فوق الحصائر الفارغة! يموتُ أهلُ السّويد والأميركيون انتحاراً من شدّة البطر والاكتفاء، وعلى الضفّة الأخرى هنالك أعدادٌ لا حصرَ لها، تنفثُ زفرات الموت حالمةً بكسرة خبز أو جرعة ماء!

فأمّا ليلُك أخيراً فوصلَ ما انقطعَ من الغروب. فإنْ كانَ الجوعُ أشعرَك بتلك المهزلة، فالمطرُ أيقظَ فيك جوعاً من نوعٍ آخر.

كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم...
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر، مطر، مطر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِّ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر، مطر، المطر
ومنذ أن كنّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطلُ المطر
وكلّ عامٍ - حين يعشبُ الثرى- نجوع
ما مرَّ عامٌ والعراقُ ليسَ فيه جوع
مطر، مطر، مطر

أيقظتَ جوعَ العراق فيَّ فأمطرتْ عينايَ دمعاً من آلام الرّفاق!

مودّتي .

Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05684 seconds with 11 queries