كان أعظم ممدوحيه في هذه الفترة هو بدر بن عمار فاستقر عنده سنة 328 هجرية وظل معه زمنا نعم في المتنبي بالاستقرار والطمأنينة الذين افتقدهما زمنا ورأى في ممدوحه المثل الشعري الذي ينشده فاخلص له وتقرب منه وانعكس ذلك على لغة المتنبي التي أصبحت أكثر اتزانا ووضوحا وشهد شعره غزارة قلما عرفها المتنبي من قبل ولكن حظوة المتنبي لدى بدر بن عمار خلقت له عداوات بين المقربين للأمير فسرعان مازالت تلك النشوة العابرة في حياة المتنبي وأحس أن قصر بن عمار قد ضاق عليه وربما ضاق المتنبي بطموحات بدر المحدودة فاستأذنه للرحيل.
فكر المتنبي في التوجه إلى العديد من الأمراء في الشام وفي العراق وأغرته تخوم بلاد الإسلام الشمالية لأنها كانت تشهد آنذاك احتكاكا بين العرب الطامحين إلى الفتوحات والروم الذين يريدون استرجاع أراضيهم وهناك يستطيع أن يبث في مديحه تصوراته القومية ويجد متنفسا لرغبته في تعظيم بني جنسه. لذلك اختار أبو الطيب أبا العشائر حاكم أنطاكية ممدوحا له وكان ابن عم سيف الدولة الحمداني. قضى أبو الطيب المتنبي سنة مع أبي العشائر شهد فيها المعارك والتدريبات وسرعان ما جذبته أبهة الحمدانيين فلما التقى بسيف الدولة في أنطاكية لم يترك الفرصة تضيع من بين يديه وعاد معه إلى مركز الحمدانيين في حلب سنة 337 هجري وصار سيف الدولة ممدوحه الذي طالما بحث عنه.
|